منذ الأسبوع الماضي بدأ الحديث عن أسراب من الجراد ستجتاح بعض المناطق اللبنانية، والبعض ربط بين الكورونا والوضع والجراد ليعود الى عام 1914 عندما اجتاح الجراد لبنان وظهر الطاعون... ليعتبروا أن المشهد نفسه يتكرّر في 2021!.
أولاً لكي نتحدّث عن أسراب جراد فهذا يعني 40 الى 80 مليون حشرة بالكيلومتر المربع الواحد أيّ لدى تنقلّها في السماء تشكل غيمة كبيرة مارّة، والوضع حالياً ليس كذلك، فما وصل الى لبنان ليس أسراب جراد بل بقايا أسراب وصلت "تعبة" من البلدان العربيّة نتيجة مكافحتها بالمبيدات الزراعية... ليبقى السؤال: "ما اضرار هذا المرور العابر وكيف يمكن مكافحته"؟.
"الجراد لا يطير بل تحمله الرياح وما وصل الى لبنان من بقايا منه انطلق من القرن الافريقي ومرّ بالسعودية وبعض الدول العربية الى أن دخل لبنان". هذا ما تؤكده الاستاذة في الجامعة اللبنانية في كلية الزراعة داليدا درزي، لافتة الى أنه "كلما كان هناك رياح كلما وصل الجراد بكميات أكبر، لكن وللمفارقة أن الذي وصل لبنان كان "مُرهقًا" لأنه تعرّض للرشّ في السعودية والاردن وسوريا التي كافحت هذه الموجة".
ترى داليدا درزي أننا "في لبنان أصبحنا على مشارف إنتهاء موجة مرور الأسراب الذي يتغذى من الأخضر ومن الأنسجة الخضراء، ولكن الخوف من أن تتزاوج وتضع بيوضها في لبنان"، مؤكدة أنه "يجب مراقبة هذا الموضوع فعمليّة التزاوج تحتاج الى أسبوعين بعد مرور الأسراب أي أننا على مشارف إنتهاء وجود بقاياها، وذلك لمراقبة المزروعات ومعرفة إذا ما تكاثرت".
طبعا هذا المرور سيكون له آثاره على المزروعات. هنا تشير داليد درزي الى أن "الجراد يلجأ الى أكل الشجر ومكافحته تتم بمتابعة من البلديات، خصوصاً مكان التزاوج وإذا تكاثر وتم ايجاد غطاء نباتي فيجب اللجوء الى رش مبيدات زراعية"، مضيفة: "نتّكل اليوم على عامل الطقس الذي على الارجح لن يلائم التكاثر لأنّه حالياً باردًا".
بدوره نقيب المزارعين في البقاع ابراهيم ترشيشي يشدد على أن "الطقس حالياً لا يلائم الجراد، ولكن قمنا بكل الاستعدادات اللازمة لمكافحة الموجة، ووزارة الزراعة قدمت المبيدات الزراعية للمكافحة، كذلك محافظ البقاع ووزير الداخلية أعطيا توجيهاتهما للبلديات لمراقبة مرور بقايا اسراب الجراد والقيام بما يلزم لعدم المسّ بالمزروعات". أما داليدا درزي فتشدد على أن كل بلدية يجب أن تنسق مع المزارعين لمراقبة التزاوج والتكاثر وتقوم بالرش.
إذاً، هو مرور عابر لبعض بقايا أسراب الجراد، ولا يشبه ما حصل في القرن الماضي عندما اجتاحت أسراب الجراد لبنان، وكانت سببًا من أسباب المجاعة إضافة الى الاضطهاد العثماني وقتذاك، أما حاليًّا يبقى أن المراقبة والمتابعة هما الاهم على الصعيد الوطني لمكافحة هذه الحشرة حتى لا تكون سبب عثرة اضافيّة لما يعاني منه اللبنانيون من الجراد السياسي الّذي نهب لبنان طيلة 30 عامًا.