يُواجه مُعسكرا اليمين المُتطرّف في الكيان الإسرائيلي، صعوبة بتشكيل الحكومة الـ36، جرّاء ما أفرزته انتخابات "الكنيست" الـ24، التي جرت الثلاثاء الماضي، من كُتلتين لم يتمكّن أيٌّ منهما من تأمين أغلبية 61 صوتاً.
هذا الواقع يُنذِر بالتوجّه إلى انتخابات خامسة في الصيف المُقبل، بعدما جرت 4 مرّات خلال أقل من عامين.
وسيتسلّم رئيس الكيان الإسرائيلي رؤوفين ريفلين النتائج الرسمية النهائية للانتخابات، يوم غدٍ (الأربعاء)، حيث سيبدأ مُشاوراته مع الأحزاب السياسية، الإثنين المُقبل، للوقوف على ترشيحاتها لتشكيل الحكومة، ليختار، يوم الأربعاء في 7 نيسان/إبريل المُقبل مَنْ سيُكلّفه بتشكيل الحكومة.
وأظهرت النتائج النهائية التي أعلنت عنها "اللجنة المركزية للانتخابات" مساء (الخميس) - أي بعد أقل من 48 ساعة على إجراء الانتخابات، أنّه شارك فيها 67.4%، فمن 6.578.084 ناخباً - اقترع 4.435.805، وتمَّ إلغاء 26.239 صوتاً، فبلغ عدد الأصوات الصحيحة 4.409.599.
تطلّب اجتياز نسبة الحسم 143.311 صوتاً، تمكّنت من تجاوزها 13 قائمة من بين 39 تقدّمت للانتخابات.
تبيّن تراجع نسبة التصويت عمّا كانت عليه في الانتخابات الماضية، حين بلغت 71.47%، والتي كانت الأعلى مُنذ مُدةٍ طويلة.
جاءت النتائج وفق الآتي: "الليكود" برئاسة بنيامين نتنياهو 30 مقعداً، "يش عتيد" برئاسة يائير لبيد 17 مقعداً، "شاس" برئاسة أرييه درعي 9 مقاعد، "أزرق أبيض" برئاسة بيني غانتس 8 مقاعد، "يهدوت هتوراه" برئاسة موشيه غافني 7 مقاعد، "يميننا" برئاسة نفتالي بينيت 7 مقاعد، "العمل" برئاسة ميراف ميخائيلي 7 مقاعد، "إسرائيل بيتنا" برئاسة أفيغدور ليبرمان 7 مقاعد، "أمل جديد" برئاسة جدعون ساعر 6 مقاعد، "القائمة العربية المُشتركة"
برئاسة أيمن عودة 6 مقاعد، "الصهيونية الدينية" و"الفاشية" برئاسة بتسلئيل سموتريت وايتمار بن غفير 6 مقاعد، "ميرتس" برئاسة نيتسان هوروفيتس 6 مقاعد و"القائمة العربية المُوحدة" (الجبهة الإسلامية) برئاسة منصور عباس 4 مقاعد.
في ضوء ما أفرزته النتائج، فإنّ المُعسكر الذي يدعم نتنياهو حصل على 52 مقعداً: "الليكود" 30 مقعداً، "شاس" 9 مقاعد، "يهدوت هتوراه" 7 مقاعد و"الصهيونية الدينية" 6 مقاعد.
فيما حصل التكتّل الذي يُعارض نتنياهو على 51 مقعداً: "يش عتيد" 17 مقعداً، "أزرق أبيض" 8 مقاعد، "العمل" 7 مقاعد، "إسرائيل بيتنا" 7 مقاعد، "أمل جديد" 6 مقاعد و"ميرتس" 6 مقاعد.
تبقى 3 كُتَل تتمثّل بـ17 مقعداً، لا يُمكن أنْ تنضم بشكلٍ طبيعي إلى أيٍّ من المُعسكرين، هي: "يميننا" 7 مقاعد، "القائمة العربية المُشتركة" 6 مقاعد و"القائمة العربية المُوحّدة" (الجبهة الإسلامية) 4 مقاعد، والتصويت إلى أي من المُعسكرين يُعزّز من فرصه بتشكيل الحكومة.
