بعد منتصف العام 2020، وتحديداً بعدما سجل سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية أرقاماً قياسية تخطت الخمسة آلاف ليرة ومن ثم تابعت إرتفاعها لتصل الى 16000 ليرة في آذار الحالي، أصبح عمل الأجهزة الأمنية في منطقتي البقاع والشمال يتركز بشكل أساسي على تهريب المحروقات والمواد الغذائية المدعومة من لبنان الى سوريا أكثر بكثير من التركيز على تهريب البشر الذي كان ناشطاً في سنوات الحرب السورية. هكذا كان الوضع حتى يوم الأربعاء الفائت. يومها تلقى الدفاع المدني في البقاع الشمالي إتصالاً من مواطن طلب فيه المساعدة لسحبه وشقيقه بعدما علقت سيارتهما في الثلوج التي تساقطت بغزارة في جرود منطقة عيناتا.
وبحسب المعلومات تبين لعناصر الدفاع المدني أن المدعو مهدي. س. وهو من مدينة بعلبك هو من علق اولاً في الثلوج، إتصل بشقيقه لمساعدته فلم يتمكن الأخير من إنجاز المهمة لذلك لم يعد أمامهما إلا الإتصال بالدفاع المدني. كما تبين أيضاً أن مهدي. س. وقبل أن يتصل بشقيقه وبعدها بالدفاع المدني، لم يكن وحيداً في جرود عيناتا بل كان برفقة عدد من السوريين، وهذا ما كشفه لعناصر الدفاع المدني، كل ذلك من دون أن يُعرف سبب تواجده مع السوريين في تلك المنطقة. عناصر الدفاع المدني وبنتيجة بحث ميداني في الجرود دام لمدة ثلاثة أيام، تمكنوا من العثور في منطقة عيون أرغش أي على بعد كيلومترات على أربع جثث غطتها الثلوج تعود لسيدتين من التابعية السورية وطفلين. ما فضح فرضية التهريب، هو الطفل الثالث الذي أفاد مهدي. س. الدفاع المدني أنه كان برفقة والدته وأشقائه. هذا الطفل، وبينما كانت عناصر الدفاع المدني تبحث عنه في جرود عيون أرغش، تلقت القوى الأمنية إتصالاً يفيد بأنه أصبح مع والده في بيروت، الأمر الذي يؤكد بحسب المصادر الأمنية أن مهدي س. لم يكن بمفرده في الجرود بل كان معه أشخاص آخرون تمكنوا من الهرب قبل إشتداد العاصفة ومعهم هرب الطفل الثالث ووصل الى منزل والده في بيروت، وهذا ما تتركز عليه التحقيقات التي تولاها فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي. المصادر الأمنية ترجح أن يكون مهدي. س. قد حاول تهريب الأشخاص من لبنان الى سوريا مقابل بدل مادي، الأمر الذي أدى الى مقتل السوريين الأربعة بسبب إشتداد العاصفة الثلجية خصوصاً وأن الطريق التي عثر فيها على الجثث في عيون أرغش، تؤدي الى منطقة الهرمل التي تضم أكثر من معبر غير شرعي يتم إعتمادها للتهريب. وفي تفسير لهدف التهريب، هناك من يقول إن السوريين الذين يريدون الإنتقال من لبنان الى سوريا بهدف زيارة أقربائهم، يفضلون الإنتقال عبر معبر غير شرعي لعدم العبور عبر الأمن العام اللبناني الذي سيمنعهم لاحقاً من العودة الى لبنان.
مهدي. س. ملاحق من قبل فرع المعلومات بعدما صدر بحقه بلاغ بحث وتحر،ّ وعند توقيفه ستتكشف الحقيقة الكاملة لهذه الجريمة، لكن الأكيد أن تهريب البشر عاد، ومن المتوقع أن ينشط أكثر فأكثر كلما تحسنت الاحوال الجوية وأصبح عبور الحدود سيراً على الأقدام اسهل مما هو عليه في أيام العواصف.