تتوالى الصفعات التي يتلقاها رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوماً بعد آخر، من أصدقاء وحلفاء، فضلاً عن الخصوم.
بات واضحاً أن المعركة ما زالت تدور حول شخصية نتنياهو، المُستميت بالبقاء في دائرة الحكم وصنع القرار، على أمل أن يجني من ذلك تجنيبه الإدانة العقابية بتهم جنائية بقضايا الفساد: الرشوة، الاحتيال وخيانة الأمانة.
غالبية الكتل تتربص به لإخراجه من المشهد السياسي الذي يتصدره منذ سنوات عدّة، ما أدى إلى جمود دفع لاجراء انتخابات «الكنيست» 4 مرات متتالية خلال أقل من عامين، في ظاهرة غريبة عن الحياة السياسية في الكيان الإسرائيلي.
هذا مع احتمال التوجه إلى انتخابات خامسة جديدة خلال الصيف المقبل، إذا لم يتم تدارك الأمور، وإيجاد مخرج وتسوية بين الكتل النيابية التي لم تتمكن أي منها من تأمين 61 صوتاً لضمان تشكيل الحكومة الـ36.
قبل 5 أيام من انتهاء مهلة مُـدّة التفويض الممنوحة لنتنياهو بتشكيل الحكومة، فشل بتدوير أي من الزوايا، مع الكتل الأخرى التي لم تُسمه لتشكيل الحكومة، بل بقي مدعوماً من 52 نائباً، يتوزعون على كتل: «الليكود» الذي يرأسه 30 صوتاً، «شاس» برئاسة آرييه درعي 9 أصوات، «يهدوت هتوارة» برئاسة موشيه غافني 7 أصوات و«الصهيونية الدينية» برئاسة تسلئيل سموتريتش 6 أصوات.
بعد اخفاق نتنياهو باقناع رئيس حزب «يمينا» نفتالي بنيت 7 أصوات ورئيس حزب «أمل جديد» جدعون ساعر 6 أصوات، للانضمام إلى حكومة يرأسها، انطلق مُستخدماً حيل مكائده وخبثه، بأن عرض على درعي تولي منصب رئاسة الحكومة بالتناوب في أوّل سنة من تشكيلها، بهدف اغراء ساعر الانضمام إليها، بعد رفضه المُشاركة بحكومة يرأسها نتنياهو، لكن رفض درعي هذا الاقتراح.
كما عرض نتنياهو اقتراح التناوب على رئيس «أزرق أبيض» بني غانتس 8 أصوات، وأن يتولى غانتس رئاستها في السنة الأولى مع احتفاظه بحقيبة وزارة الدفاع، على أن يتولى نتنياهو رئاسة الحكومة لمُدة عامين، قبل أن يعود ويسلمها إلى غانتس، الذي رفض هذا الاقتراح، بعدما اكتوى من نكث نتنياهو باتفاق التناوب الذي وقع بينهما في أيّار/مايو الماضي، ولم يلتزم به، حيث تعهد غانتس خلال حملته الانتخابية عدم الانضمام إلى حكومة يرأسها نتنياهو.
يُحاول نتنياهو بشتى السبل أن يكون شريكاً في الحكومة، وحتى لو لم يكن رئيساً لها في السنة الأولى، لأنه يُدرك أن خصومه يتربصون به، ويسعون إلى تشكيل حكومة بديلة، في ظل الاتصالات الجارية بين رئيس «يش عتيد» يائير لبيد 17 صوتاً، وبنيت وساعر وغانتس، للتوافق على تشكيلها.
تنطلق اتصالات الأطراف الأربعة من 40 صوتاً، على أن يتناوب على رئاسة الحكومة بنيت ولبيد، وأن تتواصل الاتصالات مع «إسرائيل بيتنا» برئاسة أفيغدور ليبرمان 7 أصوات و«العمل» برئاسة ميراف ميخائيلي 7 أصوات، و«ميرتس» برئاسة نيتسان هوردفيتش 6 أصوات، ما يرفع رصيد هذه المجموعة إلى 60 صوتاً، لكن ذلك لا يُمكنها تشكيل الحكومة، لأنها بحاجة إلى صوت واحد.
السيناريوهات المطروحة، أن يتم إقناع رئيس «الصهيونية الدينية» سموتريتش الانضمام إلى حكومة يمينية، فتصبح مُؤيدة من 66 صوتاً، خاصة بعد انتقاده نتنياهو على خلفية موقفه مما يجري في مدينة القدس، مُعلناً أنه «حان الوقت فعلاً لتغيير نتنياهو»، على الرغم من دعم الأخير له في الانتخابات حتى تمكن من تجاوز نسبة الحسم.
أو أن يتم إقناع درعي بالمُشاركة في الحكومة 9 أصوات، وإلا فإن الخيار سيكون بالاتجاه إلى أصوات الفلسطينيين، وفي المرتبة الأولى «القائمة المُوحدة» برئاسة منصور عباس 4 أصوات.
وأمس التقى بينيت بمكتبه في «الكنيست» عباس وبحثا الشروط التي ستمكنهما التعاون في إطار «حكومة تغيير».
إثر ذلك التقى بينيت وساعر، فيما اجتمع لبيد مع مُمثل «أمل جديد» زئيفين إلكين للبحث بتشكيل الحكومة.
يدور النقاش بين بينيت، الذي يُمثل أيضاً ساعر، مع لبيد بشأن عدد الوزراء والحقائب التي سيحصل عليها كل حزب، حيث يُطالب بينيت وساعر بـ4 حقائب وزارية، لكل منهما، وأن تكون هامة، تُطالب بها أحزاب «العمل» و«ميرتس».
كذلك، فإن الخلاف بينهما حول رئيس «الكنيست»، حيث يُرشح لبيد عضو «الكنيست» عن «يش عتيد» مائير كوهين، فيما بينيت ولبيد يُرشحان عضو «الكنيست» عن «أمل جديد» إلكين.
ومع إنتهاء تفويض نتنياهو تشكيل الحكومة، من غير المُتوقع أن يُمنحه رئيس الكيان الإسرائيلي رؤوفين ريفلين مُهلة 14 يوماً إضافية، حيث سينقل التفويض إلى لبيد.
وكان «راعم» قد صوت ضد الاقتراح الذي تقدّم به «الليكود» لتشكيل اللجنة المُنظمة لـ«الكنيست» التي تدير المُداولات وتُقرر تشكيلة اللجان إلى حين إقامة «لجنة الكنيست الدائمة»، وهو ما اعتبر مُفاجئاً، لصداقته مع نتنياهو، قبل أن يُصوت لصالح المشروع المُضاد الذي تقدّم به «أزرق أبيض»، ففاز بأغلبية 60 صوتاً مقابل 51 معارض.
وحصل «راعم» مُقابل ذلك على منصب نائب رئيس «الكنيست» ورئاسة اللجنة الخاصة للقضاء على الجريمة في الوسط العربي، وتمثل في اللجنة المالية على حساب نصيب «يش عتيد».
وإلا فإن الخيار الأخير يكون بالاستفادة من أصوات «القائمة العربية المُشتركة» برئاسة أيمن عودة 6 أصوات، التي كانت قد صوتت لصالح تسمية لبيد تشكيل الحكومة.