انتهت زيارة المفوض العام لـ"الاونروا" فيليب لازاريني الى لبنان بوعود قطعها بالسعي الجدي لتأمين الاموال الضرورية لتوفير استمرار الخدمات وسد العجز في الموازنة كما فعل اسلافه من قبل، غير ان اللاجئين الفلسطينيين شعروا للمرة الاولى بالرضى عنها، رغم احتجاجاتهم المتواصلة ومطالبهم الملحة بزيادة تقديمات الوكالة بمختلف اشكالها، في ظل ظروف استثنائية مع تفشي جائحة "كورونا" وتفاقم الازمة الاقتصادية والضائقة المعيشية، التي جعلت من غالبية ابناء المخيمات تحت خط الفقر المدقع ومهددين بالجوع والمرضى معا.
وتؤكد مصادر فلسطينية عبر "النشرة"، ان مرد الرضى الفلسطيني يعود الى شعورهم بمدى تفهم لارازيني عن كثب لمأساتهم الانسانية التي تفوق الوصف والتي عاينها على ارض الواقع، والتي عبر عنها في تصريحاته المتوالية سواء خلال اللقاءات السياسية والشعبية التي عقدها مع ممثلي الشعب الفلسطيني او خلال جولاته الميدانية الى قادته الى مخيمي "عين الحلوة" جنوبا و"نهر البارد" شمالا لتفقد احتياجات ابنائهما، او خلال تغريداته خلال الزيارة او البيان الختامي مع مغادرة لبنان، وكلها حملت مضمونا واحدا دون جواب على تساؤلات فلسطينية كثيرة حين وصلت الامور الى ثلاث خيارات: الموت من المرض وخاصة من COVID-19، أو الموت من الجوع ارتباطا بالبطالة والغلاء أو الذهاب إلى البحر في قوارب الهجرة، على أمل بدء حياة جديدة على الجانب الآخر من البحر الأبيض المتوسط"؟ سأل لازاريني، قبل ان يضيف "لا ينبغي جعل أي شخص يشعر باليأس الشديد، وصولا الى دعوة "المانحين والداعمين بشكل عاجل إلى مساعدة مجتمع ضعيف للغاية في بلد يعاني فيه الجميع. القليل يمكن أن يقطع شوطا طويلا في حالة لاجئي فلسطين في لبنان، وأنا أدعو المجتمع الدولي للمساعدة في ضمان أن يتمكنوا من العيش بكرامة والحفاظ على الاستقرار في المخيمات".
والتساؤلات التي فتحت الباب على مصراعيهودقت ناقوس الخطر من المعاناة الشديدة لواقع حال اللاجئين من جهة وضرورة تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته كاملة من جهة أخرى، عكست انزعاج لارازينيالواضح والصريح من عدم الاستقرار الذي يعيش فيه الفلسطينيون بعدما باتت أمامهم ثلاث خيارات للموت، ولا سيما خلال الأزمة المالية الحادة والضائقة المعيشية والوباء. حيث يعيش الالاف من لاجئي فلسطين في 12 مخيماً مكتظاً في جميع أنحاء لبنان، اضافة الى 156 تجمعا متفرقا تفتقر الى ادنى شروط الحياة الكريمة.
وتؤكد وكالة الاونروا مرارا ان اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يحصلون على خدمات صحية وتعليمية واجتماعية، فيما يحصل الأشخاص الأكثر ضعفا، بمن فيهم اللاجئون الفلسطينيون الذين فرّوا من سوريا، على مساعدات ماليّة لشراء الطعام والضروريات الأساسية الأخرى. ولكن مع الأزمة الماليّة الحاليّة، وجد معظم اللاجئين أنفسهم ينزلقون أكثر نحو الفقر المدقع. ومع "أزمة الدولار" في لبنان، حيث سعر الصرف الرسمي له مقابل الليرة اللبنانية أقل بعشر مرات من سعر السوق السوداء، تراجعت القوة الشرائية للمساعدة النقدية للأونروا بمقدار عشرة أضعاف. بينما تسعى المؤسسة الدوليّة المذكورة بشكل عاجل إلى مساعدة اللاجئين من خلال تزويدهم بالمساعدات النقدية الطارئة بالدولار والاستجابة المعززة لـCOVID-19 للحد من انتشار الفيروس في المخيماتوللحصول على أموال لإنهاء إعادة إعمار مخيم نهر البارد الذي دمر عام 2007.
وفي دردشة مع الصحافيين، اعتبر المفوض العام لازاريني "ان ميزانية وكالة الاونروا لم تلحظ اي زيادة منذ ثماني سنوات، فيما الحاجات والاحتياجات تتصاعد بشكل هائل، ولذلك سيتم عقد مؤتمر دولي هذا العام بمبادرة من حكومتي الاردن والكويت ستطالب فيه الوكالة رصد أموال لتحسين جودة خدماتها"، مشيرا الى ان "مستوى الجائحة والمشاكل الناجمة عنها والمعاناة في لبنان من الناحية الاقتصادية والاجتماعية غير مسبوق ولا بد ان يكون هناك تحرك لرفع صوت اللاجئين الفلسطينيين وانا سأحمل هذه الرسالة الى الاسرة الدولية".
وأضاف:قيل لي ان اللاجئين الفلسطينيين هم أمام ثلاث خيارات: اما الموت من الجوع او الموت من المرض او الموت غرقا في البحر، لانهم يحاولون الهرب من هذا الواقع الاليم، وهذا يجب ألا يكون قائما يجب ان يكون للاجىء الفلسطيني خيار الحياة بكرامة وهذه الرسالة سأحملها الى المجتمع الدولي وسأطالب بان تكون على اعلى مستوى أجندة المجتمع الدولي حتى ايجاد حل عادل ودائم لقضية اللاجئين الفلسطينيين".
