بعد فشل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في تشكيل الحكومة الجديدة، كلف الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين زعيم المعارضة وحزب "هناك مستقبل" يائير لابيد بالمهمة، لكن فرص نجاح الأخير لا تبدو كبيرة، الأمر الذي يفتح الباب أمام سيناريوهات أخرى، أبرزها أن يعيد ريفلين التكليف إلى الكنيست، الذي عليه إما تقديم توصية مكتوبة بنائب يحظى بدعم 61 نائبا على الأقل أو الدعوة إلى انتخابات جديدة للمرة الخامسة على التوالي.
في هذا السياق، من الضروري الإشارة إلى أنّ تكليف لابيد لم يكن بالقرار السهل بالنسبة إلى الرئيس الإسرائيلي، لا سيما أن نتانياهو كان قد قرر عدم طلب مهلة إضافية، حيث كان عليه أن يختار بين الذهاب إلى تكليف شخصية جديدة أو إعادة الكرة إلى ملعب الكنيست، لكن بعد أن قرر إستبعاد الخيار الثاني كان عليه أن يحسم الأمر بين مرشحين محتملين: الأول هو لابيد نفسه أما الثاني فكان رئيس كتلة "يمينا" نفتالي بينت.
ونتيجة المشاورات التي قام بها مع رؤساء الأحزاب، قرر ريفلين تكليف لابيد الذي حصل على توصية 56 عضوا من الكنيست، بالإضافة إلى تأكيد رئيس "القائمة الموحدة" منصور عباس الإستعداد للتعاون مع أي شخص يتم تكليفه، مع العلم أنّ رئيس الوزراء المحتمل يحتاج إلى 61 عضواً كي ينجح في مهمته، الأمر الذي على ما يبدو فتح معركة من نوع آخر، عنوانها سعي نتانياهو إلى منع حصول ذلك، نظراً إلى التداعيات التي قد تترتب على ذلك.
من هو لابيد؟
هو نجم تلفزيوني سابق اعتزل العمل الصحافي في العام 2012 لتأسيس حزبه "هناك مستقبل"، الذي ينتمي إلى "الوسط". وسبق له أن حدد هدفاً أساسياً له، بعد فوز حزبه في المرتبة الثانية في الإنتخابات الماضية، هو إزاحة نتانياهو من منصبه.
في آذار من العام 2020، خاض لابيد الإنتخابات ضمن إئتلاف مع حزب "أزرق أبيض"، الذي يتزعمه بيني غانتس، إلا أنه انسحب منه بسبب إتفاق الأخير مع نتانياهو، الأمر الذي انعكس تراجعاً في تأييد غانتس مقابل تقدم في تأييد لابيد الذي أصبح زعيماً للمعارضة.
وكان لابيد، الذي يسعى إلى أن يقدم نفسه بصورة الليبرالي والعلماني، قد تمكن من رص صفوف "الوسط"، فيما يلقى معارضة في أوساط اليهود المتشددين، مع العلم أنه تولى وزارة المالية في إحدى حكومات نتانياهو بين عامي 2013 و2014.
السيناريوهات المقبلة
بعد تكليفه بتشكيل الحكومة، أعلن لابيد أنه سيعمل كل ما في وسعه لتشكيل حكومة "وحدة وطنيّة"، إلا أنّ المهمّة لا تبدو سهلة على الإطلاق، نظراً إلى أنّه، حتى ولو نجح في تأمين ولادتها، لن يكون قادراً على ضمان بقائها طويلاً، بسبب الصراعات القائمة بين القوى التي من المفترض أن تدعمها.
وهذا الأمر يتوقف، بشكل أساسي، على قدرته على تأمين إنضمام حزب "يمينا" بقيادة نفتالي بينت إلى الحكومة، على أساس التناوب بينهما على رئاستها، في حين من المفترض أن تحظى بدعم كل من "يمينا" و"تكفاه حدشاه" و"يسرائيل بيتينو" (أحزاب يمينية)، بالإضافة إلى "ميرتس" (حزب يساري) والكتلة العربيّة المشتركة، مع العلم أن بينت كان يفضل تشكيل حكومة يمينية ويرمي مسؤولية الفشل على نتانياهو.
في المقابل، يسعى رئيس الوزراء الحالي إلى شق صفوف الأحزاب اليمينية من أجل منع لابيد من تشكيل الحكومة، خصوصاً حزب "يمينا"، الذي كان العضو فيه النائب عميحاي شكلي أعلن رفضه دعم مشاركة حزبه في حكومة يقودها لابيد، ويشارك فيها "ميريتس" وتعتمد على دعم الأحزاب العربية.
هذا الواقع، يفتح الباب واسعاً أمام سيناريو الذهاب إلى إنتخابات برلمانية جديدة (الخامس في أقل من عامين)، نظراً إلى أن كل من نتانياهو ومعارضيه يفضلون ذلك على خسارة المواجهة، بعد أن تحول الموقف من رئيس الوزراء كعامل أساسي في الصراع القائم، بعد نحو 15 عاماً متتالية على توليه المنصب.