اثار الفيديو المصور والذي انتشر ليل امس الاول للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الكثير من التساؤلات حول الدوافع والاهداف، ولا سيما ان الراعي غادر "المنطقة الرمادية" في مواقفه الاخيرة، ولا سيما منذ اطلاقه موضوع الحياد منذ 3 اشهر وصولاً الى موضوع المؤتمر الدولي منذ شهر نيف، وصولاً الى الفيديو الاخير والذي سمى فيه حزب الله بالاسم.
وتوجه اليه سائلاً عن رفضه للحياد، ومنتقداً إدخال حزب الله لبنان واللبنانيين في حروب المنطقة وهو يقرر عن الحكومة والدولة ويختصر قرار السلام والحرب مع اسرائيل بشخصه.
وتؤكد اوساط بارزة في "الثنائي الشيعي" لـ"الديار"، ان موقف الراعي ليس جديداً بالمضمون لكنه بات واضحاً اكثر بالشكل، وتوجه الى حزب الله بالاسم حتى يزول "الالتباس"، كما انه اطلقه بالصوت والصورة كي يكون موثقاً ومنعاً للتأويل.
وعن التوقيت تشير الاوساط، الى انه أتى مباشرة بعد لقائه وفدا إيرانيا امس الاول برئاسة الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية الشيخ حميد شهرياري مع وفد دبلوماسي ايراني وللتأكيد ان لا تبدل في المواقف تجاه ايران او حزب الله.
كما اتى تصريح الراعي بعد ساعات على إطلالة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وبعد 3 اسابيع من اللقاء الذي عقد للجنة الحوار بين البطريركية المارونية الممثلة بالمطران سمير مظلوم والأمير حارس شهاب، وبين حزب الله الممثل بعضوي المجلس السياسي للحزب، الحاج محمد سعيد الخنساء، والحاج مصطفى الحاج علي، لقاءاتها في 9 آذار الجاري بعد توقف لاكثر من ثلاثة اشهر.
وعقد هذا اللقاء ولسحب هذا التوتر، ومن منطلق ان حزب الله لا يريد اي سجال مع اي جهة، ولا سيما مع بكركي وما يمثله البطريرك من مرجعية دينية ومسيحية، وبعد أخذ ورد اعلامي وصخب سياسي والذي سبق وتلا اللقاء الذي الراعي في 27 شباط الماضي، بحشد شعبي غلب عليه الطابع "القواتي" و"الكتائبي" ومستقلون وجزء من تشكيلات تجمع 17 تشرين الاول. كما ارتفعت وتيرة التوظيف السياسي لمواقف الراعي ولا سيما من خصوم حزب الله لتصوير ان الخلاف ليس فقط سياسياً وحول السلاح بين بكركي وحارة حريك بل هو صراع طائفي ومسيحي-ماروني وحول الخيارات المصيرية والبنيوية في لبنان.
كما يأتي فيديو الراعي كرد على الاجوبة والايضاحات الاضافية التي طلبها حزب الله وغير التي سمعها من ممثلي بكركي خلال اجتماع اللجنة المذكور، والتي ركزت على ان الشعارات التي اطلقت خلال لقاء السبت لم تكن بموافقة الراعي وانه لم يسع الى اي توظيف سياسي لهذا اللقاء، وان سلاح حزب الله ليس مستهدفاً، وان الحياد لا يعني الصراع مع العدو الاسرائيلي.
وكان حزب الله ينتظر الاجوبة التي اتت في فيديو الراعي، بعد انتظار لثلاثة اسابيع تقريباً، كما لم يلمس حزب الله اي تراجع او تخفيف او تبدل في نبرة الخطاب المتعلق بالحزب من قبل الراعي بل كرسه بمواقفه امس الاول.
وبالتالي أكمل الراعي بالفيديو ما بدأه في مواقفه السابقة، ويبدو انه سيكمل في المسار نفسه وفق الاوساط.
وتقول ان حزب الله لن يعلق في الاعلام على هذه المواقف وسيلتزم الصمت، ولن يكون هناك اي سجال او ردة فعل بل التزام وحرص على العلاقة مع الراعي، معهما بلغت حدة المواقف والتباينات، ولكن قد تؤجل اجتماعات اللجنة او قد يجمد بشكل موقت الحوار الذي عاد بعد قطيعة لأشهر بين الجانبين وبعد جلسة 9 آذار الماضي.
وتكشف الاوساط المطلعة على اجواء الجلسة،ان حزب الله كان يتمنى ويفضل ان يكون هناك تشاور معه من قبل الراعي وقبل اعلانه مواقفه الشهيرة عن الحياد وعن المؤتمر الدولي.
ويرى حزب الله ان الافضل كان التشاور والتفاوض داخل الاروقة المغلقة وبحوار شفاف وواضح ومن دون قفازات.
وبالتالي بعد إطلاق هذه المواقف والتي يعتبر كثيرون وحزب الله انه مستهدف فيها لجهة السلاح والحياد واتهامه بوضع اليد على البلد، اصبح الراعي اسير هذه المواقف ولم يعد في استطاعته التراجع عنها او تعديلها.
وتقول الاوساط ان الجلسة ناقشت كل الموضوعات من الحياد وظروف اطلاق هذه المواقف، والتي استكملها بالمواقف عن المؤتمر الدولي. وكان رأي حزب الله ان هذا المؤتمر الدولي يستجلب تدخلات دولية ووصايات. والحياد ايضاً مفهومه ملتبس، وقد يُفهم انه دعوة الى التطبيع والسلام مع العدو بلا تحرير الارض او عودة اللاجئين الفلسطينيين او اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. واي دعوة الى اي نوع من الحياد اوالمؤتمر الدولي تحتاج الى توافق داخلي وحوار بين الافرقاء وبناء عليه يتم اتخاذ اي قرار بهذا الاهمية وليس بقرار فردي.