تطرق وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبه، خلال جلسة مع الصحافيين حضرته "النشرة"، إلى زيارة وكيل وزارة الخارجية الأميركية ديفيد هيل، لافتاً إلى هيل يعرف لبنان جيداً وهو صديق لديه إطلاع على أوضاع لبنان والشرق الأوسط من وجهة نظر الإدارة الأميركية، لافتاً إلى أنه حصل بعد اللقاء معه على مقاربة تتعلق بالإختلاف بين الإدارة الحالية برئاسة جو بايدن والسابقة برئاسة دونالد ترامب في التوجهات، حيث أوضح مقاربة الإدارة الجديدة لوضع لبنان والشرق الأوسط.
وكشف وهبه أن المقاربة الجديدة باتت أقرب إلى المفهوم العربي بالنسبة إلى الحل في الشرق الأوسط في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، حيث أن إدارة بايدن ستعود إلى حل الدولتين الذي يستمك به العرب ولم يعد هناك من مكان لصفقة القرن، بالإضافة إلى ذلك عادت واشنطن إلى لعب دورها في الأمم التحدة والمنظمات الدولية، وإلى تمويل وكالة الأونروا، من دون تجاهل مفاوضات فيينا مع إيران، الأمر الذي يدل على أن الإدارة الحالية لديها مقاربة مختلفة.
زيارة هيل والحدود البحرية الجنوبية
وأكد وهبه أنه بحسب المقاربة التي عرضها هيل لبنان لا يزال من ضمن إهتمامات الولايات المتحدة، لافتاً إلى أنه شدد على أن بلاده تعتبر الجيش اللبناني صديق وأكد على أهمية الحفاظ على الإستقرار في الجنوب وإستمرار التعاون بين الجيش واليونيفيل وتنفيذ القرار 1701، كما أشار إلى أن أهمية تأليف حكومة تنعش الإقتصاد اللبناني وتضع البرنامج الإقتصادي على السكة الصحيحة.
ورداً على سؤال حول ما إذا كان تم التطرق إلى مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، أشار وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال إلى أن مناقشة هذا الملف ستكون مع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب بشكل أساسي، موضحاً أن وزارة الخارجية والمغتربين لا تشارك في هذه المفاوضات بسبب عدم وجود أي مقاربة سياسية أو دبلوماسية.
ولفت وهبه إلى أن هيل، الذي يريد أن ستطلع آراء المسؤولين السياسيين لمعرفة ما يمكن القيام به على هذا الصعيد، أشار إلى أن الزائر الأميركي يعتبر أن من الأفضل العودة إلى الوضع الذي كانت عليه المفاوضات في شهر كانون أول، كاشفاً أنه أبلغه برغبة لبنان في إستمرار واشنطن لعب دورها وتفعيل التفاوض حفاظاً على حقوق لبنان في مياهه الإقليمية وعدم التفريط فيها.
أما بالنسبة إلى الحديث عن عون لم يوقع مرسوم تعديل الحدود البحرية كي يقدم ذلك هدية إلى وكيل وزارة الخارجية الأميركية، شدد وهبه على أن رئيس الجمهورية لا يقدم هدايا من مصالح الوطن، لافتاً إلى أن لا شخصه ولا موقعه يسمحان بذلك.
سوريا والحدود البحرية الشمالية
أما بالنسبة إلى ملف ترسيم الحدود البحرية الشمالية مع سوريا، بعد أن كان قد استقبل السفير السوري علي عبد الكريم علي يوم أمس، أوضح وهبه أن المسألة تعود إلى العام 2011 حين رسم لبنان حدوده البحرية بقرار ذاتي وأوضعها الأمم المتحدة، في حين أن سوريا لم ترسم حدودها في ذلك الوقت، لكن عندما بدأ لبنان بوضع البلوكات من أجل التلزيم أودعت دمشق إعتراضها على ترسيم الحدود في العام 2014، لافتاً إلى أن الجانب السوري أبلغ لبنان في العام 2017 هذا الأمر وتم التأكيد له الجهوزية للتفاوض من دولة إلى دولة، بحكم العلاقة الأخوية والصداقة.
