نسير نحو القيامة. انه الاسبوع الكبير، انه اسبوع الالام، الذي سينتهي بالعذابات والصلب والموت والقيامة، الّتي هي الافق الاساسي الذي سينتهي فيه هذا الأسبوع.
السفر الطويل خلال فترة الصوم المبارك، هو ابحار وعناء نحو ميناء الخلاص في فترة الصوم، "للغوص في سر المسيح المتألم، فنعيشه في ضوء أهم حلقات التاريخ الخلاصي".
انّ الخليقة عاشت مع "آدم الاول الّذي اختبر الخطيئة والموت ونال الوعد بالمخلص، وهي شخصت ابراهيم وهو يقدّم وحيده اسحاق ذبيحة لله، ورافقت يوسف الصدّيق وكيف رماه اخوته في قعر البئر وساقه الاسماعيليون عبدا الى مصر، وبكت على ايوب حيث طحنته الاوجاع والالام وسكبت مع المجدليّة طيب توبتها على اقدام يسوع وهي تشتهي ان تأكل الفصح الجديد مع عروسها الالهي عربون محبة وحضور ابدي في العالم... وتحثّ الخطى الى صخرة الجلجة مع مريم تعانق جراحات فاديها المعلق على خشبة، وترافق الحي المائت الهابط الى الاموات يبشرهم بالقيامة والحياة، ولا ينتهي الاسبوع العظيم الا وقد غسلت الكنيسة قلبها بالتوبة ونالت بالمصالحة الغفران" (اسبوع الالام الكسليك 1976 ص و).
الاله الانسان تألم ومات وقام
الإله المنزّه عن الالام الحيّ الذي لا يكون تألم ومات ليكفر عن ذنوبنا ويفتح لنا بموته باب الخلاص ويصالح بين الارض والسماء، تألم ومات لأجلنا ليحررنا من عبودية الخطيئة وينقذنا بالامه المحيية من سلطان الموت وقوة الشرير. بآلامه حول لنا كل شيء وقلب منطق الاشياء، فصار ضعفنا قوة وحقارتنا عزة، وموتنا حياة، وهلاكنا خلاص، وقد البسنا يسوع بآلامه البرّ، وعارنا تاجا، وصليبه صولجانا، والبسنا ثياب العرس، لنأتي الى وليمة عرسه السماوي، ولكي نليق بمجد جلاله الالهي، ونصبح متكاملين بكماله، لأنّ يسوع بذل نفسه ذبيحة مرضيّة عنا، فأصبحنا ملك يديه المباركتين، وذبيحة مقدسة جديرين به، ومحرقة نقيّة كريمة في عينيه، وبخورا طيبا وكرمة خصيبة تليق بنعمته الالهية.
يوسف المثال كيسوع
أول شخصية تطالعنا في رمزيّتها الى قصة حياة يسوع في صلوات أسبوع الالام الطقسيّة هي شخصيّة يوسف الّذي أبغضه أخوته، ويسوع أبغضه شعبه. يوسف كان يجلب الطعام الى اخوته، أمّا يسوع فحمل لنا خبز الحياة، يوسف تآمر عليه اخوته ليقتلوه، ويسوع تآمروا عليه واتهّموه كذبًا وجورًا وظلمًا ليقتلوه. يوسف تخلّوا عنه اخوته فتلقّفته قافلة من التجار الاسماعليين الذاهبين الى مصر حيث باعوه هناك، ويسوع باعه يهوذا بثلاثين من الفضة. يوسغ خلص اخوته وانقذهم من الجوع والموت والهلاك، ويسوع خلصنا بموته، وافتدانا بسفك دمه. يوسف كان امينا لارتباطه باخوته وعائلته وشعبه، ويسوع كان امينا للدعوة التي اتى لأجلها، وهي أن يفتدي اخوته. يوسف انقذ مصر من الجوع، ويسوع أنقذ الامم، ويوسف أنكره شعبه ولكن يسوع قبلته الشعوب الاخرى، يوسف اخلى مركزه وعاد فلحق باخوته وشعبه ويسوع اخلى ذاته وحمل اوجاعنا وذاق الالام حبا بنا.
رب الملائكة سار كعبد منبوذ يصفعه رجال قيافا. أُلبس ارجوانا كاذبًا وهو الكاسي زهور الحقل بالجمال، كُلّلَ بالشوك وهو متوّج بالشمس بالنور والضياء.
نابوت اليزرعيلي ويسوع
نابوت اليزرعيلي شهدوا عليه ظلما وزورا وكذبا وجورا حتى الموت عريانا على خشبة الصليب.
الملك آحاب يريد كرم نابوت اليزرعيلي الّذي طلب الملك قائلا "معاذ علي أن أبيع إرث أجدادي فحزن آحاب ورأته امرأته ايزابيل فقالت له لا تهتم انا سأتصرف، وأتت بشيخين شهدا زورا وبهتانا على نابوت فحكموا عليه بالرجم ومات تحت رمي الحجارة عليه، فأتت ايزابيل الى زوجها آحاب قائلة ان الذي لم يبعك الكرم قد مات، وعرف ايليا النبي بالذي حدث فصرخ قائلا للملك إن الكلاب ستلحس دمك حيث سفكت دم نابوت كذلك قال لايزابيل ان الكلاب ستلحس دمك انت ايضا وهكذا كان.
وسخط الملك ولكن نبوءة ايليا تحقّقت فيه وهو هارب على عربته إذ مات على الدرب ولحست الكلاب دمه كما لحست دم امرأته ايزابيل.
دم نابوت انتقم من دم آحاب الملك وامرأته ايزابيل، بينما دم يسوع افتدى صالبيه الذين صرخوا "دمه علينا وعلى اولادنا"، لكنّه قال على الصليب "اغفر لهم يا ابتاه لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون"، يسوع افتدانا وخلصنا بآلامه وصلبه وموته على الصليب وأوصلنا الى القيامة.