لم تحمل زيارة وكيل وزارة الخارجية الأميركية ديفيد هيل للبنان، أي جديدٍ، فلا متغيرات في السياسة الأميركية إزاء لبنان، بل هي تأكيد للنهج عينه، الذي إنتهجته الإدارة السابقة في واشنطن، فلن يكون لهذه الزيارة أي تأثير يذكر في مختلف مجريات الأوضاع في لبنان، خصوصاً في مجريات القضايا العالقة، وأبرزها: تأليف الحكومة وترسيم الحدود البحرية الجنوبية. وهي أشبه "بزيارة تمديدٍ" للسياسة المذكورة، وتثبيت للحضور الأميركي في الأوضاع الداخلية اللبنانية، من حيث الشكل، والمضمون، تحديداً في هذه المرحلة، أي قبل بدء إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، إعادة النظر في الملف اللبناني، وقبل مغادرة هيل موقعه الدبلوماسي الراهن، بأيامٍ قليلة، برأي مصادر سياسية مطلعة على أجواء الزيارة. بالتالي فإن أبرز ما جاء في طيات الرسائل التي حملها الموفد الأميركي، للمسوؤلين اللبنانيين، هو تأكيد إستمرار الحصار الأميركي المالي والسياسي على لبنان، وفي الوقت عينه تهديدهم من التوجه شرقاً، بحسب معلومات مرجع في فريق المقاومة. ويعلق بالقول : " إن الأداء الأميركي واضح، وإن حائط أغلب المسؤولين اللبنانيين واطٍ . ورغم إقتراب موعد مغادرة هيل لموقعه في "الخارجية الأميركية" غير أن حجم الاستجابة المحلية لإملاءاته، كانت عالية للأسف، ولكن من دون أي جدوى، ولا طائل من كل الضغوط الأميركية على لبنان". ويضيف المرجع : " يسعى الأميركيون إلى محاولة إخضاع لبنان، وإستسلامه على طريقة "الدومينو"، أي مصادرة أوراق القوة من لبنان، واحدة تلوة الأخرى، على سبيل المثال : نزع ورقة الصواريخ الدقيقة من يد المقاومة، لتمكين العدو الإسرائيلي من سرقة ثروة لبنان الطبيعية، ثم فرض توطين الفلسطينيين في لبنان، وهذا ما لن يحدث، مادام لبنان، متمسكاً في حقوقه، وفي الحفاظ على عناصر قوته"، يختم المرجع.
وبالعودة الى جولة هيل على المسؤولين اللبنانيين، وبالرغم من الإنصياع الذي أبداه بعضهم للدبلوماسي الأميركي، غير أنه سمع كلاماً لا يشتهي سماعه في قصر بعبدا، من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بحسب ما ينقل مرجع سياسي على تماس من التطورات الراهنة، وإطلاع عليها، ويؤكد أن رد رئيس الجمهورية، كان قاسياً على الموفد الأميركي، عندما حاول التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية، تحديداً في مسألتين بارزتين: أولاً – لجهة منع وجود حزب الله في موقع القرار في الدولة اللبنانية، فجاءت إجابة الرئيس على ذلك، "نحن أولياء قرارانا، وندرك كيفية إتخاذه، بما يتناسب مع الحفاظ على وحدتنا، وصون مصالحنا"، على ما ينقل المرجع.
وعندما تطرق الزائر الأميركي الى مسألة ترسيم الحدود البحرية في الجنوب، وضرورة التزام لبنان بحصر عملية التفاوض على المنطقة المتداخلة مع فلسطين المحتلة، التي تبلغ مساحتها، 860 كلم 2 فقط، والإكتفاء بذلك. كان رد رئيس الجمهورية، "نطالب بتحكيم خبراء دوليين، لحل هذه الأزمة، وفق القوانين الدولية، وقانون البحار، ومرجعية الأمم المتحدة، وأن لبنان يؤيد متابعة المفاوضات غير المباشرة مع العدو الإسرائيلي، ولكن ليس على حساب التنازل عن ثروته الطبيعية، أي ما يحتم على هذا العدو عدم التنقيب عن الغاز الطبيعي في حقل كاريش المحاذي للحدود البحرية اللبنانية، فوعد هيل بحمل الرسالة الى "تل ابيب" التي يزورها"، ودائماً بحسب المرجع عينه.
أما في شأن التوجه شرقاً، فيلفت الى أن العلاقات "اللبنانية – المشرقية"، خصوصاً الإقتصادية منها، قائمة مع العديد من دول المنطقة، كإستيراد بعض السلع الغذائية من إيران وسورية، كذلك إستيراد النفط من العراق، مقابل تقديم لبنان خدمات طبية لبغداد، هذا على سبيل المثال، لا الحصر، متوقعاً تطور هذه العلاقات، خصوصاً في ضوء إستمرار الحصار الأميركي – الغربي على البلد.
بناءً على ما ذكر أعلاه، يرجّح في العلاقات الدولية إستمرار الأوضاع في لبنان، على ما هي عليه راهناً، في إنتظار بداية جلاء الوضع الإقليمي، خصوصاً لجهة تطور المفاوضات الغربية مع إيران، في شأن الملف النووي الإيراني، كذلك بالنسبة للتطورات الميدانية في الحرب على اليمن، وإجراء الإنتخابات الرئاسية السورية والإيرانية، متوقعاً بروز نوع من التهدئة في المنطقة في المرحلة المقبلة، يختم المرجع.