لفت رئيس "المجلس الوطني للإعلام" عبد الهادي محفوظ، إلى أنّ "القدس تثبت بانتفاضتها المتكرّرة بأنّها توحّد فلسطين وشعبها، وتُملي على فصائل المقاومة الفلسطينيّة ضرورات الوحدة ومراجعة أسباب الإنقسامات غير المبرّرة".
وركّز، في بيان عن "وظيفة الإعلام في انتفاضة القدس"، على أنّ "القدس تثبت في كلّ مرّة أنّها عصيّة على العدوان الإسرائيلي وسياسته الإستيطانيّة و"صفقة القرن"، الّتي حشد لها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بعض الدول العربيّة وغير العربيّة، الّتي توهّمت أنّها قادرة بالتطبيع مع دولة الكيان الصهيوني على وقف الإستيطان وحماية أنظمتها، وتحويل العداء باتجاه آخر. وهذه فرصة هذه الأنظمة لمراجعة حساباتها والخروج من التطبيع".
وشدّد المحفوظ على أنّ "القدس تثبت حاليًّا أنّها بصمود شعبها، تكسر الإحتلال وتؤسّس لانتفاضة واسعة في كامل الأراضي الفلسطينية، وتشعل مشاعر الجماهير العربيّة مساندةً وحماسًا وشعورًا بالتقصير، واعتراضًا على الخلافات العربيّة- العربيّة وعلى تقديم العداء لإيران على العداء لإسرائيل".
ورأى أنّ "التواصل الحاصل بين القدس وغزة ورام الله والداخل الفلسطيني تحت الإحتلال بفعل المقدسيّين، أهمّ رسالة لـ"صفقة القرن" الّتي تبغي إنهاء القضية الفلسطينية. كما هو رسالة للإدارة الأميركية الحاليّة، بضرورات العودة للقرارَين الدوليَّين 242 و338، ولإقامة الدولة الفلسطينية بعاصمتها القدس ولاستعادة الجولان المحتل ومزارع شبعا"، مشيرًا إلى أنّ "القدس تعترض على السياسات المتعدّدة، الّتي تحاول أن تكرّس الكيان الصهيوني أمرًا واقعًا ومهيمنًا في مكوّنات المنطقة الأساسيّة".
كما أوضح أنّ "السؤال حاليًّا، كيف يمكن إعلاميًّا التعامل مع ما يجري في القدس ومع التطوّرات المحتمَلة، ومع فرضيّة التصعيد الإسرائيلي؟ لا شكّ أنّ هناك تقصيرًا إعلاميًّا عربيًّا رسميًّا"، مبيّنًا أنّ "من أصل 400 شركة إعلاميّة أولى في العالم، ليس هناك شركة عربيّة أو إسلاميّة يمكنها أن تكون مصدرًا لمعلومات تستفيد منها القنوات الغربيّة ووكالات الأنباء والمواقع الإلكترونية ومواقع التواصل".
وفسّر محفوظ أنّ "أغلبيّة هذه الشركات أميركيّة وأوروبيّة وموجود فيها بقوّة اللوبي اليهودي. وحده الحدث الفلسطيني الممزوج بدم الأطفال وتهديم البيوت وجرف المزروعات واجتياح الأقصى وغزوات المستوطنين، وحده هذا الحدث يستحضر الإعلام. ولعلّه في تجربة تلاقي المقاومتَين اللبنانيّة والفلسطينيّة، ما يؤكّد أنّ الطريق إلى تحرير الأرض هو وحدة البندقية وصوابيّة الرؤية وقيام التضامن العربي والإسلامي". وذكر أنّ "واقع الأمر أنّ الإعلام المقاوم أثبت أنّه من الفعاليّة بما يوازي فعاليّة العمل المقاوم المسلّح، إذ أنّه يظهره ويعرّف به ويثبت هشاشة النظريّة الإسرائيليّة القائلة بأنّ "الجيش الإسرائيلي لا يُهزم".
ولفت إلى أنّه "أيًّا يكن الأمر وخارج حسابات الأنظمة السياسيّة الصغيرة، يمكن للإعلام والإعلاميّين أن يخدموا في جوانب محدّدة ذات طبيعة إنسانيّة، مثل: الإستيطان وإبراز مخاطره، قضيّة الأسرى في السجون الإسرائيليّة، فضح السياسات الإسرائيليّة، تثمير الرأي العام الغربي المتعاطف مع القضية الفلسطينية، الابتعاد عن إثارة الطوائفيّة والهواجس والغرائز، التشجيع على الحوار والتلاقي بين المكوّنات الداخليّة سواء في المخيّمات الفلسطينية أو خارجها، محاولة الحؤول دون امتداد الإنقسامات العربيّة إلى الداخل الفلسطيني والدفع باتجاه التلاقي بين السلطتَين في الضفة الغربية وغزة، وتشكيل حكومة فلسطينيّة موحّدة تشمل كلّ المكوّنات الفلسطينيّة. كما يمكن للإعلاميّين التواصل مع حركة الـ"بي. دي.أس." الغربيّة الّتي تعمل على تعطيل المبادلات الثقافيّة والفنيّة والأعمال التجاريّة الّتي تشارك فيها إسرائيل والإسرائيليّون".
إلى ذلك، أكّد أنّ "المطلوب حاليًّا في مواجهة الوضع الحالي و"صفقة القرن"، مقاومة التطبيع الثقافي والفني والإعلامي، وعدم الظهور على المنصّات الإعلاميّة الإسرائيليّة، وعدم استضافة أي شخصيّة إسرائيليّة على المنصّات العربيّة والإحجام عن تداول أي منتج إعلاني إسرائيلي، وبذل كلّ الجهود الإعلاميّة الممكنة لتوعية الجمهور لمخاطر "صفقة القرن"، والتركيز على ما يجري في فلسطين ونشر ثقافة مقاومة التطبيع".
إلى ذلك، أشار محفوظ إلى أنّ "ردود الفعل الفاترة على قرار ترامب بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، شجّع الإدارة الأميركية على تسريع عمليّة النقل والإنتقال إلى "صفقة القرن". وآن الأوان لفرض أمر واقع فلسطيني مقاوم يدفع الإدارة الأميركية الى مراجعة حساباتها". وركّز على أنّ "واقع الحال "صفقة القرن" ليست أبدًا قدرًا محتومًا. فالأميركيّون منقسمون حيالها، والإعتراض يأتي عليها من جانب كلّ الفصائل الفلسطينيّة، ودول الغرب لا تساندها، ومحور المقاومة يعترض عليها، والرأي العام العربي والإسلامي يشجبها، ومحاولة بعض الأنظمة العربية استبدال العداء لإسرائيل بالعداء لإيران. هذه المحاولة فاشلة، إذ أنّ فلسطين تبقى وستبقى بوصلة الأمّتَين العربيّة والإسلاميّة، مهما طال الزمن. كما أنّ القدس بمقاومتها وصمودها، ستملي واقعًا جديدًا فلسطينيًّا وعربيًّا ودوليًّا، فهي الشرارة الّتي تشعل سهلًا".