أشارت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية إلى أنه "بينما يقف الجيش الإسرائيلي بقوة ضد حرة "حماس"، فإن البلاد تمزقها حرب من الداخل"، لافتةً إلى أنه "على الرغم من ترهيب سكان جنوب إسرائيل وأحيانًا المقيمين في الوسط، كان يُنظر إلى "حماس" دائماً على أنها المستضعف. وكانت إسرائيل دائمًا قادرة على إجبار "حماس" و"الجهاد الإسلامي" على وقف إطلاق النار، وشراء بضعة أشهر أو بضع سنوات من الهدوء النسبي".
واعتبرت أنه "في هذه الجولة، وبغض النظر عن عدد الإرهابيين أو المنشآت التي أصيبت في غزة ، فقد ظهرت "حماس" في الأيام الستة الأولى لها اليد العليا، مما أثار الفوضى على جميع الجبهات، تمكنت من نقل ساحة المعركة من المناطق الواقعة في نطاق الصواريخ إلى الدولة بأكملها، مع أعمال شغب هزت جميع أنحاء إسرائيل".
وتابعت، "يبدو أن هذه الجولة من الاقتتال ترتكز على الاضطرابات التي كانت تحصل في القدس، حيث أكدت "حماس" أنها أطلقت وابلًا من الصواريخ باتجاه القدس بسبب عمليات إخلاء مخطط لها في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية والإجراءات الإسرائيلية المحيطة بالمسجد الأقصى". ورأت أنه "مع الضغط الاقتصادي الناجم عن أزمة كورونا، الصراع السياسي المستمر وعدم الاستقرار في كل من إسرائيل والأراضي الفلسطينية، والخطاب المشحون من قبل اليهود والفلسطينيين قبل يوم القدس، تم وضع الأساس للصراع".
كما لفتت إلى أنه "بينما زعمت "حماس" في كثير من الأحيان أنها تدافع عن القدس ضد ما تدعي أنه إجراءات إسرائيلية عدوانية وجهود تهويد، نجحت هذه المرة في توحيد القوى مع الضفة الغربية والمجتمعات العربية الإسرائيلية. وتم تفجير الغضب من الاعتداءات اليهودية على القدس والأقصى، وكذلك الاحتجاجات ضد الأعمال الإسرائيلية في غزة ، واستخدمت لإثارة أعمال شغب في القدس واللد وحيفا".
وشددت الصحيفة على أن "حماس" حققت ما دعت إليه في بيان تلو بيان بالسنوات الأخيرة: الوحدة من خلال الكراهية. لقد وحّدت مجتمعات من لبنان والأردن والضفة الغربية وحتى إسرائيل، في خوف وغضب ضد دولة إسرائيل. في غضون ذلك، تقف إسرائيل منقسمة وممزقة بسبب الصراع السياسي وعدم الاستقرار والاقتتال الداخلي".
وأضافت، "على الرغم من الجهود الجبارة التي يبذلها النشطاء والمسؤولون في المدينة وقوات الأمن، لا يزال العنف يخرب شوارع إسرائيل. العرب واليهود الغاضبون يتصادمون مع مصطلحي "الحرب الأهلية" و"المذبحة" التي يلقيها المدنيون الذين يعيشون في حالة من عدم اليقين من وضع غير مسبوق. لذا نعم، يسجل الجيش الإسرائيلي إنجازات عظيمة في عملية "حارس الأسوار"، ولكن في غضون ذلك يبدو أن المنزل ينهار من الداخل. إسرائيل تكسب المعارك بالتأكيد، لكن يبدو أن "حماس" تكسب الحرب".
وأكدت أنه "في غضون أسبوع واحد فقط، نجحت "حماس" في إشعال صراع أهلي بين اليهود والعرب داخل الأراضي الإسرائيلية وإثارة واحدة من أكبر الصراعات مع غزة في السنوات الأخيرة". وتساءلت "في حين أن الجيش الإسرائيلي سينتهي من الحرب بغزة كما هو الحال دائماً، ومن المرجح أن ينحسر العنف في الشوارع في نهاية المطاف، ماذا ستكون حالة البلد؟ كيف تتحرك إسرائيل؟ وفي مواجهة هذه التحديات الكبيرة ، ما هي الأدوات التي سنمتلكها؟".
وفي السياق، اشارت الصحيفة إلى ان "حماس" رأت الوضع في إسرائيل واستغلته لمصلحتها، فاغتنمت الغضب والأذى المتصاعد بالفعل في عموم المجتمع الإسرائيلي وجعلته على نار عالية. ربما أشعلوا عود الثقاب، لكننا بالتأكيد جهزنا الحطب".
وأشارت إلى أن "الأسبوع الماضي سبب جروحاً عميقة في وجه المجتمع الإسرائيلي ستستغرق شهوراً، إن لم يكن سنوات للشفاء. ربما يكون المجتمع الإسرائيلي أكثر انقساماً مما كان عليه في أي وقت مضى، لكن مظاهرات التعايش التي برزت رغم الفوضى والخوف تظهر أنه يمكن ويجب القيام بذلك. "حماس" تربح هذه الحرب، وهذه المرة سيتطلب الأمر من عامة الناس، وليس فقط الجيش الإسرائيلي، لتحريك الموازين والفوز بها مرة أخرى".