أتوجّه بمعايدة قلبية لعمال لبنان في عيدهم، لأنه يأتي هذا العام وسط مشاعر اليأس والاحباط وفي ظل جمود اقتصادي وسياسي وعدم طرح اية حلول مجدية، ومع ضياع تعويضات نهاية الخدمة بالضمان الاجتماعي. أود ان أتوجّه برسالة أمل، وأؤكد انه لديّ ثقة مطلقة اننا نستطيع، بمساعدتكم وبمساعدة كافة اللبنانيين، مقيمين ومغتربين، ان نبني اقتصاداً لبنانياً قوياً ومزدهراً مجدداً وبسرعة، اذا اعتمدنا خطوات صحيحة تعيد الثقة بلبنان:
- اولاً: إقرار وتطبيق قانون الشفافية المطلقة، يجب ان تكون الناس مطّلعة على كل المعلومات والحسابات والارقام والديون والصرف والمناقصات والتلزيمات والقروض ونسَبها وفوائدها وحجم الادارة العامة وتكاليفها... وهذا يحارب النهب والهدر ويشجع الاستثمار.
- ثانياً: التوقف عن توجيه اية انتقادات او تصريحات عدائية تجاه اي دولة اقليمية من جيراننا او المنطقة او عالمياً في اي مكان لأننا لا نملك ترف مخاصمة احد، بل نحتاج الى ان نكون على علاقة طيبة مع الجميع، ونعمل مع الجميع لما فيه مصلحة لبنان. إنّ لبنان هو اصغر واضعف من ان يلعب اي دور في ايّ صراع اقليمي او استراتيجي، ففي كل مرة نُدخل أنفسنا في صراعات اقليمية او عالمية ونعبّر عن موقف عن طريق الخطابات (نحن لا نملك الا الخطابات)، لا نفيد احداً بها بل نضرّ أنفسنا.
- ثالثاً: البحث جدياً بمبدأ الاستفادة من املاك الدولة عبر البيع او الاستثمار، فهناك أراضٍ يجب ان تبيعها الدولة حتى لو لم تكن تواجه افلاساً ولم تكن تحتاج الى مداخيل، لأنّ الاحتفاظ بها يُعتبر هدراً اقتصادياً ويسبّب ضرراً، مثلاً اراضي سكة الحديد البحرية. ولكن كل ذلك ليس قبل تطبيق الشفافية المطلقة، عبر جعل البيانات والمداخيل والمصاريف الحكومية مفتوحة للجميع.
- رابعاً: إعادة هندسة كل الإجراءات الإدارية المتبعة في لبنان للخروج من البيروقراطية وتعقيد المعاملات الادارية.
- خامساً: تحسين ايرادات الدولة من عدة مصادر، فقبل المَس بأموال المودعين على الدولة تحسين ايراداتها المهدورة، من الضريبة على القيمة المضافة، الاملاك البحرية، فك الاحتكارات، ايرادات المرفأ والمطار، الكسارات، إيقاف الدعم غير المبرر مثل الادوية، الماركات وحَصر الدعم بالجنيريك، كما دعم غاز الطيران والبنزين. أما بالنسبة للمأكولات فدَعم الضروري منها فقط.
- سادساً: دراسة وسائل تحسين البنى التحتية ومشاريع لتسهيل التنقل من والى لبنان وربط المناطق ببعضها من خلال طريقة فعالة ومدروسة، وهذه يجب ان تتم عبر دراسة معمّقة يشارك فيها اهل الاختصاص والخبرة لتحديد الاولوليات.
- سابعاً: تطوير إجراءات التصدير والعمل على تخفيض الاكلاف، والنقاش جدياً مع دول الجوار لإعادة تفعيل النقل البري مما يزيد حجم الصادرات أضعاف ما هي عليه اليوم، وخاصة الى العراق. وتسهيل الاستيراد والتصدير عن طريق البريد السريع وفرض أسعار منطقية على ليبان بوست والـMEA لتشجيع الصادرات الشخصية، أي زجاجة زيت زيتون مثلاً أو دبس الرمان أو ماء زهر، وكذلك الحلويات والقلوبات وكل إنتاج لبنان. عندها، نفتح أسواقاً للصناعي الصغير الى كل أنحاء العالم.
- ثامناً: تعميم وتثبيت عقلية أنّ الشغل «مش عيب» وليس هناك أيّ عمل ادنى مرتبة من عمل آخر، فكلّ عمل منتج هو عمل شريف. صحيح انّ هناك أعمالاً تحتاج قدرات علمية او قدرات جسدية او دراسات طويلة ليست بمتناول كل شخص، ولكن المطلوب من الجميع ان يستغل القدرات التي يملكها بأحسن طريقة ممكنة ولو كانت محدودة، وهذا ليس له علاقة بالشرف. وعلينا ان نطوّر كل الاعمال الحرفية والمهنية واليدوية، فلا عذر انّ هناك اعمالاً لا يقوم بها اللبناني ونضطر ان نستعين بالاجانب للقيام بها.
هذه افكار للنقاش وهناك افكار أخرى كثيرة. وندعو الجميع لمشاركتنا في وضع افكار عملية وناجحة. واعذروني على تكرار اللازمة المعروفة: الشفافية أولاً، يجب إطلاع الناس على حقيقة ما حصل عبر البدء بنشر التقارير المدققة لمصرف لبنان من شركتي ديلويت اند توش وارنست اند يونغ، لتحديد المشكلة وأسبابها بدقة.