عادةً وبعد كل عملية دهم كان ينفذها الجيش اللبناني في البقاع الشمالي ويوقف بنتيجتها مطلوبين كبار بجرائم سرقة السيارات وتجارة مخدرات وحبوب الكباتاغون أو التشليح بقوة السلاح، كان تقوم القيامة في شارع العشائر ومن دون ان تقعد بسهولة. تقوم القيامة أي بمعنى آخر تُقطع الطرقات بالإطارات المشتعلة والسواتر الترابية، ينزل عدد من الملثمين المطلوبين الى الشارع وبسلاحهم، ويهددون أمام كاميرات وسائل الإعلام الجيش والقوى الأمنية، تحت عنوان الأخذ بالثأر.
كل هذه المشهدية التي سبق أن رأيناها لمرات ومرات، لم ترتسم معالمها يوم الجمعة الفائت وتحديداً بعد العملية النوعية التي نفذها الجيش في بريتال ضد مطلوبين كبار من آل طليس وقتل بنتيجتها مطلوبان شقيقان وتم توقيف آخرين. ليس من باب الصدفة أبداً أن معالم هذه المشهدية لم ترتسم هذه المرة على أوتوستراد بريتال، بل لأن توافقاً عشائرياً وسياسياً فرض التهدئة والتعاطي مع العملية النوعية التي نفذها الجيش بكل إيجابية، وحتى بترحيب إستثنائي من قبل الشارع. لماذا؟ تجيب المصادر المتابعة "لأن عمليات السرقة والتشليح والجرائم على كافة انواعها إرتفعت نسبتها في الآونة الأخيرة في منطقة بعلبك الهرمل لدرجة لم تعمل تحتمل من قبل الأهالي، وسبب هذا الإرتفاع هو الإنهيار الإقتصادي الحاصل والذي يدفع بالمطلوبين وبآخرين الى إرتكاب هذه الجرائم لتحقيق أرباح سريعة وغير مشروعة. المصادر عينها تضيف، "هل يجوز أن تشليح السيارات بقوة السلاح على أوتوسراد رياق بعلبك بات يحصل في الأشهر القليلة الماضية في وضح النهار وعلى عينك يا دولة، بينما كانت هذه السرقات تسجل سابقاً فقط في ساعات الليل؟.
لأن هذه العملية النوعية جاءت من خارج سياق الأعداد المرتفعة للجرائم، لاقت ترحيباً إستثنائياً من قبل الأهالي لدرجة أن عائلة القتيلين المطلوبين كانت تود ان تعقد مؤتمراً صحافياً بعد التشييع، غير أنها صرفت النظر عن ذلك، وبحسب المعلومات المتوافرة من البقاع، تلقت عائلة طليس أكثر من نصيحة من الأهالي والعشائر بعدم عقد المؤتمر الصحافي كي لا تأتي مواقفها من خارج سياق الجو المؤيد للعملية الأمنية التي نفذها الجيش، ولفرض الأمن مهما كان الثمن في منطقة البقاع الشمالي.
أضف الى ذلك، تكشف المعلومات أن حزب الله دخل على الخط وكانت له سلسلة من الإتصالات مع فعاليات آل طليس، وقد تولى هذه الإتصالات عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسين الحاج حسن الذي زار منزل القتيلين الشقيقين محمد وحسن عباس طليس وقدم التعازي بإسم قيادتي حزب الله وحركة أمل. وعلى رغم إستنكاره لسفك الدماء ومطالبته الجيش بتحقيق لكشف ما حصل، كان لافتاً جداً تشديد الحاج حسن في الكلمة التي ألقاها من بريتال على تمسك الحزب والحركة بالدولة وبالجيش وبمعادلة الجيش والشعب والمقاومة. هنا لا يقرأ المتابعون من هذا التشديد إلا تبنّياً ولو غير مباشر لعملية الجيش اللبناني.