علّق الوزير السّابق الدّكتور عدنان السيد حسين على الواقع التعليمي في لبنان في ظلّ جائحة كورونا، معتبرًا أنّ "التّعليم عن بُعد لا يلبي الحاجة المرجوّة من التّعليم، لذا شهدنا تراجعًا في المستوى التّعليمي خلال العامين الدّراسيّين الماضيين، ولكن لا أعتقد أنّه كان أمام المدارس والجامعات سبيلا آخرَ سوى الإقفال والتّعليم عن بُعد".
وفي حديث لـ"النشرة"، اعتبر السّيد حسين، الّذي تولّى رئاسة الجامعة اللبنانية في فترة سابقة، أنّ "الفكرة المطروحة مؤخّرًا حول التّدرّج بالتّعليم المدمج لا بأس بها، فبهذه الطّريقة يستمرّ التّعليم عن بُعد مترافقًا مع فترات حضور ومتابعة، ولكن هذا الأمر يستلزم تكثيف اللقاحات ضد فيروس كورونا بالتّزامن مع متابعة حثيثة لكافّة الأمور الصّحيّة، وأنا شخصيًّا أؤيد فكرة توجيه التّلقيح إلى الهيئة التعليمية بشقّيها الرّسمي والخاصّ، واستئناف الحضور الجزئي في المدارس والجامعات، على الأقلّ في الشّهرين الأخيرين من العام الدارسي بغية تقييم الطّلاب وعدم اعتماد أسلوب التّرفيع الآلي لهم".
ولفت السيد حسين إلى أنّ "البحث عن الحلول يجب أن ينطلق من الإعتراف بأنّ الخسارة لحقت بالقطاع التعليمي، ومن هنا يحب أن يكون الفصل الأوّل من العام الدّراسي المقبل محطّة لإعادة تمكين الطّلاب من بعض الأساسيّات الضّروريّة، وإلّا سنكون أمام انهيار الواقع التّعليمي"، مشيرًا إلى أنّ "وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال طارق المجذوب رفع مطالب محدّدة وأعلن عنها في وسائل الإعلام ولكنّ الحكومة لم تلبِّ طلباته، فالقطاع التّعليميّ بحاجة إلى دعم ماليّ ورعاية بالوسائل الفنّيّة، فالتّعليم عن بُعد يتطلّب تقنيّات محدّدة كالإنترنت والكهرباء وهي غير متوفّرة بالشّكل اللّازم في مختلف المناطق اللبنانية".
وفي سياق متّصل، نبّه السّيد حسين من خطورة إعتماد مبدأ الإفادات، موضحًا أنّ "الضّرر النّاتج عن هذه الخطوة لا يقتصر على عدم قدرة الطّالب على متابعة تحصيله العلمي خارج لبنان، بل يتعدّاه إلى تراجع المستوى التّعليمي بشكل عام وعدم المساواة بين الطلاب، ومن هنا تكمن أهميّة فتح المدارس العام المقبل مع انحسار الوباء، وإعادة النّظر بالبرامج لتركيز المعلومات في أذهان الطّلاب، فهناك أسلوب للتّدرّج بين المراحل التّعليميّة ولا يجوز القفز فوقها".
وفي الشأن السّياسي مع استمرار المراوحة في ملفّ تشكيل الحكومة، اعتبر السّيد حسين أنّه "إذا كان هناك إجماعًا دوليًا على ضرورة تشكيل حكومة إنقاذيّة لمرحلة محدّدة، معنى ذلك أنّه لا بدّ من تشكيلها سواء ترأّسها رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري أو غيره، ولكنّ المهمّ أن تتشكّل بعيدًا عن المحاصصة التّقليديّة والتّبيّعة للخارج، بل يجب إعلاء الشّأن الوطني والإبتعاد عن الشّؤون الطّائفيّة والمذهبيّة، وللأسف بعض السّاسة يتصرّفون وكأنّ الأمور في البلد طبيعيّة، وبرأيي لهذا السّبب أجد من الضّرورة أن تلجأ النّاس إلى المحاسبة في الانتخابات النيابية المقبلة".
ورأى السيد حسين أنّ "لبنان يعيش في حالة من الفوضى، ولكنّ الإنتخابات يجب أن تُجرى في موعدها وأن يتمّ تهيئة كافّة الأجواء المناسبة لها مهما كانت كلفتها الماليّة، فالتّمديد للمجلس النّيابي غير مقبول، وفي حال حصل ذلك نكون قد دخلنا في فراغ بالسّلطة والمزيد من التّدهور، وصحيح أنّ الحرب اللبنانية أصبحت خلف ظهورنا كلبنانيّين، ولكنّ الفوضى لا تقلّ خطورة عنها"، مضيفا: "الفلتان الأمني وحوادث السرقة وتهديد التجارة الداخلية كلّها عوامل تدفع الشباب إلى الهجرة".
وفي الختام، تمنّى السّيد حسين على وسائل الإعلام كافّة أن تواكب الحالة الوطنيّة وليس الحالات الطّائفية والمذهبيّة، و"لنبحث جميعًا عمّا يجمعنا كلبنانيّين، وهذا ليس كلامًا إنشائيّا بل هو واقع حقيقي، فعندما يكون البلد أمام تحدّيات كبيرة نحتاج إلى مبادرات وطنيّة، فليكن الإعلام أوّل من يبدأ بها".