اوردت صحيفة وول ستريت جورنال نقلا عن مسؤولين أمريكيين خبراً مفاده أن العدو الاسرائيلي قام باستهداف 12 سفينة ايرانية محملة بالمواد الاساسية من المشتقات النفطية كانت تبحر باتجاه سورية مبررة استهداف السفن الايرانية بمنع استخدام أرباح النفط لتمويل التطرف في الشرق الاوسط.
لكن حقيقة استهداف السفن الايرانية سببه اطباق الحصار الاقتصادي على الجمهورية العربية السورية وحرمان الشعب السوري من مستلزمات الحياة والصمود بوجه المؤامرة الكونية.
لقد سبق استهداف السفن الايرانية احتلال امريكي لمقدرات الدولة السورية في شرق الجزيرة، قام بالسطو على منابع النفط ثم قامت الطائرات الحربية الامريكية باحراق سهول القمح السوري عمداً واتلفت المحاصيل الزراعية بهدف الاطباق على مقومات العيش في سوريه وذلك بهدف النيل من عزيمة وصمود الشعب السوري وتهشيم صورة الدولة.
تلك الاحداث تزامنت مع صدور قانون قيصر الظالم والمفروض على سوريه الدولة واستهداف عملتها الوطنية لشل دورة الاقتصاد وتجفيف مسالك ايرادات الخزينة، اضف الى ذلك منع لقاحات كورونا عن الشعب السوري بهدف تأليبه على اجهزة الدولة واتهامها بالتقصير.
ان التركيز الاعلامي على افعال وممارسات الدولة العظمى امريكا المتغنية بحقوق الانسان والحرية والديمقراطية المزيفة وفضح نواياها المشتركة مع العدو الاسرائيلي الهادفة الى الاستيلاء على مقدرات وثروات بلادنا والاقدام على ممارسة التهديد تارة بالقوة وتارة اخرى بالتجويع تمهيداً الى تطويع الشعوب والانظمة المناهضة لسياستها خصوصاً في كل من سوريه ولبنان والعراق امر ملحّ ومطلوب وامام العالم.
سوريه من صفر ديون خارجية واقتصاد واعد واكتفاء ذاتي تراها وبعد صمود اسطوري لعشر سنوات تعاني اليوم من استيلاء امريكي على مقدراتها وثرواتها ومن خنق امريكي اوروبي مشترك متعمد لاقتصادها وحتى لمقومات الحياة فيها.
في العراق ذلك البلد الغني بالنفط والذي يتمتع باقتصاد متين، تبدل حاله من بلد علماء التكنولوجيا النووية الى بلد يعاني العتمة، محروم من نفطه ومن مقدراته نتيجة السطو الامريكي على ثرواته وقيام امريكا ومن خلفها العدو الاسرائيلي باكبر عملية تهجير اواغتيال لعلمائه وافراغه من الادمغة المنتجة لمنعه من اي تطور علمي.
في لبنان هذا البلد الذي اشتهر بتقديم افضل الخدمات الطبية والسياحية والمصرفية وبنظام مصرفي سمي بخزنة العرب تراه اليوم يواجه الانهيار التام جراء فساد مستشري من عملاء امريكا في الداخل وعلى كل الصعد فالعملة الوطنية التُهِمت وصارت في الحضيض والمستشفيات تعاني من نقص حاد في الاطباء ذووي الاختصاص جراء الهجرة إلى امريكا واوروبا ودول الخليج المطبعة مع العدو الاسرائيلي اما السياحة فقد نُفِّذ فيها قرار الاعدام،و اما المصارف فتراها فارغة غير قادرة على سداد مدخرات المواطن فيما الشعب يعاني الجوع والعوز.
