فليستعِد السوريون وقائع بلدهم قبل عام2011، إقتصادياً ومعيشياً وسياسياً وعسكرياً. ولتتم المقارنة بين فترتي ما قبل الأزمة السورية وخلالها، للبناء على ما هو آت بعدها. ثم فليقارن السوريون ايضاً بين ما جرى عندهم وما حصل في دول عربية شهدت "ثورات" وأزمات: هل استقرّت؟ هل تطورت؟ أم تشظّت؟ أو إنكسرت؟.
لا يمكن إنكار حقوق الشعوب في المعارضة السياسية، مع فارق جوهري: أي معارضة؟ وأي مسار؟ وأي مصير؟ ما هي الأهداف؟ ماذا أنتجت الأزمات؟ أثبتت السنوات الماضية ان المخطط الذي كان يستهدف سوريا يسعى لفرض إنهيار الدولة فيها، وبالتالي افقاد السوريين عناصر البقاء: ألم تؤكد مجريات الحرب ذلك؟.
ليتخيل السوريون أن رئيسهم بشار الأسد استسلم أمام الشروط التي حاولت عواصم فرضها عليه من أجل فرض مغادرة دمشق مكانتها الإقليمية. وليتخيلوا ايضاً أن الأسد لم يواجه الحرب التي فرضوها على بلاده. هل كانت سوريا لتبقى بلداً موحداً؟ صحيح أنها خسرت مكانتها الإقتصادية جراء الحرب التي خاضوها ضدها، فدفع السوريون الثمن غالياً، ولا يزالون. لكن إعادة بناء الإقتصاد وترميم المكانة السورية سيكونان بالعمل. وهو شعار رفعته الحملة الإنتخابية للرئيس السوري: الأمل بالعمل.
انطلاقاً من هنا، ومن الأمل بالغد سيعيد السوريون انتخاب الأسد رئيساً لهم. لا يستطيعون التخلي عن قائد ثبّت لهم معادلة النصر في أخطر حرب ضد سوريا. ولا يمكن لهم التراجع خطوة الى الوراء، لأن المتربصين ببلادهم قد يعودون للإنقضاض عليهم.
سيعيد السوريون انتخاب الأسد لأن العالم الغربي والعربي إعترف ضمناً بثبات سوريا بفضل قيادتها وجيشها وشعبها. وسيتمسك السوريون برئيسهم الذي صمد معهم، فلم يتراجع، ولم يتنازل، ولم يخف، ولم يساوم على حقوق بلده.
يعرف السوريون قبل غيرهم أن قيادتهم هي التي دعمت كل فصائل وحركات المقاومة ضد إسرائيل، وهو عنوان كان أحد أبرز اسباب الحرب على الأسد لإسقاطه وتفكيك عناصر القوة السورية. ويعرف السوريون الآن أن خيار المقاومة ضد الإسرائيليين يحقق خطوات متقدمة في مسار الحرب المفتوحة مع إسرائيل، كما تؤكد تطورات فلسطين. وبالتالي فإن فضل القيادة السورية كبير ومعروف على كل أجسام المقاومة.
يعرف السوريون، بمن فيهم الذين اصطفّوا مع المعارضين للأسد، او الذين ضُللوا، او حملوا السلاح ضد جيش بلادهم، أنّ مرحلة الأزمة تُطوى حالياً بشكل تدريجي. ويعرفون أن لا بدّ لعودة المهجرين والنازحين السوريين الى أرضهم ومدنهم وقراهم، وهو سيتحقق فقط بالتنسيق والتعاون مع الدولة من ضمن المبادرات الوطنية: ألم تشكّل قرارات الأسد بالعفو باباً يخدم تلك الأهداف؟.
يعرف السوريون أيضاً أن انتصار بلدهم في المعركة ضد الإرهاب هو تحول تاريخي، يعود فيه الفضل لعناصر مجتمعة: صمود وتضحيات الشعب، ثبات وحكمة وقرارات القيادة، بسالة الجيش، ومؤازرة الحلفاء. ومن هنا فإن إستثمار نتائج تلك المرحلة لمصلحة سوريا سيحققها الأسد نفسه.
لذا، فإن خيار إعادة انتخاب الأسد مجدداً يشكل مصلحة سوريّة وطنيّة جامعة، ورغبة عربية ضمنية شاملة. ليشكّل الإستحقاق الإنتخابي محطّة فصل بين ما قبله وما بعده، وكأنّه موعد إعلان إنتصار دمشق على الأزمة، ليبدأ مسار إعادة لمّ الشمل الوطني وإعمار الدولة.