عقدَ رئيسُ الحزبِ السّوريّ القوميّ الاجتماعيّ الأمين ربيع بنات، اجتماعًا موسَّعًا مع المنفّذين العامّين للحزب في الكيان اللّبنانيّ، لمناقشة آخر التّطوّرات السّياسيّة والاقتصاديّة الخطيرة الّتي تعيشُها البلاد، والورشةِ الدّاخليّةِ الحزبيّة وتحديدِ دورِ القومييّن الاجتماعييّن في المرحلةِ الحاليّةِ والمُقبلة. كما تطرّقَ لبعضِ جوانبِ الورقة السّياسيّة – الاقتصاديّة التي تُعِدُّها الإدارةُ الحزبيّة، وشرح مقاربةَ القيادة الحزبيّة للأزمة الحاليّة وأبعادها الدّاخليّة والخارجيّة، وارتباطها بالتّطوّرات في الشّام وفلسطين والأردن والعراق، والخطط الأميركانيّة والصّهيونية لفرض حصارٍ خانقٍ وتفكيكِ لبنان وأمَّتِنا، والّتي تتكاملُ مع سلوكِ قوىً محليّة سياسيّة واقتصاديّة، أخذَت على عاتقها ضمان نجاح المشاريع المُعادية.
وإذ أكّد أنّ الحزبَ هو أكثر من يشعرُ بمعاناةِ شعبِنا في لبنان، بل إنّه يمكنُه أن يتلمّسَ أكثرَ من غيره عمقَ الأزمةِ بسبب طبيعة الحزب العابرةِ للمناطقِ والطّوائفِ والكياناتِ في الأمّة، وأن يقرأَ الأحداثَ بشكلٍ أوسع، أعلنَ أنّنا "اليوم نتعرّضُ لحربِ تجويعٍ يشتركُ فيها الخارجُ وأدواتُه في الدّاخلِ بعد عجزِ الحربِ العسكريّةِ على دمشق وبيروت في تغيير الموقفِ من الصّراع مع العدوّ، وما يحصل اليوم في لبنان تحديدًا، ونحن نشهد على انهيار الكيانِ والارتداداتِ المُؤلمةِ على مستقبل شعبِنا ومصيره، هو نتيجة لما دَأَبْنا على التّحذيرِ منه منذ تأسيسِ حزبِنا وعَمِلْنا على مواجهتِه، فبَدَأَ الثّمنُ باستشهادِ زعيمِنا على يدِ النّظامِ الطّائفيّ الفاسد وارتباطات رجالاتِه بقادةِ الوَكالةِ اليهوديّة في ذلك الوقت، ومن ثمَّ ما قامت به القُوى الطّائفيّة والرّجعيّة المُرتهنة من حملاتٍ ضدَّ حزبِنا وأفكارِنا وأبقت النّظام اللّبنانيّ على تخلّفه ومنعت تكامل لبنان الاقتصاديّ مع محيطه القوميّ، ونحن نرى اليوم استمرار هذه القوى بسياسات التّحاصص والتّناتش الطّائفي، ونهب مقدّرات البلد، بعد إهدار مدّخرات المواطنين وضرب القطاعات المُنتجة، في سياسة ممنهجة مورست لعقود".
ولفت بنات إلى أنّ "الإدارة الفاشلة للأزمة خلال العامَين الماضيين، كانت استمرارًا للحريريّة السّياسيّة والاقتصاديّة، الّتي كرّست الاستدانة والمشاريع الوهميّة وفكّكت القطاعات المنتجة، فلم تقم السّلطة بأيّ خطوات جذريّة لوضعِ حدٍّ للانهيار، بل رضخت للخيارات الغربيّة ولم تتعاون مع دولٍ صديقةٍ مثلَ روسيا والصّين، ولم تقُم بمحاسبةِ أيٍّ من المسؤولين أو الموظّفين الرّسمييّن، وسلّمت الدّفّةَ لكارتيلات الاحتكار وكبار التّجار والمتلاعبين بسعر صرف اللّيرة اللّبنانيّة وسمحت بخروجِ العُملةِ الصّعبة من البلد بحوالاتٍ للمحظييّن، مع غيابٍ تامٍّ لأجهزة الرّقابة، وهذا يدلُّ على تواطؤ مكشوف من البعض لإسقاط لبنان وتحميل مسؤوليّة هذا الانهيار إلى قوى المقاومةِ".
وربط بنات بين قانون قيصر والحصار الأميركي الماليّ والانفجارِ في مرفأ بيروت والتّركيز الأميركيّ ــ البريطانيّ على عزل لبنان عن العمق السّوريّ، مشيرًا إلى أنّ "أبرز الاستهدافات المُعادية اليوم هي وصول اللّبنانييّن إلى حالةٍ من الضّعف الاقتصاديّ تدفعهم نحو التّعلّق بأيّ حبلِ نجاة، ولو كان ثمنُه التّنازل عن الحقوقِ لصالحِ العدوّ الإسرائيليّ، مُحذّرًا من الفصلِ بين العُنوان المطلبيّ وموقفِ لبنان الأخلاقيّ السّياسيّ المَصلحيّ كدولةٍ معادية للدّولة اليهوديّة".
كذلك نبّه من خطورةِ الطّروحات الدّاعيّة إلى تقسيمِ لبنان، وتزامنها مع دعواتِ الحيادِ المشبوهة في عودةٍ إلى انقسامٍ دفعَ لبنان ثمنَه 15 عامًا من الاقتتال الدّمويّ. وأشار إلى أنّ "بعض القوى الطّائفية تعتقدُ أنّها تستطيعُ استغلالَ الظّروف والتّذرّع بسقوطِ الدّولة المركزيّة لإعادة تسويقِ أوهامها بتقسيم لبنان إلى كنتونات تحت عناوين مُقنَّعة، تبدأ باللّامركزيّة الموسّعة ولا تقفُ عند الفيدراليّة والكونفدراليّة الّتي يحاول الأميركيّون، فرضها بالتّوازي، في الشّرق السّوريّ"، منتقدا المماطلةَ اللّا أخلاقيّة في تشكيلِ حكومةٍ جديدةٍ بانتظار التّعليمات الخارجيّة، داعيًا إلى تشكيلِ حكومةٍ إنقاذيّة تقودُها شخصيّةٌ وطنية قادرة.
ولفت الى أن "الأزمةَ اللّبنانيّة الاقتصاديّة لا يمكن أن تُحلّ إلّا من ضمن حلٍّ قوميّ تكامُليّ بين لبنان ومحيطه بدءًا من دمشق، خصوصًا مع تشابُه الظّروف إلى حدِّ الكمالِ بين الواقعِ النّقديّ والماليّ في كلّ كيانات الأمّة، وهذا الحلّ يتطلّبُ أوّلًا شبكةً واسعةً للمواصلات البريّة والبحريّة وخطوط النّقل، تصلُ بيروت بدمشق ببغداد بعمّان وتصلُ الأطرافَ في الأمّة مع المدن الرئيسيّة، لتغييرِ الدّيناميّة الاقتصاديّة والاجتماعيّة في البلاد نحو الإنتاج والتّفاعل بين كلّ أبناء شعبنا".