ترتفع حظوظ "الفوضى" بالسيطرة على الشارع في الأيام المقبلة على وقع التهديد بالظلمة الشاملة، ولكن الجديد هو الحديث عن عمليّات اغتيال تطال شخصيات كبيرة، الأمر الذي صدر على لسان النائب شامل روكز، ليُضاف إلى التحذير الأميركي الذي أصدرته الخارجية الأميركية لرعاياها في لبنان، فما هي حقيقة الوضع الأمني؟.
أصدرت الخارجية الأميركية الأسبوع الماضي "نصائح للسفر إلى لبنان" برز فيها الدعوة لضرورة تجنّب السفر إلى بيروت بسبب الكورونا، الإرهاب، المواجهات المسلحة، عمليات الخطف، وتحذيرات من التوجّه إلى الحدود الجنوبية، والحدود الشمالية.
أشارت التحذيرات الأميركيّة إلى أنّ الجماعات الإرهابيّة تواصل التخطيط لهجمات محتملة في لبنان، وان الإرهابيين قد يستهدفون بدون سابق إنذار المواقع السّياحية ومراكز النقل والأسواق ومراكز التسوق، وان الحكومة اللبنانية غير قادرة على ضمان حماية المواطنين الأميركيين من اندلاع مفاجئ للعنف.
بعد هذا البيان، كثُرت التحليلات في وسائل الإعلام، وذهب البعض لحدّ اعتبار حزب الله معنياً بعبارة "الجماعات الإرهابيّة" بحسب القصد الأميركي، وطبعاً تم الربط بين النصائح الأميركية والحديث عن عودة الإغتيالات في لبنان، وهذا يوحي بحسب مصادر أمنيّة وكأنّ هناك من يسعى لتجهيز الساحة لحصول عمل ما، فتكون مؤهّلة لتوجيه الإتهامات المعلّبة، وهذا أمر يستدعي الإنتباه.
لا تملك المصادر الأمنية تأكيداً حول هذه النظريّة، ولكن بما يتعلق بالأمن، فتُشير إلى أن نصائح السفر الأميركية ليست جديدة، وهي تصدر كل 6 أشهر، وتتوجّه إلى الأميركيين في البلدان التي تعيش أوضاعاً صعبة، ولبنان منها، مشددة عبر "النشرة" إلى أن الحديث عن الإرهاب والعمليات الإرهابية ليست جديدة، وهذا النوع من التحذيرات يصدر منذ سنوات.
تعتبر المصادر الأمنيّة أن اللبنانيين لا يحتاجون إلى بيان وتصريح لمعرفة أن الخطر الإرهابي لا يزال موجوداً، سواء من ناحية العدو الإسرائيلي الذي لا يؤتمن على شيء، وهو بكل تأكيد لن يتوانى عن الإعتداء على لبنان إذا شعر بضرورة فعل ذلك، ومن ناحية الحدود الشمالية والعدو التكفيري الذي يملك خلايا صغيرة نائمة في لبنان، مشيرة إلى أنّ الأجهزة الأمنية لا تملك معطيات جدّية أكيدة حول تنفيذ عمليّات اغتيال.
في السياق العام لما يجري وبظلّ الفوضى القائمة على مستوى الدولة، لا يمكن استبعاد أي فرضيّة أمنيّة، فعدد من الراغبين بالإصطياد بالماء العكر في لبنان ينتظرون ظروفاً كهذه، ولكن هذا لا يعني تحويل أي بيان أو تصريح إلى "فزّاعة" تزيد الوضع سوءاً وتصوّر الوضع الأمني وكأنه كمتروك، وتشير المصادر إلى أن الاجهزة الأمنية في لبنان كانت ولا تزال تتابع ملف الجماعات الإرهابية بكل جدّية، وهي تقوم بمتابعة العديد من الخلايا، وتوقف من هو متورّط، ولا تُعلن ذلك بشكل دائم على الملأ، لأن الإعلان إذا لم يكن يرتبط بأهداف أمنية فلا داعي له.
إذاً، لا معطيات أكيدة حول تنفيذ عمليات اغتيال في لبنان، ولا معلومات مؤكدة حول عمليات إرهابية، إنما لبنان يبقى ساحة مفتوحة على احتمالات عديدة، ولكن هذا الأمر لا يُعطي الحق لأحد بأن ينشر الرعب في نفوس اللبنانيين، ولا يحق لأي طرف الإستثمار بالملفّ الأمني، لأن انهيار الأمن لا يُبقي ويعني التحلّل.