لفت الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، تعليقًا على مفاوضات ترسيم الحدود البحرية، إلى أنّ "هناك نقاشًا في لبنان ومفاوضات تجري في الناقورة، وآراء لبنانيّة حول خطّ الترسيم والمراسيم الّتي يمكن أن تصدر، ورغم أنّنا عبّرنا عن مواقفنا في أكثر من مناسبة، لكن هناك من يصرّ أن يسأل لماذا يصمت "حزب الله"؟ والبعض يحاول أن يفسّر صمت الحزب بالحرَج مع الحلفاء، وهذا غير صحيح"، مؤكّدًا "أنّنا كماوقة لا ولم ولن نتدخّل في موضوع ترسيم الحدود".
وشدّد، في كلمة متلفزة لمناسبة يوم القدس العالمي، على أنّه "فلتتحمّل الدولة مسؤوليّتها التاريخيّة في تحديد الحدود، والحفاظ على حقوق الشعب اللبناني، وأن تعتبر أنّها تستند إلى قوّة حقيقيّة "، مبيّنًا "أنّنا وجدنا أنّ مصلحة لبنان والمصلحة الأكيدة للمقاومة، أن نبقى بمنأى عن هذا الموضوع". ورأى أنّ "لبنان ليس ضعيفًا على الإطلاق، ولا تستطيع الولايات المتحدة الأميركية أو إسرائيل فرض خيارات لا يريدها اللبنانيّون أنفسهم".
وذكر السيد نصرالله، أنّ "ابتداءً من الأحد صباحًا، موعد بدء مناورات العدو، نحن سنقوم بكلّ الخطوات الهادئة والمناسبة، الّتي لا تثير قلق أحد في الداخل اللبناني، وبعيدًا عن العيون والأنظار، لكن يجب أن يعرف العدو أنّنا سنكون حذرين ومستيقظين وجاهزين لحركة المناورة، والمطلوب أن نكون في المنطقة عمومًا وليس فقط في لبنان، حذرين".
وحذّر من "أيّ خطوة خاطئة تجاه لبنان في مرحلة المناورة. أي خطوة ستكون مغامرة من قبل العدو"، مركّزًا على أنّ "أيّ محاولة للمسّ بقواعد الاشتباك، أو أي استهداف أمني أو عسكري، قد يفكّر العدو باللجوء إليه في ظلّ هذه المناورات، في ظنّه أنّنا سنكون خائفين، هو مشتبه في الظن". وجزم "أنّنا لن نتسامح أو نتساهل مع أي خطأ أو تجاوز أو حركة عدوانيّة من قبل العدو على كامل الأراضي اللبنانية، سواء كانت أمنيّة أو عسكريّة، خلال المناورات"، مؤكّدًا أنّ "قدراتنا تكبر والعدو لن يستطيع الحدّ من التطوّر الكمّي والنوعي لمحور المقاومة".
من جهة ثانية، أشار إلى أنّ "ثبات الشعب الفلسطيني وصموده وتمسّكه بحقّه وعدم تخلّيه عن القدس وحقوقه المشروعة، وبقاءه في الساحات وحضوره في الميادين ولو بشكل متفاوت من زمن إلى آخر، مهم جدًّا، ولذلك أهميّة تمسّك الفلسطينيّين بحقّهم هو الّذي يعطي المشروعيّة لكلّ محور المقاومة، ولكل مساعدة تقدَّم للشعب الفلسطيني".
وأوضح نصرالله "أنّنا سمعنا كثيرًا في السنوات الماضية، أنّ بعض الدول العربية والقوى الّتي ذهبت إلى التخلّي عن الفلسطينيّين، بحجّة أنّ الفلسطينيّين تخلّوا عن قضيّتهم، لكن هذه أكذوبة، فهم لم يتخلّوا لا عن الأرض ولا عن القدس ولا عن لاجئيهم؛ وهذا ما شهدناه في القدس الشرقية وما نشهده الآن في الشيخ جراح، حيث يواجه الفلسطينيّون بالأيدي العزل". وبيّن أنّ "الإسرائيلي الّذي كان يتصوّر أنّ جوّ الإحباط أو الحاصر أو "كورونا" أو الضغوط الاقتصاديّة، سينعكس على الفلسطينيّين ولن يعود لديهم النفَس للمواجهة والكلام، إلّا أنهّم فوجئوا بما يجري".
وشدّد على أنّ "التطوّر الأهم والأخطر، الّذي يجب تثبيته في المعادلات، هو مسألة دخول قطاع غزة على خطّ المواجهة"، داعيًا قادة الفصائل الفلسطينية إلى "مواصلة هذا الموقف والمنهج، لأنّه سيغيّر جزءًا من معادلات الصراع وجزءًا من قواعد الاشتباك، لمصلحة الشعب الفلسطيني والقدسيّين".
