مئات الآلاف من اللبنانيين العاملين في القطاع الخاص ينتظرون وصول الدفعة الثانية من لقاحات سبوتنيك V والتي إشترتها شركة فارمالاين لصاحبها جاك صراف، لبيعها إلى الشركات بسعر 38 دولاراً لكل لقاح بجرعته الأولى والثانية، وحتى اليوم لا معلومات جدية وواضحة حول مصير هذه الدفعة وموعد وصولها.
أسوأ ما في هذا الأمر تقول مصادر متابعة للملف هو عدم مصارحة الشركات بما ستؤول الأمور من قبل شركة صراف، وفي هذا السياق تطرح المصادر أكثر من سؤال، لماذا وسّع صراف مروحة البيع على القطاع الخاص قبل أن يتأكد من المصدر الذي يشتري منه اللقاح الروسي، وبنسبة مئة في المئة من أنه سيتمكن من تأمين الكميات التي وعد بإستيرادها ومن موعد تسليمها وشحنها ووصولها الى لبنان؟ وهل يجوز أن يتلقح موظفون يعملون في شركة، بينما يعيش زملاؤهم الآخرون حالة إنتظار زمني لا حدود لها وهم يدركون تماماً أنهم وفي حال قرروا نسيان مسألة اللقاح الروسي على حساب شركاتهم، فهذا يعني أنه لم يعد أمامهم سوى الإنتظار لأن دورهم بالتلقيح وبحسب الفئات العمرية على منصة كوفاكس المعتمدة من قبل وزارة الصحة قد يتأخر؟.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، تشهد نقابة المحامين في بيروت البلبلة الأكبر في هذا الملف، إذ تفيد المعلومات بأن مجموع الذين تسجلوا على منصة النقابة للحصول على لقاح سبوتنيك بين محامين وأفراد من عائلاتهم، تخطى الستة آلاف شخص بينما لم يصل الى النقابة من الدفعة الأولى والوحيدة التي تمكن صراف من إستيرادها الى لبنان إلا 618 لقاحاً فقط. وما يجعل المحامين يغضبون أكثر من أي موظف آخر في شركة خاصة هو التالي: في الشركات الخاصة، لم يدفع الموظفون مسبقاً ثمن لقاحاتهم، بينما في نقابة المحامين إشترط مجلس النقابة على المحامي ان يدفع مبلغ 38 دولاراً للنقابة سلفاً لحظة تسجيله، ليتبين أن النتيجة هي إنتظار بإنتظار، وبما أن النقابة لم تبرم عقداً خطياً مع فارمالاين، هناك في مجلس النقابة من يؤيّد فكرة أن تُعرض على من يريد من المحامين إستعادة أمواله وشطب إسمه من منصة النقابة، مقابل من لا يزال يتمسك بنظرية عدم ردّ الأموال الى اصحابها وإن المحامي الذي يريد التخلي عن لقاحه عليه ان يتنازل عنه لشخص آخر وضمن شروط محددة.
لماذا الكلام اليوم عن ردّ الأموال الى المحامين؟ لأن الحديث السائد في أروقة العدلية وداخل النقابة لا يدعو الى التفاؤل، ففي حال تمكن صراف من إستكمال مشروعه، لن يسلّم النقابة أكثر من 500 لقاح كل ثلاثة أو أربعة أسابيع ما يعني عملياً ان عملية تلقيح الـ6000 شخص المسجلين قد تحتاج الى حوالى سنة من اليوم، عندها سيصبح العدد الكبير من هؤلاء المسجلين بغنى عن الحصول على لقاحه عبر النقابة لأن موعد تلقيحه على منصة الوزارة قد حان.
إذاً، مشروع جاك صراف لشراء اللقاح الروسي، يمكن وصفه بطبخة البحص، خصوصاً أن الدفعة الأولى والوحيدة حتى اليوم وصلت الى لبنان في نهاية آذار الفائت وفيها 50 ألف لقاح بينما كان يجب أن تصل الدفعة الثانية وفيها 100 ألف لقاح خلال نيسان الفائت وها نحن في أيار ولم تصل بعد ومصيرها لا يزال مجهولاً، ما يعني أن الدفعات التالية التي وعد بها صراف كل 6 أسابيع ستتأخر أيضاً هذا إذا وصلت الى لبنان في نهاية المطاف.