لم يكن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتانياهو سعيداً هذه المرّة بتكليفه أولاً تشكيل الحكومة الإسرائيلية الـ36، لأنّ نتائج انتخابات "الكنيست" الـ24 لم تُعطِ أي من المعسكرين أكثرية تأمين 61 صوتاً من بين 120 تتمثّل بهم "الكنيست".
يُدرك نتنياهو أنّ المُعسكر الذي يُؤيّده لن يزيد عن 52 صوتاً، وأنّه لن يتمكّن من تأمين 9 أصوات من الكتل الأخرى، ما يجعل هذا الأمر مُستحيلاً، والأبواب موصدة، لأنّ الكل يُريد رأسه وإزاحته عن المشهد السياسي.
هذا الأمر يدفع به إلى السجن مع انطلاق مُحاكمته في "المحكمة المركزية" في القدس، التي بدأت مرحلة إثبات الأدلّة في الملفات الثلاثة التي يُواجهها بتهم جنائية: الفساد، الاحتيال والخيانة، والتي تقود به إلى السجن لمُدة تترواح بين 3-10 سنوات.
فما هي "السيناريوهات" المُتوقّعة؟
لن يتمكّن نتنياهو من تشكيل الحكومة خلال مُدّة 28 يوماً التي منحه إياها القانون، ولا حتى في المُدة الإضافية التي تبلغ 14 يوماً وتنتهي في 18 أيار/مايو 2021.
عندئذ سيكون مضطراً إلى إعادة التكليف لرئيس الكيان الإسرائيلي رؤوفين ريفلين.
الأصوات الـ52 التي سمّت نتنياهو لتشكيل الحكومة، تتوزّع على كتل: "الليكود" الذي يترأسه 30 صوتاً، "شاس" برئاسة أرييه درعي 9 أصوات، "يهدوت هتوراه" برئاسة موشيه غافني 7 أصوات و"الصهيونية الدينية" برئاسة تسلئيل سموتريتش 6 أصوات.
لن يتمكن نتنياهو من نيل أي صوت من أصوات المُعسكر اليميني ويسار الوسط المُتربص به مع 46 صوتاً.
وإذا كان يعوّل على دعم صديقه رئيس "القائمة العربية المُوحّدة" (الجبهة الإسلامية) منصور عباس مع 4 أصوات، فإنّ ذلك يرفع من رصيده إلى 56 صوتاً، ولن يستخدم هذه الورقة نظراً إلى مخاطرها، قبل ضمان 5 أصوات أخرى.
مُنافس نتنياهو في "الليكود" سابقاً جدعون ساعر، الذي شكّل حزب "أمل جديد" دخل "الكنيست" مع 6 أصوات، وهو لم يمنح أصوات كتلته إلى نتنياهو.
ويبقى ملاذه حزب "يميننا" برئاسة نفتالي بينيت مع 7 أصوات، وهو داعم دائم له على مدى الدورات السابقة، لكن مصلحة بينيت، في ضوء النتائج الحالية، لا تتطابق مع أمنيات نتنياهو، فبينيت يطمح إلى أنْ يصبح رئيساً للحكومة، وبالتالي لن يمنحه أصوات "يميننا"، التي لن تفيده بمفردها.
بعد إعادة التكليف إلى ريفلين سيُكلّف لتشكيل الحكومة مَنْ حلَّ ثانياً مع 45 صوتاً – أي رئيس حزب "يش عتيد" يائير لبيد، الذي دعمه حزبه مع 17 صوتاً و"أزرق أبيض" برئاسة بيني غانتس 8 أصوات، "إسرائيل بيتنا" برئاسة أفيغدور ليبرمان 7 أصوات، "العمل" برئاسة ميراف ميخائيلي 7 أصوات و"ميرتس" برئاسة نيتسان هوروفيتس 6 أصوات.
هذا يعني أنّ مُهلة 28 يوماً ستكون أمام لبيد لتشكيل الحكومة، تنتهي في 16 حزيران/يونيو 2021، ولن يكون بإمكانه الاستفادة من فترة إضافية.
في ضوء ذلك، يكون "السيناريو" المطروح، انطللاقاً من المصالح، إعادة لبيد التكليف إلى ريفلين قبل انتهاء المدّة أو انتظار المرحلة الثالثة وهي نقل ريفلين التكليف إلى "الكنيست" ما يتيح لأي عضو يتمكن من تأمين تأييد 61 صوتاً تشكيل الحكومة.
هذا يعني أنه سيتم تسويق اسم بينيت على أنه المُنقذ مع أصواته الـ7 وبدعم من ساعر، ليُصبح لديهما 13 صوتاً، فينطلقان باتجاه المعسكرين لتشكيل الحكومة، إذا ما استطاع أن يستميل إليه نواباً في معسكر نتنياهو، خاصة في "شاس" و"يهدوت هتوراه"، فإنّه سيتوجّه إلى مَنْ دعم لبيد لنيل تأييده.
وإذا لم يتمكّن من ذلك، فإنّه سيركّز على النوّاب الذين دعموا لبيد بـ45 صوتاً ولديه 13 مع ساعر، فيصبح العدد 58 صوتاً، ويحتاج إلى بعض الإغراءات من نوّاب في "الليكود" أو "الحريديم" لتشكيل الحكومة، وإلا سيكون مضطراً للتوجّه إلى أصوات النواب الفلسطينيين المتمثلين بـ"القائمة المُشتركة" و"القائمة الموحدة".
وعندها يكون الطرح التناوب بين بينت ولبيد، مع أولوية بينيت برئاسة الحكومة، التي يدركان أنّها ستكون "هشّةً"، وقد يؤدي الأمر إلى استقالتها سريعاً، لكن يتم التوجّه إلى انتخابات خامسة ونتنياهو خارج الحكم ما يسهل محاكمته.
وكان ريفلين قد اجتمع في ديوانه إلى الكتل الـ13 المُتمثّلة في "الكنيست"، وتقرّر في ختام المشاورات تكليف نتنياهو تشكيل الحكومة الجديدة.
وأوضح ريفلين أنّه "لا توجد أغلبية 61 من أعضاء "الكنيست" الذين يُؤيّدون مرشّحاً معيّناً، ولا توجد اعتبارات أخرى تشير إلى أي من المرشّحين لديه الفرصة لتشكيل الحكومة".
هذا، وأدى أعضاء "الكنيست" الجديدة، أمس الأول تصريح الولاء في مراسم احتفالية أقيمت تحت رعاية ريفلين.
مع مباشرة "الكنيست" نشاطه، سيتقدم ليبرمان، بـ12 مشروع قانون، منها ما هو موجّه ضد نتنياهو وأخرى ضد الأحزاب "الحريديم"، لجهة ما يتعلق بولاية رئيس الحكومة، ومنع تكليف عضو "كنيست" متهم بالفساد من تشكيل حكومة، وفرض التجنيد أو الخدمة المدنية على جميع المواطنين في الكيان الإسرائيلي.