8 أيار جديد يطل علينا والقديس شربل ينتظر زوّاره في بلدته بقاعكفرا. وبقاعكفرا لا تقصّرمع شربل ولا مع زوّاره، حتى في عزّ "كورونا"، وها هي اليوم تحيي عيد مولده ككل عام بأبهى حلّة. مسيرة تأمل، سجود، وسلسلة قداديس على مدى ثلاثة أيام. أجراس الكنائس ستقرع وسيصل صداها الى قلب كل مؤمن ومحبّ ومكرّم لشربل، قديس لبنان والعالم، العابر للقارات والطوائف والأديان.
نحن والكثيرون من المؤمنين وبخاصة الاعلاميين الذين لن نزور بلدة القديس في عيده هذا العام بسبب "كورونا"، سنفتقد زواريب بقاعكفرا وكنائسها، والرحلة الى صخرة الصلاة والأحجار الحيّة لبيت القديس... سنشتاق الى المغارة ومائها المقدس الشافي، والى نسمة من روح شربل تبرّد حرّ الطريق، سنحنّ الى جمعة الفرح في باحة دير مار حوشب، والى لقمة المحبّة وكوب شراب التوت وفنجان القهوة من أيادي سيدات الأخوية. سنشتاق الى صوت الخوريين ميلاد مخلوف وهاني طوق يصدحان في القلوب قبل العقول في شرح مفعم بالحماس حول القديس وبلدته. سنفتقد ضحكات زملائنا وكل من كان يرافقنا كل عام، واهتمام الصديقة الاعلامية ماغي مخلوف ابنة بقاعكفرا، المجبولة بتراب ضيعتها والحاملة رائحتها الى الولايات المتحدة حيث قادتها أزمات لبنان المتراكمة، وبقيت تحن اليه والينا والى ضيعة القداسة.
سنشتاق الى كل هذا ولكننا لن نشتاق الى شربل، لأنه سيزورنا. سيمكث عندنا كما مكثنا عنده. هذا العام، سيستأذن شربل بلدته ليدور على بقاع الأرض، ويزور بنفسه كل انسان، حاملا اليه الفرح والرجاء في ذروة الزمن الصعب. "سيردّ الزيارة" حاملا الينا كلّنا بخورا وزيتا وماء من نبع محبته لنا ولجميع البشر. سيلفّ في زواريب قلوبنا المتعبة، وسيسمع أصواتنا المرتفعة بالألم واليأس وسيحّول الزمن الصعب الى فسحة أمل ورجاء وفرح. سيقيم القداس بنفسه في كلّ كنيسة من كنائسنا، سيناولنا جسد الربّ بيده، سيعظنا بصمته، ويداوينا بصلاته....
بقاعكفرا... يا أرض الصلاة والبخور، أشكري شربل عنّا على الزيارة، ومع الشكر كرّري عليه شكوانا، فمنك يسمع أكثر واليك يعود دائما، بعد كل جولة صلاة وشفاء. أخبريه أنّ لبنان يعاني، وأنّ الصليب بات أثقل. أخبريه عن "كورونا" وعمّن حصدتهم بمنجل الألم والعزلة. أخبريه عن حكّامنا الذين سرقونا وعن شعبنا المنهوب، المذبوح، المتروك والخائف...
ولكن قبل كلّ شيء، ذكّريه بأنّ شعبه هو شعب ايمان ورجاء، شعب يتنفس بخورا وصلاة، صلبٌ مثل صخور بقاعكفرا، وشامخ كصليب القيامة.
بقاعكفرا... مدّي يديك واحضنينا، خبّئينا بجبّة قدّيسك، فلا نخاف شيئا.
شربل، يا صاحب العيد، لا تطفئ شمعة عيد مولدك اليوم، بل أضئ شموع الرجاء فينا، فنشفى، ونرتقي بصلاتك الى عيد الأنوار الذي لا ينتهي...