أشار مدير عام المجلس الإقتصادي الإجتماعي محمد سيف الدين، في حديث لـ"النشرة"، إلى أنّ "الدّعم العشوائي خلال السّنة الماضية طال الفقير والمقتدر، وهو في مكان ما شكل دعمًا للمستوردين وليس للمستهلك، فلم يصل للمستحقّين إلّا ما نسبته حوالي 20 بالمئة، وذهب المتبقّي منه إلى عدة مزاريب، فعلى سبيل المثال، لماذا دعمنا كلّ المقيمين على الاراضي اللبنانية من مختلف الجنسيّات؟ هذه السّياسة أدّت إلى نزف حوالي 6.4 مليار دولار خلال العام الفائت".
ولفت سيف الدين إلى أنّه "منذ البداية كان يجب وضع آليّة محدّدة للدّعم، من خلال اختيار السّلع الأساسية وليس الدّعم بشكل عشوائي على سلع ومواد منها ما هو غير ضروري، فبهذه الطّريقة كنّا خفّفنا الأعباء عن كاهل المواطنين"، مشيرا إلى أنّ "هدر الوقت والأموال أوصلنا إلى وضع سيّء جدًّا، وزاد من الأعباء على أيّ فكرة لتوجيه الدعم بالشّكل الصّحيح، فلو كان لدينا اليوم 6 مليار دولار لكان بمقدورنا وضع آليّة ما تستمرّ لـ3 سنوات مثلا، ويصل الدّعم للمستحقّين فقط، أمّا نزف الأموال على المستوردين والتّجار بالإضافة إلى التّهريب واستفادة فئات غير مستحقّة أوصلنا إلى هذا الواقع اليوم".
وفيما يتعلّق بالبطاقة التمويلية، أسف سيف الدّين لأنّ "الشّحّ بالعملات الصّعبة في البلد والمصرف المركزي وضعنا أمام خيارات محدودة جدًّا"، مشيرا إلى أنّ "المجلس الإقتصادي الإجتماعي يستضيف ممثّلين عن كلّ الكتل النّيابية، وخبراء اقتصاديّين يمثّلون مختلف الأحزاب السّياسيّة، بالإضافة إلى خبراء مستقلّين وممثّلين عن البنك الدولي بحضور الوزراء المعنيّين أي الإقتصاد والشؤون الإجتماعية، حيث يتمّ عقد اجتماعات متكرّرة منذ أسابيع، وقد تمّ التّوصل قبل يومين إلى توافق بين الخبراء على ورقة على أن يتمّ مناقشتها وممثّلي الكتل، ومن المفترض ان يتمّ الإتّفاق عليها خلال أسبوع".
وأوضح سيف الدّين، أنّه "عند صدور هذه الورقة ستقترح آليّة محدّدة لترشيد الدّعم، مع التّذكير بأنّها ليست ورقة المجلس الإقتصادي الإجتماعي بل هي خلاصة النّقاشات بين الخبراء وممثّلي الكتل، فالمجلس لعب دور الحاضن للحوار للوصول إلى توافقات وسهّل التّواصل بين الأفرقاء المعنيّين".
وحول آليّة تمويل البطاقة، فضّل سيف الدّين عدم الدّخول في التّفاصيل بانتظار الإتّفاق على مضمونها مع إستمرار البحث حولها كونها محطّ جدل"، مؤكّدا أنّ "الورقة ستلحظ الحلول للتمويل، ومن المتوقّع أنّ كلفة الدّعم ستنخفص إلى ما يقارب الثّلثين".
وحول التّخوف من تطبيق الآليّات على "الطّريقة اللّبنانية"، شدّد سيف الدّين على أنّ "التّطبيق هو من مسؤوليّة الحكومة الّتي تكون موجودة حينها، وعليها أن تراقب بدقّة"، مشيرًا إلى أنّ "البحث يدور حول آليّة سهلة تشمل جميع المستحقّين وهم في الواقع غالبيّة الشّعب اللّبناني، والحديث عن 700 ألف عائلة تستفيد من البطاقة ليس مبالغا فيه".
وعن إمكانيّة إرتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء بالتّزامن مع بدء رفع الدعم، شدّد سيف الدّين على أنّ "رفع الدّعم لن يسبّب بالضرورة ازديادا على طلب الدولار من قبل المستوردين لأنّ الإستهلاك سينخفض، ومن جهة ثانية التّوصية الّتي ستصدر عن اجتماعات المجلس الإقتصادي الإجتماعي تطالب بدفع الأموال عبر البطاقة بالدولار النقدي، فإذا استفادت 700 ألف عائلة منها يعني أنّ أغلبيّة الشعب اللبناني سيحصل على "دولار كاش" وستكون مخصّصة للإستهلاك بطبيعة الحال وليس للإدخار، وهذا نوع من ضخّ للدّولار في السّوق".
وردًا على سؤال حول دعوة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لسوق اقتصاديّة مشتركة مع سوريا والعراق والأردن، رأى سيف الدين أنّ "ما حصل في الفترة السّابقة من قطع أوصال البلد مع سوريا والعراق والمحيط العربي أضر بلبنان، وفي ظرف طبيعي من الممكن أن تكون هذه الخطوة مفيدة، ولكن لا أعلم مدى فعاليتها اليوم في ظلّ غياب حكومة أصيلة، وبالتّالي أرى أنّ الأولوية هي لتشكيل حكومة جديدة ليصار بعدها إلى البحث في كافة الخيارات الإقتصاديّة".