مرّ على اللبناني الكثير بدءاً من فقدانه جنى عمره في المصارف وصولا الى تدهور سعر صرف الليرة وضعف القدرة الشرائيّة، ولم يعد في لبنان طبقة فقيرة أو طبقة وسطى وطبقة غنية، فهناك من إستفاد من إنخفاض سعر الليرة فكوّن ثروات ضخمة، وبين متوسّط الحال الذي بات معدوماً... وفي ظلّ هذا كلّه أصبحت الساحة اللبنانية مستودعاً لكل أنواع المساعدات، من الإعاشة وصولا الى أسلوب جديد اليوم هو اللقاح!.
اللقاح باب البازار الإنتخابي؟!
منذ أن بدأت الدولة حملة التلقيح في شباط الماضي وكل الأسس التي أطلقتها في حينها ظنّ المواطنون أن مسألة اللقاح مختلفة عمّا كنا نعيشه سابقا، ولكن لم ينتظروا طويلاً حتى ظهرت الحقيقة. فوزارة الصحة بحسب ما أكدت مصادرها لـ"النشرة" سمحت بإستيراد شركات الأدوية الخاصة للقاح الصيني "سينوفارم" و"سبوتنيك" الروسي و"استرازينكا" والسبب مطالبات المصانع وأرباب العمل بتلقيح عمّالهم والموظّفين والهدف ألاّ تتأخّر الحركة الإنتاجية، على أن تقوم المؤسسات والنقابات والمصانع بشراء اللقاح من الشركة المستوردة وتوزّعه مجانًا على الافراد". ولكن ما نسمعه في الاعلانات إختلف بعض الشيء، فهذا الباب الذي فتحته وزارة الصحّة إستفادت منه الأحزاب عبر المؤسسات التابعة لها لشراء اللقاح وتوزيعه على المواطنين أو ربما ناخبيها!.
"سينوفارم" في كسروان
في كسروان أرسلت بلديّات ومنهم داريا، الغينة، زوق مصبح، الكفور اعلاناً الى سكانها تبلغهم فيه أن اللقاح الصيني تأمّن للأهالي، وأن الحملة تمّت بالتنسيق مع تيار "المستقبل". في هذا الاطار يشرح رئيس بلدية الغينة جهاد ناضر لـ"النشرة" أن "أيّ أحد يقوم بتسجيل إسمه من سكان البلدة أو من هو نفوسه من البلدة عبر المنصة التابعة لوزارة الصحة سيحصل على اللقاح الصيني"، مؤكّدا أنّ "العمليّة لن يكون فيها إستثناء لأحد"، ومشددا على أنه "حتى الآن تسجّل 350 شخصاً"، رافضاً في نفس الوقت وضع هذا الامر في خانة "الرشوة الانتخابيّة" لأنّ المرشحين على الانتخابات في كسروان موارنة ولا وجود هنا لتيار "المستقبل".
"سبوتنيك" في بشري
في بشرّي أيضاً أطلقت النائب ستريدا جعجع عبر مؤسسة "جبل الأرز" حملة تلقيح أهالي بشري بلقاح "سبوتنيك". وهنا ايضاً لفتت المسؤولة في المؤسسة ليلى جعجع الى أننا "سنمرّ عبر المؤسسات الخاصة التي استوردت اللقاح الروسي للحصول عليه، والعقد قد أبرم واشترينا 5000 جرعة لـ2500 شخصاً"، مشيرةً الى أننا "سنلقّح من هم بين 55 و74 عاماً على أن يكون الشخص من قضاء بشري، وقد إخترنا هذه الفئة العمريّة لأن وزارة الصحة لقّحت من تجاوزت أعمارهم الـ74 عاماً"، مشددة أيضاً على أنّ "الشخص الذي سيستفيد من اللقاح سيسجّل إسمه عبر المنصّة وسيقوم بنفس الوقت بتعبئة إستمارة في مكتب نوّاب "القوات" في بشري"، رافضةً أيضاً "وضع هذا الامر في خانة الرشوة الإنتخابيّة أولاً، لأن لا إنتخابات في الوقت الحاضر وثانيا لأن مؤسسة جبل الأرز تقدم المساعدات منذ العام 2007".
إذاً، وحتى الساعة وبحسب مصادر وزارة الصحة "35 شركة أدوية حصلت على الموافقة لإستيراد اللقاحات من الخارج ولكن فقط شركة فارمالين نجحت في إحضار اللقاح الروسي "سبوتنيك" الى لبنان حتى اليوم"...
توزيع اللقاحات بالشكل الذي يحصل لا شكّ أنّه يعتبر "رشوة إنتخابية" شاء من شاء وأبى من أبى، والأجدى بالدولة ووزارة الصحّة مراجعة قرارها إذا كانت الأمور ستتمّ على هذا المنوال لأن اللقاح هو حقّ لكلّ مواطن ولا يجب أن يكون لفئة دون أخرى!.