في الملف الإيراني، ركّز على أنّ "لا نقاش بأنّ إيران هي الدولة الأقوى في محور المقاومة، من خلال حجمها وقدراتها ونظامها وتماسكها وعدد سكّانها... ومنذ أكثر من 40 سنة، هناك جهد أميركي وإسرائيلي وغربي لإسقاط نظام الجمهوريّة الإسلاميّة، وإعادتها إلى أحضان الولايات المتحدة الأميركية، وهذا كلّه فشل"، ورأى أنّ "كلّ الرهانات الأميركيّة والإسرائيليّة، وخصوصًا رهانات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو فيما يتعلّق بإيران، سقطت في هذه الأيّام".
وذكّر نصرالله بأنّه "عندما كان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب يهدّد بالحرب، كان المرشد الإيراني علي الخامنئي يقول إنّه لا حرب. أولويّات إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مختلفة، ولا يوجد تهديد فعلي بالحرب. صراع بايدن السياسي متعلّق بموضوع الصين وروسيا، والخيار الّذي تعلن إدارته عنه هو موضوع الإحتواء والدبلوماسية والعودة للاتفاق النووي، ضمن تسوية أو تصوّر معيّن". ووجد أنّ "إيران عبرت مرحلة الخطر، وهي مقبلة على انتخابات جديدة، وهناك حرص لدى العالم على التفواض معها والتوصّل إلى حلول".
كما أفاد بأنّ "بعض وسائل الإعلام تقول إنّ أصدقاء إيران عليهم أن يقلقوا، لأنّ في النهاية المفاوضات في فيينا أو الحوار السعودي- الإيراني، سيكونان على حساب أصدقاء إيران في المنطقة"، مطمئنًا بأنّ "إيران ليست بحاجة لتؤكّد لأصدقائها أنّ لا شيئ سيكون على حسابهم أو على حساب أوطانهم أو شعوبهم". ولفت إلى أنّ "إيران في أحلك الظروف، لم تبع حلفاءها أو أصدقاءها، ولم تساوم عليهم، ولم تفاوض عنهم إلّا إذا طلبوا هُم مساعدتها كصديق".
وأكّد "أنّنا نؤيّد كلّ حوار إيراني إقليمي أو عربي، ونرى أنّه يقوّي محور المقاومة ويضعف جبهة العدو، ونحن ومطمئنّون جدًّا إلى إيران، هذا الصديق والأخ الكبير، انطلاقًا من معرفتنا ومن تجربة عمرها أكثر من 40 عامًا. مَن يجب أن يقلقوا هم أصدقاء أميركا في المنطقة، وقد بدأوا يقلقون".
في سياق منفصل، لفت الأمين العام لـ"حزب الله"، إلى أنّ "سوريا تجاوزت الحرب وهي في مسار التعافي، والاستحقاق الأخطر هو الاستحقاق الاقتصادي، لكن سوريا لا تواجهه لوحدها بل شعوب عدّة في المنطقة، وهي مصمّمة على الصمود والمواجهة"، مبيّنًا أنّ "موضوع شرق الفرات لم يعد موضوعًا داخليًّا، بقدر ما هو احتلال أميركي". وشدّد على أنّ "العديد من الدول العربية على اتصال مع الدولة السورية ، والسعودية لا تستطيع فرض الشروط على سوريا بشأن علاقاتها مع إيران، وهي تفاوض طهران".
إلى ذلك، كشف عن أنّ "الإسرائيلي الّذي كان يتحدّث عن بيئة استرايتجيّة وكان يعتبر أنّ المحور يتدمّر، اليوم هو قلق جدًّا، وأكثر جيش يقوم بمناورات في المنطقة منذ سنوات، هو الجيبش الإسرائيلي، ولو كان على هذا المستوى من القوّة والاقتدار كما يقول، لما كان بحاجة إلى كلّ هذه المناورات". وأشار إلى أنّ "الإسرائيلي اليوم قلق بسبب تطوّر قدرات محور المقاومة، وهناك تصدّعات واضحة في كيان العدو، كما هناك انهيار لبعض المحاور والتحالفات الّتي كانت قائمة في مواجهة محور المقاومة أو غيره".
وفسّر أنّ "هناك تصدّعًا في جدار كيان العدو، وهو كيان مأزوم ويعاني من أزمة قيادة في داخله، وهذه من علامات الوهن والضعف"، موضحًا أنّ "المسار في كيان العدو هو الذهاب إلى حرب أهلية، وهناك قلق جدّي في مجتمع العدو من هذه الحقيقة"، ومبيّنًا أنّ "جيش العدو ليس على يقين بشأن قدرته للتصدّي للنيران من جبهات مختلفة إن وقعت الحرب".
من جهة أُخرى، نفى نصرالله أن "يكون مصابًا بوباء "كورونا"، موضحًا أنّها "حالة من السعال والتهاب في القصبة الهوائية".