أنت تقوم بتسجيل ابنك في المدرسة وتدفع الاقساط والمصاريف من تعبك، وهو يدفع من عمره ليتعلّم. ومقدار تحصيل المهارات والمعلومات سوف يكون رأسماله الحقيقي في المستقبل.
وأحب أن ألفت نظرك الى انّ هذا الرأسمال هو أهم من أي مال، اعمال أو رزق تورثه إيّاه.
انطلاقاً من ذلك، انت تعرف جيداً انّه اذا قمت انت أو غيرك بمساعدته في امتحان، تكون قد أنقصت رأسماله للمستقبل. والغريب انك تعتقد انك تساعده، وبما أن ثقته بك مطلقة، فإنّ تصرفك هذا سيقنعه أنّ المهم هو أن يعتقد الآخرون أنّه يمتلك المعرفة فيما هو لا يمتلكها حقيقة. وكأنك تقول له ليس مهماً أن تتعلّم، المهم أن تُقنع الآخرين انك تعلّمت، حتى لو لم يكن هذا الواقع.
هذا سيؤدي الى فشل ابنك في دراسته، فإذا اقتنع من يقوم بتعليمه بأنّه يمتلك المعرفة، سوف يواصل تعليمه على أساس أنّه يمتلك معلومات ومهارات هو لا يملكها. ما يؤدي الى فشله وفشل من يقومون بتعليمه.
وهذا شيء خطير. لأنّه من الممكن ان لا يبلغك المسؤولون عن تعليمه بالفشل كي يغطّوا على هذا الفشل، وهذه الامور تحصل وتستمر وصولاً الى المرحلة الثانوية والجامعية.
فيتخرّج ابنك حاملاً شهادات تفتخر بها، ولكنها بالحقيقة ورق من دون قيمة، لأنّه لا يملك الرأسمال الحقيقي من المعلومات والمهارات، وبالتالي لا تكون عنده امكانيات ليكون مواطناً منتجاً، وسيضطر الى اللجوء لحلول لا اريد أن أصفها طوال حياته.
كما عليك أن تملك وعياً اساسياً بأنّ الاستاذ الذي يتساهل مع ابنك وغيره من التلاميذ، ويبسط الامور، ويقول مثلاً إنّ هذا الدرس او الموضوع صعب ولن يدّرسه، هو يؤذي ابنك، وبدل ان تفرح بهذا التساهل يجب ان تدرك وتقتنع أنّه يسرقك.
واتوجّه الى الاهل عامة، عليكم كأهل أن تعلّموا أولادكم أن لا يقبلوا بإلغاء إي درس او صفحة من الكتاب، وأنّه كل يوم لا يتعلّمون فيه بسبب عطلة او إضراب، يخسرونه من عمرهم، الذي من المفروض ان يتكرّس لتخزين المعلومات والمهارات.
والأبشع هي عقلية الاضرابات وتعطيل وقت الدراسة الثمين، للتعبير عن موقف من خلال التعطيل. فعلّموا اولادكم انّ من ينادي بالإضراب وإيقاف الصفوف هو عدوكم وعدوهم، وأنا متأكّد انّ أعداء مجتمعنا مستعدون ان يدفعوا مبالغ طائلة كي لا يتعلّم اولادنا، ونخرّج أجيالاً لا تمتلك مهارات حقيقية.
وحتى إذا كان أولادكم هم من يريدون الإنخراط في الإضرابات كي يعبّروا عن رأي أو موقف، الافضل ان تنصحوهم بأن يتريثوا ولا يتسرّعوا باعتماد مواقف محدّدة، فمن المبكر لهم تحديد رأي قبل ان يكون لديهم معلومات ومعرفة أكبر، فتكون مواقفهم مسؤولة وناتجة من المعرفة. اما اذا أصرّوا، فليكن التعبير والاحتجاج في عطل نهاية الاسبوع، لنكرّس مفهوم قدسية وقت الدرس.
من جهة أخرى، اذا قمت بمساعدة ابنك في امتحان، أي بمعنى آخر ساعدته في الغش، فما هي الصورة التي سيأخذها عنك، ما هي القيم التي تقوم بزرعها في شخصيته؟ كيف سينظر اليك بعد ذلك، وهل سيكون الاحترام وصورة المثال هي نفسها؟ والأهم، ألن يهتز احترامه لنفسه إذا قمت بذلك؟ أرجو ان تفكّر جدّياً في الموضوع.
ختاماً، يجب ان تزرعوا في أولادكم قيماً أساسية، منها تقديس وقت الدرس وعدم القبول بالمسّ بأية دقيقة منه، وأن تعلّموهم الصدقية في العمل وعدم القبول بالتساهل او المساعدة، وحتى تبسيط المنهج والدروس، بل على العكس، تشجيعهم على امتلاك حب التحدّي والسعي الى أكثر كمية من المهارات والمعلومات الممكنة. فأكرّر، انّ مالكم وعمر اولادكم هما الثمن الذي سيتمّ دفعه نتيجة التراخي والتساهل.