أشار رئيس مجلس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، خلال كلمته بمناسبة اختتام زيارة البابا فرنسيس الى العراق، إلى أنّ "هذه الزيارة العزيزة، بكلّ ما حفلت به من مظاهر ترحيب ومن إجماع وطني على إنجاح مقاصدها النبيلة، قد مثّلت نقطةً مضيئةً جسّدت جوهر شعبنا المُحب الصّادق الحضاري المؤمن بقيم العدالة والسلام".
ولفت إلى أنّ "رسالة البابا وصلت إلى كلّ أنحاء العالم، وهو يجول بقلبٍ مفعم بروح الأمل في مدن العراق الحبيبة، ووصلت رسالة شعبنا إلى كلّ شعوب الأرض، لتقول: نحن شعب العراق... شعب التأريخ والحضارة، لقد عانينا الكثير من الحروب، وسال الدم على أرضنا حتّى ارتَوت، ونشر الموت طوال عقود ظلاله السود في منازلنا، وعاثت في ربوعنا غربان السلاح والفساد والإرهاب والكراهيّة، لكنّ مَعدننا الأصيل لم يصدأ، لأنّ روح الحياة وحبّ السلام والتمسّك بالقيم الإنسانيّة لم يصدأ؛ ليس في نفوسنا سوى المعاني الإنسانيّة الكبيرة".
وركّز الكاظمي على "أنّنا قد عشنا سويّةً طوال أكثر من ستة آلاف سنة مضت وما زلنا معًا، نمسك بيد بعضنا بتعدّد أدياننا ومذاهبنا وقومياتنا، كما تماسكت أيادي المرجع الشيعي الأعلى السيد علي السيستاني والبابا فرنسيس"، مشدّدًا على أنّ "العراق رسالة الإنسانيّة والسلام، والعراق تاج التسامح، وبغداد مدينة السلام ومنبر الحركة الفكريّة".
وأوضح أنّ "العراق أمام فرصة حقيقيّة لاستعادة دوره التاريخي في المنطقة والعالم، رغم كلّ العقبات والتحدّيات، وإنّنا كحكومة، متمسّكون بإرادة شعبنا في تحقيق الأمن والسلام والإعمار والازدهار"، معلنًا "أنّنا نطرح اليوم الدعوة إلى "حوار وطني"، لتكون معبرًا لتحقيق تطلّعات شعبنا".
ودعا جميع المختلفين من قوى سياسيّة وفعاليّات شعبيّة وشبابيّة احتجاجيّة، ومعارضي الحكومة إلى "طاولة الحوار المسؤول أمام شعبنا وأمام التأريخ. ندعو قوانا وأحزابنا السياسيّة إلى تغليب مصلحة الوطن والابتعاد عن لغة الخطاب المتشنّج والتسقيط السياسي، وإلى التهيئة لإنجاح الانتخابات المبكرة، ومنح شعبنا فرصة الأمل والثقة بالدولة وبالنظام الديمقراطي".
كما توجّه الكاظمي إلى الشباب العراقي، قائلًا: "أُدرك حجم معاناتكم وطموحاتكم والحيف الّذي لحق بكم، ولكن علينا أن نصبر وأن نتوحّد، من أجل العراق ومن أجل الوطن ومن أجل المستقبل الّذي يليق بأجيالنا، ولهذا فالحكومة تحتاج الوقت الكافي لحماية العراق وترتيب بيتنا العراقي الوطني". وأكّد أنّ "توتير الأوضاع ليس من مصلحة البلد، ويجب منح الوقت الكافي للحكومة للبناء على ما حقّقت خلال الفترة الماضية، وتأمين الانتخابات على أسس رصينة ونزيهة".
وأفاد بأنّ "الحوار الإستراتيجي الّذي بدأته الحكومة حول ترتيبات التعاون مع التحالف الدولي، قائم في الأساس على إيجاد البيئة والتوقيتات لإخراج كلّ القوات المقاتلة من أرض العراق، ضمن آليّات فنيّة زمنيّة متَّفق عليها مع الحفاظ على أفضل العلاقات مع دول التحالف، وبما يضمن سيادة العراق وأمنه"، داعيًا إلى "حوار وطني حقيقي عميق، وعلى كلّ المستويات الرسميّة والحزبيّة والشعبيّة، للتوصّل إلى إطار الاتفاق النهائي للعلاقة بين الحكومة المركزيّة وإقليم كردستان، بما يحفظ وحدة الأراضي العراقية، ويعالج المشكلات المتراكمة جذريًّا".