لذلك، فإنّ الكُتلة التي يتزعّمها نتنياهو لن يكون بإمكانها تشكيل الحكومة إلا إذا شارك بها بينيت (7 مقاعد)، وضرورة إقناعه أو إغراء نائبين من الكتل الأخرى بالانضمام إلى الحكومة، وإلا فإنّ أمله الوحيد يبقى بإقناع صديقه رئيس "القائمة العربية المُوحدة" (الجبهة الإسلامية) منصور عباس بالانضمام إليه مع أصواته الـ4.
لكن أي احتمال بدعم عباس لنتنياهو، يلقى اعتراضاً من رئيس "الحركة الصهيوينة" سموتريت بالمُشاركة في حكومة مع "القائمة المُوحّدة".
هذا الأمر أدّى إلى خيبة أمل لنتنياهو، بعد المُفاجأة التي سجّلها رئيس حزب "يهدوت هتوراه" موشيه غافني، الإعلان عن دعمه تكليف نتنياهو لتشكيل الحكومة، وذلك كرد فعل على الأخير كسب أصوات ناخبين تقليديين لأحزاب "الحريديم" بالدخول إلى مناطق نفوذهم الانتخابية، واستمالتها لصالح قائمة "تحالف "الصهيونية الدينية" مع "الفاشية" برئاسة سموتريت وبن غفير، التي حصلت على 6 مقاعد، بعدما كانت الاستطلاعات تتحدّث عن فشلها بتجاوز نسبة الحسم.
وما زاد الأمور تأزُّماً رفض مُنافس نتنياهو السابق في"الليكود" ساعر المُشاركة في الحكومة، على الرغم من تعهدّه إليه بتركها خلال عام!
أما في ما يتعلق بالكتلة المُعارضة لنتنياهو، الهادفة إلى "التغيير"، فإنّ الاتصالات جارية بين أعضائها لتذليل العقبات التي تعترضها، ومحور هذه الاتصالات ساعر، الذي تربطه علاقات مع باقي رؤساء الكتل، وفي الطليعة لبيد وبينيت، المُتصارعين على رئاسة الحكومة.
تتركّز خطّة المُعارضة على تشكيل حكومة بديلة، تحت اسم "حكومة شفاء وطني"، لمُدّة عام تجنُّباً لانتخابات عامة خامسة.
تقتضي الخطة بأنْ يتناوب على رئاستها بينيت ولبيد، بعد تنازل ساعر عن ذلك لصالح بينيت، وتنطلق من 52 صوتاً يُمثلون: "يش عتيد"، "أزرق أبيض"، "أمل جديد"، "يمينا"، "إسرائيل بيتنا" و"العمل".
تعتمد هذه الكتلة على عدم تصويت "ميرتس" أو القائمتين العربيتين لصالحها.
وقد اجتمع ساعر وبينيت وبحثا منح الأخير الأولوية برئاسة الحكومة، كما تحدّث ساعر مع لبيد.
والتقى لبيد عشية عيد الفصح العبري، ليبرمان وناقش معه تشكيل الحكومة، كما بحث الأمر مع ميخائيلي.
لكن الاجتماع الأبرز كان مع حليفه السابق غانتس، قبل الافتراق بينهما، بعدما نجح نتنياهو بشق غانتس واستمالته إلى تأييده.
والتقيا في مكان مُحايد بعد القطيعة، حيث رفض غانتس التعهّد للبيد بالتوصية به لتشكيل الحكومة.
يفكّر غانتس بأنْ يُوصي بتسمية بينيت لتشكيل الحكومة بدعم من ساعر، حيث يشكّل الثلاثة تحالفاً يسعى إلى تشكيل "حكومة مُصالحة وطنية" من دون الأحزاب العربية، وإنْ لم يكن لديه أغلبية 61 صوتاً في "الكينيست" بداية، لأنّ الهدف في المرحلة الثانية دمج أحزاب أخرى من اليمين و"الحريديم" وحتى "الليكود" من دون نتنياهو.
يُدرك لبيد وكتلة المُعارضة أنّه لا يُمكنهم تشكيل حكومة من دون تأييد أصوات النوّاب العرب، لذلك اجتمع، في منزله مع عباس، وجرى بحث تشكيل الحكومة، ودعم "القائمة المُوحّدة" له، ويرتّب لقاءً مع عودة لبحث دعم "القائمة المُشتركة" له.
