أكّد الخبير الإقتصادي جاسم عجاقة على "وجود شرطين لنجاح المنصة التي سيطلقها مصرف لبنان للتداول بالدولار الأميركي مقابل الليرة اللبنانية، الأول هو محاربة السوق السوداء غير القانونيّة، وهذا يتطلّب مواكبة من الأجهزة الرقابيّة والأمنيّة ومن القضاء"، موضحًا أن "مشكلة التطبيقات الموجودة على الأجهزة الخليوية والمواقع الإلكترونيّة والتي كانت تُعطي الأسعار في السوق السوداء، هي عدم وجود شفافيّة في تحديد سعر السوق، ما يعني أن السعر قد يكون عشوائيًا أو مُتلاعبًا به، ومن هنا تأتي المِنصّة التي سيُطبقها مصرف لبنان لتُعطي سعر السوق شرعية أكثر من خلال عنصر الشفافية".
وفي حديث لـ"النشرة"، شدّد عجاقة على أن "الشرط الثاني لنجاح المنصّة هو مُحاربة التهريب بكل أشكاله لضمان كفاية السوق اللبناني وعدم السماح للتجّار بتهريب البضائع والسلع المدعومة وغير المدعومة إلى خارج الحدود، كما هو الحال اليوم، حيث نرى المواد الغذائية المدعومة في العديد من دول العالم والمحروقات في سوريا".
من جهة أخرى، أكد عجاقة أنه "لا يُمكن التنبّؤ بسعر صرف الدولار في المرحلة المُقبلة، لكن وبتحليل للواقع يُمكن القول إن نجاح عمل المنصّة، سيجعل الدولار ينخفض حكمًا على المدى القصير، وإذا تشكّلت حكومة قادرة على القيام بإصلاحات إقتصاديّة وماليّة، فإن الدولار سيعود أدراجه إلى مستويات مقبولة للمواطن اللبناني".
واضاف: "أمّا فشل المنصّة، فيعني أننا فقدنا السيطرة على سعر صرف الدولار الأميركي مُقابل الليرة اللبنانية، ومن هنا نؤكّد على ضرورة مواكبة الأجهزة الرقابيّة والأمنيّة والقضاء لإطلاقها، على أن تكون هناك خليّة أمنيّة ماليّة للتنسيق بين مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف من جهّة وبين الأجهزة الأمنيّة والقضاء من جهة أخرى".
وردًا على سؤال حول الفئات التي يمكنها التعامل عبر المنصة، أوضح عجاقة أن "هدفها هو سحب الطلب المؤسساتي من السوق السوداء إلى سوق شبه رسميّة، ووفق المعلومات فإن التعامل سيكون بشكل حصري للنشاط الاقتصادي أي التجار والصناعيين والمزارعين، وسيكون اللاعبون على هذه المنصّة هم الصيارفة الشرعيّون والمصارف التجاريّة، أمّا في ما يخصّ المواطن، فمن الواضح أن لا قدرة لهذه السوق على تلبية مطلبه، نظرًا إلى حجم هذه الطلبات نسبة إلى حجم السوق السوداء المُقدّرة ببضعة ملايين من الدولارات يوميًا".
وفي ما يتعلق بحصول المودعين الحصول على دولاراتهم ووفق أيّ سعر، أوضح عجاقة أن "نجاح عمل المنصّة في الشقّ المؤسساتي في المرحلة الأولى سيفتح الباب أمام المواطنين والمودعين للحصول على دولارات ولو بقيمة بسيطة في المرحلة الثانية، وقد يكون من المُمكن للمصارف في حال تشكيل الحكومة والبدء بالإصلاحات، إعطاء المودعين دولارات نقديّة من حساباتهم القديمة حتى ولو 1 بالمئة من قيمة الوديعة بالدولار شهريًا، إلا أن هذه الصورة لن تتضحّ معالمها إلا بعد تشكيل الحكومة وطرح خطّتها للخروج من الأزمة"، معتبرًا أن "إعطاء المودعين دولارات كفيل بإعادة الثقة إلى قطاع انهارت الثقة به مع بدء الإحتجاجات الشعبية في السابع عشر من تشرين الأول من العام 2019".
وفي الختام، رأى عجاقة أن "ما يهمّ المواطن في نهاية المطاف هو استعادة ودائعه ولكن أيضًا عودة الدولار إلى مستويات مقبولة تسمح له بالعيش بكرامة، خصوصًا أن بقاء الوضع على ما هو عليه، حتى لو استعاد المودع ودائعه، سيؤدّي إلى خسارتها عبر دفعها ثمن السلع والبضائع".