وابتدأ مسار الالام. يسوع في بستان الزيتون يصلّي ورهبة العذابات والصلب والموت تجعله يعرق دما والرسل نيام لا أحد أتى ليسهر معه قليلا. انها الوحدة المصيرية الكبرى. يسوع وحيد هو. وفي هذا الليل يُقبل يهوذا الاسخريوطي الذي خانه وباعه بثلاثين من الفضة لأسياد اليهود عليه وليمسكوا معلّمه يسوع ابن الانسان الإله.
أبقبلة تبيع ابن الانسان
واتوا الى يسوع ليمسكوه ليلا ولأن الظلام دامسٌ دنا يهوذا من المعلّم للدلالة عليه وبأنّه ليس واحدا من الرسل، فقال له يسوع بعتاب وألم: أبقبلة يا يهوذا تبيع إبن الانسان. وتوجّه الى جمع الجنود والجمع قائلا: ما بالكم كأنكم خرجتم الى لص وسارق، وانا كل يوم بينكم شفيت مرضاكم وأقمت أمواتكم وجعلت البرص يطهرون والعُمي يبصرون والصمّ يسمعون والمخلّعون يمشون والجياع يأكلون والعطشى يشربون. أيّ شر صنعت معكم؟ أهكذا تبادلون الخير بالشرّ والمعروف بالنكران للجميل والخيانة. وأخذ بطرس سيفه وضرب اذن واحدا من الجمع. فقال له يسوع: بطرس أردد سيفك الى غمده، وأعاد الأذن سليمة من حيث قُطعت، وساقوه الى حنانيا أولا لأنه حمو قيافا الذي كان عظيم الاحبار في تلك السنة (يوحنا 18/13).
من قيافا الى بيلاطس فالجلجلة
واقتادوه من عند حنانيا الى قيافا. ثم ذهبوا به الى بيلاطس لأن المراد ان يحكموا عليه بالموت، والحاكم الروماني وحده له حق الحكم بالموت. ولما عرف بيلاطس انه يهودي ارسله الى هيرودوس الذي عاد وارسله الى بيلاطس الذي اسلمه للجند ليجلدوه. فعرّوه من ثيابه وربطوه على عامود واخذوا يجلدونه، ثم البسوه ارجوانا مزيّفا ليسخروا منه وضفروا اكليل شوك ووضعوه على رأسه لأنه "يدّعي" انه ملك اليهود.
هذا هو الرجل
ثم اخرجه بيلاطس امام الجموع اليهودية قائلا لهم: "هذا هو الرجل" فصرخوا أصلبه أصلبه واذا لم تصلبه فانت لست محبًّا لقيصر. خاف عندها عندما قالوا له: "ليس لنا ملك الا قيصر أصلبه أصلبه دمه علينا وعلى أولادنا"،وحاول ان ينقذه فقال لهم "أَأُطلق لكم باراباس أم يسوع. فصاحوا براباس. فقال بيلاطس "انا بريء من دم هذا الصدّيق"، وأسلمه لهم ليأخذوه ويصلبوه حتى الموت. فحمل يسوع صليبه وسار الى الجلجلة حيث صلب ومات على الصليب.
يسوع صُلبَ بين لصّين على تلة الجلجلة ليفتدينا ويخلّصنا بصلبه وموته ويقيمنا معه لانه هو بكر القائمين من الاموات.
كل هذه العذابات والصلب والموت والقيامة هي قصّة حب يسوع لنا. الحب وحده قاده ليفتدينا ويخلّصنا ويعيدنا الى أحضان الآب السماوي.
زيارة البابا للعراق قصة حب ورجاء
كذلك كانت زيارة قداسة البابا فرنسيس للعراق هي قصة حبّ ورجاء وسلام أعطاه لهذا البلد الجريح الذي راح ضحيّة الغدر والخيانة وبيع مدنه وجيشه وأماكنه التاريخية التراثيّة الاثرية الحضارية. فأعطت هذه الزيارة أملا ورجاء للعراق وشعبه بقيامة هذا الوطن الحضاري الكبير. كان كلام رأس الكنيسة الكاثوليكيّة للشعب العراقي عمومًا وللمسيحيين خصوصًا للبقاء في أرض بلاد الرافدين، وللعودة الى المدن التاريخيّة العظيمة والكنائس العريقة التي هُدِمت وتدمَّرت، فهم الّذين عاشوا آلام الجمعة العظيمة خلال الحروب المتواصلة منذ قرابة عقدين من الزمن اعطاهم البابا فرنسيس الأمل بالقيامة، وبرجاء جديد في بلد لا يزال حتّى اليوم يعيش الآلام والعذاب والخوف من الموت والتهجير فكان وقعُ كلامه محبة وسلام وامل بقيامة العراق والعودة الى ماضيه العريق.
لبنان في الآلام وينتظر القيامة
لكن بلدان وشعوب كثيرة مازالت تعيش أسبوع الالام ومنها لبنان بعد انفجار مرفأ بيروت الكارثي في الرابع من آب 2020، وتفشي وباء كورونا والانهيار الاقتصادي والمالي، وجوع الناس وفقدانهم للدواء، إضافة الى الغلاء الّذي يضرب بديهيّات حياتهم وانتشار جرائم القتل والسرقة وتهريب المواد الاساسية وامتلاء المستشفيات، وهجرة الكثير من الشباب والشبّان بحثًا عن فرصٍ أفضل، لذلك فان لبنان يعيش على انتظار فجر القيامة مع المسيح والعودة الى أيّامه الجميلة السابقة. وعلى هذا الامل وبالرغم من كل شيء سنبقى نردد: المسيح قام حقا قام ونحن سنقوم معه ولبنان وطننا سيقوم ايضا. امين يا رب.