هذه السنة هي سنة مكرّسة لمار يوسف، رجل الأحلام. أقر قداسة البابا فرنسيس أن تكون هذه السنة مكرّسة تحت حماية ورعاية القدّيس يوسف(1) لأهميّة دوره بحياة يسوع ومريم وفي حياة الكنيسة جمعاء. عيد مبارك على كلّ من يحمل إسم يوسف أو جوزيف أو جو أو جوزفين أو جوزيت.
القدّيس يوسف حارس مريم العذراء (دور مار يوسف في حياة مريم العذراء)خطيبته، هي وقد ذهبت لزيارة خالتها اليصابات وعادت بعد ثلاثة أشهر وقد بانَ حبلها، وشقّ الأمر على يوسف كيف يكون هذا وهي الطاهرة النقّية العفيفة. حار في أمره وصعب عليه تحمّل هذه القضيّة إنْ طلّقها فإنها ستُرجم على أنّها زانية وإن بقيت معه فلا يُمكن أن يصدّق أنها حامل بإبن من غيره وما زالا مخطوبين ولم تنتقل مريم كزوجة الى بيت يوسف.
إضطراب مار يوسف
هذه كانت العادة في الزواج، ففي أيام الخطوبة التي تسبق رتبة الزواج تبقى الصبية المخطوبة في بيت أهلها ولا تنتقل الى بيت عريسها إلا بعد رتبة الزواج. المزعج هنا أنّ مريم كانت بعد مخطوبة ولم تنتقل الى بيت زوجها يوسف ولم تعاشره بعد، فكيف عادت حبلى من بيت خالتها اليصابات؟ الاضطراب يهزّ عقل وقلب يوسف فماذا يفعل؟ أيسلمها للرجم ويطلّقها وهو يحبّها أم يتركها ويهيم في الدنيا بعيدا عنها؟ وأخيراً ثَقُل عليه النعاس ونام.
الملاك في الحلم
وأتى ملاك الله اليه وقال له يا يوسف لا تخف أن تأخذ مريم إمرأة لك فهي حبلى والمولود في بطنها هو من الروح القدس.
فارتاح يوسف لكلام الملاك في الحلم وزال شكّه وأسلم ذاته لإرادة الروح القدس، هكذا هو يوسف رجل الصمت والسترة والتسليم لإرادة الله وقبول اللا معقول لأنّ الله على كلّ شيء قدير.
الصعود الى بيت لحم
وصدر أمر من أغسطوس قيصر ليكتتب كل انسان في ضيعته فأخذ يوسف امرأته مريم وهي حامل وقد قرب زمن وضعها وولادتها، وصعدا معا الى بيت لحم لا أحد من المعارف والأقارب هناك ليستقبلهما، فذهبا الى الفندق ولم يجدا مكاناً فأشفق مالك النزل عليهما وقد رأى حالة مريم التي قرب وقت ولادتها فسمح لهما أن يبيتا في اسطبل المكان بين الحيوانات. هناك ولد يسوع فلفّته مريم بالاقمطة ووضعته في مزود الحيوانات.
وحيدان في اسطبل
في ذاك الليل هلّلت ملائكة السماء المجد الله في العلى وعلى الارض السلام وفي الناس المسرّة، ورعاة في البراري يبشّرهم الملاك أنّه ولد لهم مخلّص فليذهبوا ليروا وأتوا فرأوا العائلة المقدّسة يسوع ومريم ويوسف فسجدوا للطفل وقدّموا له حملاً من حملانهم.
وملوك المجوس أتوا من الشرق، ومعهم الذهب والمرّ واللبان وأرشدهم النجم الى حيث ولد الملك يسوع فسجدوا له أيضًا وقدموا له هداياهم وعادوا دون أن يمروا على الحاكم هيرودوس.
الهروب الى مصر
من حلم الى آخر، عاد ملاك الرب فأتى الى يوسف في الحلم قائلا له: قم خذ الصبي وأمه واهرب الى مصر فهيرودوس يريد قتله.
فقام يوسف وأخذ الصبي يسوع وأمّه مريم وذهبوا الى مصر الى منطقة المعادي على النيل حيث سكنا وقد زرت شخصيا هذه المنطقة. ثم عاد ملاك الربّ في الحلم مرّة جديدة وقال ليوسف قم خذ الصبي يسوع وأمه مريم وارجع الى ارضك ووطنك فإن الذي يريد قتل الطفل قد مات.
"من مصر دعوت أبني"
ويوسف كان مطيعًا للملاك رسول الربّ لينفذ الحلم بالعودة الى موطنه لتتمّ النبوءة القائلة من مصر دعوت ابني.
بعد هذه الاحداث لا يعود الإنجيل يتكلّم عن يوسف، لكننا نعرف أنه مات بين يدي يسوع ومريم. ويبقى هذا القدّيس شفيع الميتة الصالحة وشفيع العمّال والمعلّمين وشفيع الكنيسة والمكرّسين والمكرّسات حارس الفادي حامي العذراء، رجل السترة شفيع العائلات والتسليم لإلهامات الروح القدس.
اشفع بنا يا مار يوسف واحرسنا يا حارس الفادي يسوع وامه مريم.