اعتاد اللبنانيون على ربط مصيرهم باستحقاقات خارجية، فبعد أن ربطوا مصير الحكومة بالإنتخابات الرئاسية الأميركية، يحيكونه اليوم بمصير الإنتخابات الرئاسية السورية والإيرانية، وكأنّ المطلوب منهم هو ألاّ يتحمّلوا مسؤولية أنفسهم، مع عدم وجود أحد في الخارج ينظر إلى لبنان اليوم كأولوية.
زيارات خارجية عديدة قام بها مسؤولون لبنانيّون، وأخرى لمسؤولين أجانب إلى لبنان، وكلها لم تُسفر عن حلحلة العقد الحكوميّة، رغم أنّ الأزمة كبيرة، والشعب يعاني، وموعد الإنهيار بات على بعد أيام لا أسابيع ولا أشهر، فهل يستفيق المسؤولون للواقع الصعب؟.
تتحدّث معلومات صحافيّة عن محاولة حكوميّة جديدة يتم التحضير لها بعد عيد الفطر، عمادها "اللقاء" بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، ولكن هذا اللقاء لن يشكّل أيّ حلّ، إذا لم يقترن باتّفاق مسبق بين كل القوى المعنية، داخلياً وخارجياً، تقول مصادر سياسية مطّلعة، مشيرة إلى أنّ اللقاء بالشكل بين عون والحريري كان يُمكن أن ينفع في السابق لتهدئة النفوس، ولكنه اليوم لم يعد مجدياً.
تؤكّد المصادر عبر "النشرة" أنّ مفاعيل أيّ لقاء بين الرجلين ستكون سلبيّة للغاية بحال لم ينتج عنه تشكيل الحكومة، إذ لم يعد بالإمكان "الإستفادة" من إبر "المورفين" التي كانت تُعطى للبنانيين في الإجتماعات السابقة، لذلك لا يجب أن يقتصر العمل على إعداد اللقاء بل تحديد نتائجه، وهو ما لا يمكن فعله بالوقت الراهن بسبب استمرار المواقف على حالها من جهة، وتفكير الحريري بخيارات جديدة من جهة ثانية.
ترى المصادر أنّ تشكيل الحكومة بات صعباً بظلّ الواقع الحالي، ولتغيير الواقع يُفترض أن تحصل مفاجأة أو معجزة أو صدمة، وشروط هذه الخيارات غير متوافرة حالياً، من هنا كانت إشارة المكتب السياسي لحركة أمل في البيان الناري أمس إلى "الخطر" الذي يتهدد النظام اللبناني.
معروف أن رئيس الحركة نبيه برّي هو من المتمسكين باتفاق الطائف، وحديث المكتب السياسي عن "تعقيدات حول طبيعة النظام والقدرة على الإستمرار"، لا يعني أن حركة أمل بدأت تنسحب من تأييدها لإتفاق الطائف، إذ تؤكّد مصادر مقرّبة منها أنها كانت ولا زالت من أبرز الداعين إلى تطبيق الاتفاق المذكور بكامل مندرجاته قبل الحكم على نجاحه أو فشله، فالنظام اللبناني القائم حالياً لا علاقة له "بالطائف" بل هو نظام طائفي منغلق على ذاته، يعطي كل طرف حقّ "التعطيل" ولا يعطي الشعب حق العيش باستقرار وأمان.
وتضيف المصادر عبر "النشرة": "لا تريد حركة أمل نظاماً جديداً، بل تريد تطبيق الطائف وإلغاء الطائفية السياسية وتأليف مجلس الشيوخ، وانتخاب مجلس نيابي لا طائفي، وهي تُريد لهذا الهدف أن يتحقّق باتفاق اللبنانيين معاً"، مشيرة إلى أن القلق أصبح اكبر اليوم من إمكان حصول التغييرات بالنظام اللبناني فرضاً.
هناك من يقول أن النظام اللبناني سقط ولن يقوم مجدّداً، ولا بد من إجراء تغييرات، وهناك من يتحدّث عن أن التغيير سينطلق من الإنتخابات النيابية المقبلة، وبالتالي لم يعد هناك من داع للتفكير بمرحلة ما قبل الإنتخابات، فهل تقع الصدمة التي تغيّر كل هذا الواقع؟!.