يطل علينا شهر رمضان المبارك ويرزح الوطن والمواطن تحت أثقال وهموم كبيرين. الوطن لبنان والمواطن عانا الأمرين في سبيل الحفاظ على العزة والكرامة. مرّ هذا العام وكان ولا يزال مثقلا بالآلام والمصاعب، وقد يمكننا القول أن ما يحصل معنا قلّما مرّ على بلد آخر. يمرّ علينا جميعاً بلا إستثناء همُّ العيش والأمان، همُّ الإستقرار والإطمئنان، هم المستقبل وما يحمله، همُّ الكذب والإحتيال وهموم وهموم تطول معها القائمة ويقصر عنها البيان.
يمرّ كل ذلك على وطن ومواطن ضحّيا كثيراً من أجل عيش كريم. هذا المواطن بات يطمح أن يلقى أذاناً صاغية لما يعانيه وحلول لتداخلات فاقت حدَّ التصور. تستحق تضحيات المواطن الوقوف أمامها بإجلال واحترام. ففيما يبحث المواطن عن لقمة عيشه وأمان استقراره، ها هو يجد المَعنيين في مكان آخر، مترفين هانئين بما جمعوه من ثروات وجاه على حساب لقمة عيشه وسلامة صحته. وأصبح أكبر همه كيف يلبي أقل طلبات أولاده الصغار وطموحات شبابه الذي تخرجوا من جامعاتهم ومعاهدهم وقد أقفلت أمامهم كل الأبواب، حتى أبواب زعاماتهم والمتعدين بإسمهم على سياسة البلاد وإدارة الشأن العام.
ومع كل هذا وذاك، مازال المواطن يعيش أعلى مراتب الوفاء لوطنه ويحمل كل الأمل في مستقبله ويرتقي الى درجات ودرجات عن أولئك الذين يتلاعبون بوجوده ومستقبله. قد يصبر المواطن رغم كل شيء، ولكن لكل صبر نهاية. أصبح الفرد يتمنى لو أنه يستطيع الحفاظ على مأساته الحاليّة، لأنه بات يخشى من أن يكون الآتي أعظم وأن تعبث يد الفساد في وحدته.
شهر رمضان يجدد فينا روح المسؤولية والحرص على الوحدة ورص الصفوف، فهو السلاح الأمضى والأمل الأوحد الذي مازال بيد هذا المواطن المسكين. شهر رمضان يجدد فينا روح المبادرة لجمع الكلمة وتحصينها واليقظة الدائمة حتى لا نسمح للمتسللين الولوج الى نفوس الضعفاء، واستغلال وجع الناس واللعب على وتر الطائفية والمذهبية، ومعها نصبح مجتمعاً ووطناً في مهب الريح ولقمة سائغة لكل المتربّصين فينا.
أيها اللبناني الكريم، هذا هو الوقت الذي تحتاج أن تثبت فيه أنك أكبر من ظلمهم وأقوى من تآمرهم. تشبث بقيمك، قيم السماء وأخلاقك أخلاق الأنبياء، فهما الجامع الذي تلتقي من خلالهما مع أخيك المواطن الآخر.
أعاد الله علينا جميعاً هذه الأعياد المجيدة والمباركة والوطن والمواطن بخير وعافية وأمن وأمان وصحة وسلام، وأن ينقضي عنّا شهر رمضان ونتطلع لمستقبل خالٍ من المستغلّين والمنتفعين وكل عام وأنتم بألف خير.