بالمقابل، سلم وفد "هيئة العمل الفلسطيني المشترك واللجان الشعبية" في منطقة صيدا، مذكرة الى لارازيني حصلت "النشرة" على نصّها وفيها تكرار الدعوة بضرورة إطلاق نداءات استغاثة للمجتمع الدولي لتأمين المساعدات الإغاثيّة والصحّية والماليّة الطارئة للاجئين كي يتمكنوا من مواجهة الأزمة الطارئة، لكننا لمسنا تراخيًا واضحا بهذا الخصوص، فلا نداءات أُطلقت ولا مساعٍ فعلية بذلت، وتُرك اللاجئون يعانون صعوبة العيش وضنك الحياة دون أي مساعدة تذكر، وضرورة السعي لتوفير أكبر عدد ممكن من أجهزة التنفس الإصطناعي، وقد كرر هذه المطالبة عند زيارته المستشفى الحكومي في مخيم البص، والسؤال الآن أين أجهزة التنفس الإصطناعي؟ وما الفائدة من المبالغ التي أنفقت على مراكز العزل والحجر المنزلي وما زالت مغلقة.
إننا في هيئة العمل الفلسطيني المشتركة واللجان الشعبية في منطقة صيدا نطالبكم كمفوض عام للأونروا بالتالي :
1. في الواقع الصحي: إن سياسة الأونروا في تعاطيها مع تداعيات جائحة كورونا تجاه اللاجئين، لا تنسجم مع تحذيرات المنظمات الدولية من كوارث صحية واقتصادية تشهدها المخيمات سواء بسبب هشاشة النظام الصحي او في طريقة تعاطي الانروا مع هذه الجائحة. لذلك بات مطلوبا اعتماد الاونروا لخطة طوارئ صحية، خاصة وأن بعض المخيمات وتجمعات اللاجئين ذاهبة الى انهيار صحي واقتصادي شامل، لذا أن الامر بات يتطلب رفع موازنة القسم الصحي وتأمين التغطية الشاملة من العمليات الباردة والمستعصية بما فيها الصورة M R I والتحاليل المخبرية، هذا بالإضافة إلى ضرورة تأمين الأدوية لوباء كورونا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وعدم قدرة اللاجئين على تأمين ثمن الادوية.
2. تعليمياً:ندعو إلى إجراء الاصلاحات الشاملة في البرنامج التعليمي، بما يوفر الحق في التعليم لجميع الطلبة ومعالجة مشكلة الاكتظاظ في المدارس، وسد الشواغر الوظيفية وتثبيت المعلمين والموظفين المياومين، وتطوير كلية سبلين وزيادة عدد الدورات وتوسيع قدرتها الاستيعابية، والعمل على توفير فرص العمل لهم.
3. اغاثيًا:رغم ان الوظيفة الاساسية للأونروا هي اغاثة اللاجئين، إلا ان هذه المهمة أصبحت من المهمات الثانوية، ما يتطلب ضرورة اعادة الاعتبار لهذه المسؤولية وبما يستجيب للاحتياجات المتزايدة للاجئين الذين بات القسم الاكبر منهم تحت خط الفقر (85%)، وقد سبق للاونروا وان حذرت من تداعيات الازمة في لبنان على اللاجئين الذين سدت في وجوههم كل ابواب العيش، ما يتطلب تدخلا غير تقليدي من قبل وكالة الاونروا التي لم تقدم حتى الآن الحد الادنى من الاحتياجات الحياتية لابناء المخيمات. وبالتالي بات مطلوب اعتماد خطة طوارىء لتقديم مساعدات مالية مباشرة بشكل شهري لكافة فئات شعبنا اللاجئين.
4. الترميم:لا يزال مئات العائلات من اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات يعيشون في منازل غير صالحة للسكن بسبب ظروف منازلهم : لذا لا بد من إعادة النظر في تأمين أموال لاستكمال مشاريع الترميم كي يعيش اللاجئين في أماكن سكن صحية و لائقة لهم، وعلى قاعدة زيادة عدد المستفيدين وزيادة المبالغ وتسليم المبالغ المالية وتسليمها بالدولار.
5. مشروع بصمة العين: لأن هذا المشروع تحوم حوله الشبهات السياسية والمخاطر منه كمقدمة للتوطين، فاننا نؤكد رفضنا لهذا المشروع، ونؤكد على أن المساعدات لشعبنا من الجهات المانحة هي حق دائم إلى حين إنجاز حق العودة. ولا نقبل ان تكون مشروطة تحت أي ذريعة.
6.الميزانية السنوية: تطالب هيئة العمل الفلسطيني المشترك واللجان الشعبية الفلسطينية في منطقة صيدا إلى ضرورة دمج موازنة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، ضمن الموازنة العامة للأمم المتحدة، لتجنب الضغوط السياسية التي تواجهها بعد إقرار الأمريكي بوقف تمويل الوكالة، وحتى تصبح موازنة "الاونروا" ثابتة، اسوة بالمؤسسات الدولية الاخرى التي تنبثق عن الجمعية العامة للأمم المتحدة.
7. لقاح "كورونا": نطلب وكالة "الاونروا" إلى إقرار خطة لتأمين 300 ألف لقاح للاجئين الفلسطينيين في لبنان، إذ اعلن وزير الصحة اللبناني استعداده تقديم طلب تأمين تلك الجرعات، مشترطًا حصول تمويل من الجهات المانحة وعلى رأسها وكالة "الاونروا".