على خطّين متوازيين بدأ المحقق العدلي الجديد في جريمة إنفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار تحقيقاته بعدما إنتهى من دراسة الملف بمعاونة النيابة العامة التمييزية على مدى أسابيع. على خطين متوازيين، خط داخلي وخط خارجي. خط داخلي يسير بوتيرة سريعة وخط خارجي أدار البيطار محركاته خلال مرحلة دراسة الملف. الخط الداخلي يتمثل بإعادة إستجواب الموقوفين وعددهم 25 موقوفاً بين مدراء عامين وضباط وموظفين وهذا ما بدأه المحقق العدلي وبوتيرة سريعة جداً تمهيداً للبت بطلبات إخلاء السبيل المقدمة من قبل وكلائهم القانونيين، وفي هذا السياق تشير المعلومات الى ان المحقق العدلي يتجه الى البت بهذه الطلبات سلباً أم إيجاباً وذلك إقتناعاً منه بوجود موقوفين أصبح من حقهم أن يخلى سبيلهم وبضرورة الإبقاء على توقيف آخرين، لماذا؟ لأن بينهم من تخطت مدة توقيفه العقوبة التي يمكن أن ينالها فيما لو تأكدت مسؤوليته ولو جزئيا عما حصل في الرابع من آب 2020 من إنفجار للعنبر رقم 12 في مرفأ بيروت، ولأن بينهم أيضاً من هو مسؤول فعلاً عن الكارثة التي حصلت إما لأنه قصّر لناحية عدم إبلاغ رؤسائه، وإما لأنه أهمل خطورة مادة نيترات الأمونيوم ولم يحذر في التقارير التي كتبها عنها من الطريقة التي خزنت بها في العنبر رقم 12 الى جانب المفرقعات النارية ومادة الميتينول السريعة الإشتعال وفتائل الديناميت. هذا البعض المسؤول، سيبقيه البيطار موقوفاً. أما الخط الخارجي للتحقيقات، فبدأه بتحريكه هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان التي طلب منها مراسلة عدة مصارف أجنبية لرفع السرية المصرفية عن حسابات شركة سافارو التي إشترت شحنة نيترات الأمونيوم من جورجيا، والتي تفيد الوثائق الموجودة لدى القضاء اللبناني بأنها مسجلة في بريطانيا، علماً أن سافارو لم تكشف بحسب السجل التجاري للشركات في بريطانيا عن إسم وهوية مالكها الحقيقي. لماذا كشف السرية المصرفية عن سافارو؟ لأن لدى القاضي البيطار تحويلات مالية عدة موثقة يفترض ان تكون الشركة قد دفعت عبرها ثمن شحنة النيترات لمعمل روستافي أزوت في جورجيا. كل ذلك يفعله القاضي العدلي بهدف معرفة من إشترى شحنة النيترات ومن دفع ثمنها ولماذا أدخلت الى لبنان؟ هل عن طريق الخطأ أم أن هناك من أدخلها لتنفيذ عمل أمني؟.
صحيح أن المحقق العدلي حريص كل الحرص على كشف الحقيقة، ويريد ألا تتأخر هذه الحقيقة، لكنه في الوقت عينه لن يحرق خطواته ولن يكون مستعجلاً على البت بملاحقة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب والوزراء السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس. ما تجيزه له صلاحياته سيقوم به وعن قناعة ولكن في الوقت المناسب ومن دون أن يسمح بأن تتحول هذه الملاحقة الى إشكالية قد تطيّر التحقيق، وهنا المقصود ان البيطار يريد أن يتفادى الوقوع بما وقع به سلفه القاضي فادي صوان والذي إنتهى به الأمر الى رده عن الملف من قبل محكمة التمييز الجزائية للإرتياب المشروع.
الجمعة المقبل، يستمع المحقق العدلي الى إفادة مدير عام الجمارك بدري ضاهر، من المتوقع أن تحمل معها مفاجآت خصوصاً وان ضاهر سبق ان طالب القاضي صوان ولأكثر من مرة بإستجوابه من جديد كونه يملك معطيات مهمة إلا أن صوان رفض ذلك.