هذا هو "الممر الإلزامي" لهم للإطاحة بنتنياهو، وعندها يُمكن تأمين 61 صوتاً، ما يُعطي الثقة للحكومة، التي تبقى هشّة، وحتى لو كان عمرها قصيراً، لكن يكونون بالحكم.
وتبقى المُعضلة التي تُواجه لبيد والمُعارضة، أنّ بينيت كان قد وقّع وثيقة يلتزم فيها بعدم المُشاركة في حكومة تحظى بدعم النوّاب العرب، فهل سيُبدّل موقفه ويخضع للمُساومة والقبول بالأمر الواقع إذا ما كان ذلك يُؤدي إلى تحقيق ما يُدغدغ مُخيّلته بأنْ يُصبح رئيساً للحكومة؟
وما هو موقف عباس والشروط التي يُمكن أنْ يفرضها على مثل هكذا تكتّل مُعارِض، وهو الذي لم يجر أي اتصال بينه وبين "القائمة العربية المُشتركة" التي انشقَّ عنها؟
يتركّز جُهد المُعارضة على تشكيل حكومة بديلة وتمرير المُوازنة ومشروع قانون ينوي ليبرمان تقديمه، بمنع عضو "كنيست" تُوجّه لائحة اتهام ضده، من الحصول على تكليف بتشكيل الحكومة، في ضوء لوائح الاتهام المُقدّمة ضده، حيث سيبذل جُهداً للحؤول دون ذلك.
هذا الأمر مُوجّه ضد نتنياهو بشكل خاص، حيث يُواجه تُهماً بملفات جنائية تتعلّق بالفساد والاحتيال والخيانة، وسيمثل أمام المحكمة اعتباراً من الاثنين المُقبل، بمعدّل 3 مرّات أسبوعياً، وهو ما قد يقود به - في حال إدانته - إلى السجن لمُدّة بين 3-10 سنوات.
على أنْ يلي ذلك التوجّه إلى أحزاب "الحريديم" "شاس" و"يهدوت هتوراه".
هذا في وقت، بدأت تتعالى الأصوات داخل "الليكود" مُنتقدة نتنياهو على دعمه "الصهيونية الدينية"، الذي فاز بـ6 مقاعد، واقعياً هي من خسارة "الليكود" لها في تمثيله الذي كان في "الكنيست" الأخير 36 وأصبح 30 مقعداً، بعدما استطاع أنْ يشقّه عن حليفه اللدود، بينيت.
وكذلك بشق "القائمة المُوحّدة" برئاسة عباس، الذي بقس مُمثّلاً بـ4 مقاعد، بعدما انشق عن "القائمة العربية المُشتركة"، ما أفقد الفلسطينيون 5 مقاعد.
لكن نتنياهو ذاق السُم ذاته الذي أعدّه لخصوه، بتلقيه سهم مُباشر من داخل "الليكود" مع انشقاق ساعر، الذي فاز بـ6 مقاعد، فضلاً عن انشقاق آخرين.
وقد ارتفعت انتقادات أعضاء "الليكود" ضد نتنياهو مُتهمة إياه بالسبب عن إحجام 300 ألف ناخب عن التصويت لصالح "الليكود" ما أفقدهم 6 مقاعد، كانت كفيلة بتغيير المُعادلة، بعدما تراجع التمثيل إلى 30 مقعداً، هو الأدنى عمّا حصل عليه في جولات الانتخاب الأربعة.
إلى ذلك، في إطار مُخطّط شرطة الاحتلال والمُتطرّفين، ضد الفلسطينيين داخل المناطق المُحتلة منذ العام 1948، أعدمت شرطة الاحتلال أمس (الإثنين) الشاب منير أحمد عنبتاوي (33 عاما) في حي "وادي النسناس" بمدينة حيفا.
جاء إطلاق النار باتجاهه بعدما قامت والدته بالاتصال بالشرطة ليتم نقله إلى المُستشفى لأنّه يُعاني اضطرابات، فكان أنْ أطلقت شرطة الاحتلال 3 رصاصات باتجاه ظهره بدلاً من تهدئة روعه.
وقد سقط 22 ضحية من العرب مُنذ مطلع العام الجاري، بينهم 4 برصاص الشرطة.