علمت "الشرق الأوسط" من مصادر سياسية وثيقة الصلة بالأسباب الكامنة وراء استمرار تعثُّر تأليف الحكومة أن المعاون السياسي للأمين العام لـ"حزب الله" حسين خليل التقى أول من أمس رئيس التيار الوطني الحر باسيل في محاولة لإقناعه بالسير في المبادرة التي يستعد رئيس مجلس النواب نبيه بري لإطلاقها، لكنه لم يفلح في "تنعيم" موقفه، مع أن مبادرته تنطلق من عدم إعطاء الثلث الضامن لأي فريق، وتأخذ في الاعتبار بأن يُترك له إيجاد تسوية لحل الخلاف حول وزارة الداخلية على أن تُشكّل الحكومة من 18 وزيراً.
ولفتت المصادر إلى ان بري أُحيط علماً من خليل بأنه لم ينجح في أن ينتزع من باسيل موافقته على المبادرة التي يدرس رئيس المجلس إطلاقها، خصوصاً أن رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري يبدي مرونة في التعاطي معها، ما دام أنها لا تشكّل التفافاً على المبادرة التي طرحها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإنقاذ لبنان.
وأشارت إلى أن "حزب الله" ليس في وارد الضغط على حليفه باسيل، وأنه يكتفي بالتمنّي عليه للانخراط في التسوية التي يستعد بري لتسويقها، لافتة إلى ان "الحزب لم يكن مرتاحاً لرد فعل حليفه، لكنه في المقابل أحجم عن إبلاغه بأنه على استعداد للسير فيها ولو وحيداً، وعزت السبب إلى أن الحزب ليس في وارد التفريط بعلاقته بـ"التيار الوطني" بغياب البديل الذي يؤمّن له الغطاء السياسي في الشارع المسيحي.
واعتبرت المصادر نفسها أن الحزب يصر على مراعاة باسيل إلى أقصى الحدود وأن مجرد الانفصال عنه بتأييده لمبادرة بري سيُحدث لديه نقزة لجهة أن حليفه سيتخلى عنه، وأن تخلّيه قد ينسحب على المعركة الرئاسية وصولاً إلى انسداد الأفق أمام ترشّحه لخلافة عون فور انتهاء ولايته الرئاسية، ورأت أن باسيل يقف ضد تمكين الحريري من تشكيل الحكومة، وهو يتناغم في موقفه مع الرئيس ميشال عون، رغم أن الأخير ينأى بنفسه أن يكون طرفاً في مشاورات التأليف، ويترك لرئيس الظل حرية التصرف.وأكدت أن باسيل يغلق كل النوافذ السياسية التي يراد منها فتح ثغرة تفتح الباب أمام إخراج تشكيل الحكومة من التأزُّم الذي يحاصرها، مؤكدة انه "ماضٍ في تصعيده في وجه الحريري رهاناً منه على أنه يستعيد ما أخذ يخسره في الشارع المسيحي من خلال إدراج تصعيده في خانة استرداد حقوق المسيحيين والصلاحيات المناطة برئيس الجمهورية من دون أن ينجح في تقديم نفسه على أنه جزء من الحراك الشعبي لأنه سيلقى مقاومة من القيمين عليه".