ما حصل مع المملكة العربية السعودية في شحنة الرمان الملغوم بحبوب الأمفيتامين هو أخطر بكثير من تهريبة مخدرات عادية من بلد الى آخر. أخطر ما كشفته هذه الشحنة هو الفلتان القائم على الحدود اللبنانية. فإذا كانت المشكلة سابقاً بالمعابر غير الشرعيّة، فالمشكلة الأكبر باتت اليوم بالمعابر الشرعية، التي تبين انها خالية كلياً من أجهزة السكانير، ما يسمح وبسهولة تامة بتهريب كميات كبيرة من الممنوعات من لبنان الى الخارج، ومن أي دولة خارجية بإتجاه لبنان، وهذا ما حصل فعلياً مع شحنة الرمّان واليكم هذه المعطيات.
شحنة الرمّان الملغوم دخلت الأراضي اللبنانية آتية من سوريا وهنا نتحدث عن أربع حاويات. المعلومات تتحدث عن 80000 حبّة من الرمان، 2000 منها فقط تم حشوها بحبوب الأمفيتامين، وقد تم توزيع هذه الكمية الملغومة على الحاويات بطريقة محترفة تمنع أي كشف يدوي او بشري من العثور على أي رمانة ملغومة. على المعبر الحدودي اللبناني، كشفت عناصر الجمارك اللبنانية على حاويات الرمان، ولم تعثر على رمّان ملغوم. أيضاً وأيضاً سحب مندوبو وزارة الزراعة عيّنات من الرمّان لفحصها ولم يعثروا بين هذه العينات إلا على رمّان طبيعي. وهنا يقول مصدر أمني، "من سابع المستحيلات على أيّ عنصر أمني أكان من الجمارك أو من أيّ جهاز آخر، وحتى إذا كان يتبع الى الوزارة المختصة أن يكشف الرمّانات الملغومة في شحنة بهذا الحجم، لذلك من غير الممكن أن يتمّ كشف أيّ عمليّة تهريب كهذه من دون جهاز سكانير متخصص بالكشف على الحاويات".
هكذا عبرت الشحنة الحدود اللبنانية في أوائل شباط الفائت وبشاحنة سوريّة، ومن المعبر الحدودي نقلها المهربون السوريون بمعاونة وسطاء من لبنان، الى مستودع بقاعي في بلدة تعنايل، وفي المستودع المذكور تم نقل الشحنة من الشاحنة السوريّة الى شاحنة لبنانية، وفي منتصف شهر شباط الفائت، نقلت الشحنة الى مرفأ بيروت وتم تصديرها بعد إصدار شهادة منشأ جديدة لها لتصبح إنتاجاً لبنانياً لا سورياً، علماً أن موسم الرمان في لبنان لم يأتِ بعد. وكما في المعبر الحدودي كذلك في المرفأ البيروتي، تشير المعلومات الى أنّ عناصر الجمارك كشفوا على الشحنة ولم يتمكنوا من كشف أمرها بسبب عدم وجود جهاز سكانير متخصّص. المصادر المتابعة لهذا الملف تكشف أنّ المدعو علي سليمان وهو سوري يعيش في سوريا، هو من قام بتهريب هذه الشحنة بالتعاون مع شقيقيه في لبنان، بمعاونة وسطاء لبنانيين، ولكشف حقيقة هذه التهريبة التي أضرّت بلبنان، تحقق شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي مع أربعة أشخاص يشتبه بتورطهم بهذه الفضيحة. التحقيقات تتركز أيضاً حول شركة "الأرز" التي بإسمها تم تصدير الشحنة، أولاً لمعرفة إذا كانت هذه الشركة وهميّة أم لا، ولكشف الطريقة التي إعتمدت لإصدار شهادة منشأ جديدة، وإذا كانت هذه الشهادة مزوّرة من قبل المهرّبين أم أنها شهادة صحيحة وقّعها موظفون متورطون من وزارة الزراعة وغرفة الصناعة والتجارة.
إذاً، حدود لبنان فلتانة ومشرّعة أمام التهريب، أكان على المعابر الحدوديّة الشرعيّة او على المعابر غير الشرعيّة، والكميّات التي تهرب على المعابر الشرعيّة هي أكثر بكثير من تلك التي تهرب عبر المعابر غير الشرعيّة، وعندما نتحدث عن دولة غير مجهّزة حدودياً بأجهزة سكانير، يمكن السؤال، أيّ دولة ستقبل بعد اليوم بإستيراد أيّ شحنة من لبنان أكانت هذه الشحنة من الإنتاج اللبناني أو من شحنات الترانزيت؟.