وفي حين لفت وهبه إلى أنه "في العام 2019 أرسلت السفارة السورية طلباً إلى وزارة الخارجية والمغتربين تسأل فيه عما إذا كان لبنان يقبل بتأليف لجنة للتفاوض على ترسيم الحدود، وفي اليوم نفسه أكدت الوزارة الموافقة والترحيب والجهوزية لكن لم يصل أي رد بعد ذلك، إلى أن بدأت وسائل الإعلام تتحدث عن الإتفاقية التي تمت بين الحكومة السورية والشركة الروسية"، أكد أن هذه الإتفاقية لا تضمن أي شيء يعارض القانون اللبناني، بإستثناء أن لا تتطال المنطقة التي سيحصل فيها التنقيب المياه اللبنانية، وبالتالي يجب التفاوض مع السلطات السورية على مسألة ترسيم الحدود البحرية.
وأشار وهبه إلى أنه يوم أمس سلم السفير السوري مذكرة أكيد فيها على موقف لبنان في السنوات الماضية، وتمنى عليه أن يتم تأليف وفد للتفاوض بين البلدين لترسيم الحدود، مضيفاً: "نحن اليوم ننتظر رد الحكومة السورية، لكن ما يجب التنبه إليه هو أن مقاربتنا مع سوريا تختلف كلياً عن مقاربة ترسيم الحدود الجنوبية، حيث تقوم على أساس العلاقة الأخوية ووفق أحكام القانون الدولي وبشكل مباشر".
الحكومة والإنفراج الدبلوماسي
من جهة ثانية، شدد وزير الخارجية والمغتربين على أن كل السفراء والزائرين الخارجيين يؤكدون أنه قبل تأليف الحكومة الجديدة لا يجب أن ينتظر لبنان لا مساعدات ولا دعم ولا موقف داعم للإقتصاد، مؤكداً أن هناك موعداً جديداً سيحدد لزيارة الوفد الوزاري إلى العراق، لافتاً إلى أن تأجيل الموعد لا يعني إلغاء الزيارة وهو كان بطلب من السلطات العراقية ولأسباب داخلية لديهم.
على الرغم من ذلك، لفت إلى أن التواصل الدبلوماسي مع دول الخارج لا يساعد على الإنفراج في الداخل، موضحاً أن الشروط التي تطالب بها الدول الخارجية هي نفسها التي يريدها الشعب اللبناني، لناحية الإصرار على تأليف الحكومة نظراً إلى أن الحوار يحتاج إلى حكومة فاعلة، مشدداً على أن حل المشكلة هو بيد اللبنانيين في الداخلي، قائلاً: "عندما نضع يدنا على الحلول الخارج لا يستطيع أن يمنع حتى ولو كان غير راضي، وبالتالي يجب أن يكون لدينا شجاعة الحوار الداخلي والحل الوطني".
من ناحية أخرى، أشار وهبه إلى أنه سيغادر يوم إلى اليونان، حيث هناك لقاء ثلاثي مع وزيري خارجية اليونان وقبرص، لافتاً إلى أن هذا النوع من اللقاءات يعقد سنوياً لبحث الملفات المشتركة، التي تتعلق بالأمن والإستقرار في شرق البحر المتوسط والتعاون في مجال تبادل المعلومات الأمنية ومراقبة حركة المهاجرين، مؤكداً أنه "يعنيهم جداً الوجود الكبير للاجئيين في لبنان، كي لا يحصل تدفق نحوهما، خصوصاً أنهما البلدين الأوروبيين الأقرب إلى لبنان"، موضحاً أن الموضوع الإقتصادي سيكون حاضراً أيضاً، لا سيما أن قبرص واليونان هما بوابة لبنان نحو الإتحاد الأوروبي، كما أن أي مقاربة أوروبية تجاه الإقتصاد اللبناني لهم رأيهما وكلمتهما فيها، بالإضافة إلى ملف النفط والغاز.