أشار الوزير السابق نقولا التويني، إلى أنه "يتساءل الكثيرون منا لماذا بعد 155 يوماً من التكليف لم يتم إرساء مجلس وزراء جديد، ففي لبنان رغم كل الحث الدولي الفرنسي والروسي والمصري والعربي. يأتي هذا في ظروف إستثنائية من القصور المالي والصحي، وإنفجار مدينة بيروت المزلزل واكتشاف بؤر عميقة من الفساد مترابطة بأنفاق عابرة للطوائف والأحزاب وبجمعيات سرية لشفط المال الحرام من موجودات ومدخرات دولتنا وشعبنا".
وأوضح في بيان أن "هنالك تشابه كبير في وضعنا مع الوضع المافياوي الإيطالي سنوات التسعينات لمّا ظهر القاضي دي بيترو بعد إغتيال العميد دلا كيازا والقاضي فالكوني وزوجتيهما. والمخاض الإجرامي الإيطالي عرفه لبنان في المخاض الإجرامي العسير المجرم خلال الحرب الأهلية والتصفية الجسدية لزعماء واتباعهم ، طالت جميع الطوائف والاحزاب. ولم يتمكن التواجد العسكري السوري من وقف عمليات اغتيال مبرمجة أطاحت بشخصيات عامة مؤثرة ترك غيابها فراغاً كبيراً في الحياة السياسية وفي التراتبية الهرمية لكل حزب ومجموعة وطائفة وتجمع مناطقي او عقائدي واستعيض عن الشهداء ببدائل غير مقنعة بمقدار ما هي مِطواعة ومساوِمة حتى على الثوابت".
واعتبر أن "لبنان الحديث بات بعد الإنسحاب السوري ثم الانكفاء المتقهقر الصهيوني على أثر حرب 2006 عربة تسير على ثلاث عجلات ضمن حمولة متوازنة لكل عجلة بثلث الوزن الإجمالي دون إمكانية غلبة فريق على الآخر. وكان إتفاق الطائف قد تمت صياغته بحيث لا تسير العربة الا بطاقم من الخارج وان يكون لكل عجلة ممثل خارجي في قُمرة القيادة، وهكذا دواليك فميزان تقاسم الحصص والأرباح في وضعنا الفاسد دقيق جداً لا يحتمل الزغل على الإطلاق، ثم انتقل لبنان بعد حربه الأهلية الطويلة من الأزمات العسكرية المتكررة الى عصر الأزمات السياسية المتكررة خصوصاً بعد جلاء الجيش السوري وتقهقر الجيش الاسرائيلي، وحلت الحرب الاهلية والكونية في سوريا وتبعت انسحابَ الجيش من لبنان وبدأت أزمات النظام تتكرر من حكومة بدون رئيس جمهورية الى رئيس بدون حكومة الى حكومة تصريف ورئيس حكومة مكلف لا يشكّل".
وأضاف: "لقد أثبت الحكم في نظامه المتعثر عبر اكثر من سبعين سنة من حكم الدولة انه غير قادر على إثبات بلوغه سن الرشد وان التوازن الموجود جامد وغير قابل للتغيير او التعديل الى اي اتجاه وان حقيقة حاجة كل فريق إلى عراب خارجي وممول غير قابلة للنقاش او البحث .فما هو الحل اذاً ؟هنالك حل ديمقراطي بسيط ألا وهو إنشاء حزبين من المجموعات المتناحرة ولكن يترتب على ذلك ان يكون هنالك مشروعٌ وطني اقتصادي إجتماعي ناجح شبيه بمحاولة الشهابية سنة 1958 التي لم تحصل ولم تتكرر".
وتابع الوزير السابق: "كلما تزعزع الوضع العربي تزعزع الوضع الداخلي اللبناني، فأزمة 1958 تبعت أزمة حلف بغداد وإشتباكات سنة 1970 بين الجيش والمقاومة الفلسطينية. وفي أعقاب حرب وهزيمة 1967 وإتفاق القاهرة والحرب اللبنانية أتى رد إسرائيل على إنتصارات الجيوش العربية في 6 أكتوبر 1973. وعند كل تغيير لموازين القوى العربية تتغير موازين القوى في لبنان".
ولفت الى أن "لبنان لا قدرة تاريخية له أن يعيش مستقلاً عن محيطه العربي والمحيط العربي لا قدرة له اليوم على التأثير على لبنان باعتباره مشغولاً في حروب وإنقسامات لا تحصى. هذا هو واقعنا المرير. والحل عسير في لبنان الذي يسمع ترددات الزلزال العربي وأصداء الخلافات العاصفة في الأصوات العربية الفاعلة من المحيط الى الخليج".