انها الحرب غير المرئية،
ان الدولة الامريكية العميقة جمهورية كانت ام ديمقراطية عجزت عن تحقيق اهدافها الآيلة الى تغيير انظمة الاقليم العربي من خلال القوة العسكرية ثم تحولت الى حرب بالواسطة وبدعم واضح لتنظيمات ارهابية لبست زوراً ثوب الاسلام كتنظيم الاخوان وتنظيم داعش ومتفرعاته ثم تحولت الى حرب اثارة الفتنة الطائفية والمذهبية والعرقية لتفتيت تماسك نسيج المجتمع العربي واخيراً لا اخراً لجأت الدولة الامريكية العميقة الى الحرب غير المرئية وهي حرب الخناق الاقتصادي وتجفيف الموارد المالية وضرب العملة الوطنية التابعة لتلك الدول، وهدف تلك الحرب هي تطويع دول الاقليم وجرها الى التطبيع مع العدو الاسرائيلي وفرضه كأمر واقع في المنطقة وطي القضية الفلسطينية وضمان تفوق الكيان الصهيوني عسكرياً واقتصادياً وعلمياً وتكنولوجياً.
السؤال كيف يمكننا مواجهة هذه الحرب غير المرئية؟ والجواب هو باعتماد سياسة اعلامية مضادة ومكثفة وموثقة تكشف للمواطن العربي حقيقة الاهداف الامريكية غير المعلنة والزيف والكذب والتضليل الاعلامي الامريكي الداعي الى حماية حقوق الانسان والديمقراطية والادعاء بمحاربة الارهاب.
المطلوب هو المبادرة الى تطوير اعلامنا و تخصيص حلقات وندوات تلفزيونية مرفقة بافلام وثائقية مستندة الى مراكز دراسات وابحاث وبالارقام لتسليط الضوء على بعض ما انتجه الحصار الغربي للاقليم العربي من حالات فقر وتجويع لا انسانية و لتحميله المسؤولية عما آلت اليه الاوضاع الحياتية والمعيشية في بلادنا و بشكل مقنع وبلغة الغرب نفسها وذلك لضمان كشف ممارسات الغرب وامريكا وتعرية سلوكهم الشائن بحق الانسانية على اوسع نطاق وامام الرأي العام الغربي والعربي.
الدولة الامريكية العميقة خصوصاً والغرب عموماً همهم إقناع جمهورهم بصوابية ممارساتهم في بلادنا، ونحن من جهتنا مطلوب منا ومن اعلامنا ومراكز المنصات الالكترونية الانتقال من سياسة الدفاع الى سياسة الهجوم المضاد والكشف وبالدلائل الحسية عن إيغال الغرب بوحشيته السياسية وبأطماعه في ثرواتنا وتأثير عقوباته الاقتصادية اللانسانية المفروضة على شعوب ودول الاقليم العربي
وذلك لاظهار حقنا ولاقناع جمهورنا الصامد بان 80 % من أسباب هبوط قيمة عملتنا ، ومن معاناتنا الاقتصادية يعود سببه إلى استيلاء امريكا على ثرواتنا الطبيعية وحرماننا من من خبزنا وقمحنا وخيراتنا ونفطنا ولاظهار الصورة الحقيقة وبشكل يضمن ازالة الغشاوة عن اعين بعض المشككين بصوابية الصمود.
هل نسينا لجوء وزير خارجية امريكا الاسبق كولن باول الى الكذب والتضليل الاعلامي المتعمد امام العالم اجمع والادعاء زوراً بامتلاك العراق للاسلحة الكيميائية لتبرير الغزو الامريكي لهذا البلد العربي الغني بثرواته.
ان خير دفاع هو الهجوم، وفي هجومنا نستطيع تعزيز وعي المواطن العربي بخيار الصمود وبضرورة الانتقال من الارتباط الى حالة الانفكاك من سطوة الاستعمار الغربي لاقتصادنا وعملتنا ولتحرير شعبنا من الضغط السياسي والمعيشي الهائل.
نحن في خضم مرحلة مصيرية تحررية، والصمود والتضحية سمة العبور لمستقبل تفخر به اجيالنا فبعد استعمار غربي لبلادنا ولمقدراتنا استمر لاكثر من مئة عام آن الاوان لقلب ظهر المجن لبناء بنية وذهنية جديدة مقنعة بقوة الهجوم المعاكس بالعلم والتطور والاقتصاد والتكنولوجيا والاعلام والاتكال على الذات بما يكفل حماية مستقبل اجيالنا لمئة عام قادمه.