علّق وزير العدل الأسبق إبراهيم نجار، على الرّسالة الّتي وجّهها رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون إلى مجلس النّواب حول التّأخير الحاصل في تشكيل الحكومة، مؤكّدًا أنّ "الفقرة 10 من المادّة 53 في الدستور تنصّ على أنّه يجوز لرئيس الجمهورية أن يوجّه عندما تقتضي الضّرورة رسائل إلى مجلس النّواب، وقد لجأ الرّئيس ميشال عون إلى هذا النّص أكثر من مرّة، ومن الواضح أنّ مجلس النواب ليس ملزما أيضا ولا مقيّدًا بما تحويه هذه الرّسالة، لأنّ المجلس هو سيّد نفسه، ونظرًا لمبدأ فصل السلطات فهو لا يتلقّى تعليمات من رئيس الجمهوريّة، والسّلطة التّنفيذيّة لا يجوز لها التّدخل في أعمال السّلطة الإشتراعيّة إلّا في حدود ما ينصّ عليه الدّستور"، موضحا أنّ "السلطة التنفيذية لم تعد منوطة برئيس الجمهوريّة، والفقرة 10 من المادّة المذكورة هي من بقايا الصّلاحيات السّابقة الّتي كانت تتمتّع بها رئاسة الجمهوريّة".
وفي حديث لـ"النشرة"، لفت نجّار إلى أنّه "من النّاحية السّياسيّة لا شكّ بأنّ توجيه الرّسالة يفيد بأنّ رئيس الجمهوريّة يعتبر أنّ رئيس الحكومة المكلّف لا يجوز أن يبقى غير مقيّد بما يمكن تسميته "المهلة المعقولة" لتأليف الحكومة، مع العلم أنّ عبارة "المهلة المعقولة" قد تشكل مدخلا لإشكاليّة كبيرة جدّا، لأنّ تحديد مهلة لرئيس الحكومة المكلف قد يؤلّف بدوره تدخّلا او تعديلا في ميزان الصّلاحيات الدّقيق بعد اتفاق الطائف، لأنّ الطائفة السنية الكريمة صبرت على أمرها ولم تطالب بتعديل الدستور عندما تأخّر رئيس الجمهوريّة عن إجراء استشارات التّكليف، وكلّ مساس بهذا التّوازن بين مقوّمات النّسيج الطّائفي اللّبناني يمكن أن تنسحب مفاعيله على طوائف أخرى"، مشيرا إلى أنّه "لأجل كلّ الّذي ذكرته من الواضح والمسلّم به أنّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وهو على قدر كبير من تفهّم مندرجات الدستور، سيكتفي بتلاوة الرّسالة ويترك للمجلس إمّا المناقشة العلنيّة وإمّا باختتام الأعمال".
وردًا على سؤال، حول عدم جواز إستمرار المراوحة القائمة بحجّة التّوازن، أكّد نجار أنّه "على المستوى الشّخصي أؤيّد فكرة تقييد مهلة التّأليف كأن تكون مثلا لشهرين، قابلة للتّجديد مرّة واحدة على الأكثر، وهذا يتّفق مع ما أسميناه المهلة المعقولة، ولكن في الظّرف الراهن في لبنان، كلّ تقييد من هذا النّوع يستدعي تعديلا دستوريّا وهذا الأمر من الممكن أن يدخلنا في اشكاليّات أصعب، فإذا تم إقحام رئيس الحكومة المكلّف في زاوية يضطرّ معها للإعتكاف أو التّنازل عن التّكليف أي الإعتذار، سيؤدّي ذلك دون أيّ شكّ إلى استقالة كتلته النّيابية، وربّما كتل أخرى، وستتّجه الأمور من سيّء إلى أسوأ".
أما من الناحية القانونية وقدرة مجلس النواب على سحب التكليف، شدّد نجار على أن "القاعدة هنا هي "موازاة الأشكال" أي الشكل الذي اعتمد من اجل التكليف هو نفسه الذي يعتمد لسحبه، وبالتالي لا شيء يحول أو يمنع مجلس النواب من سحب التكليف، ولكن كما أسلفت سيؤدي ذلك استقالة كتل نيابية ويعقد الأمور".
من جهة أخرى، أكّد نجار أنه مع استقالة أكبر عدد ممكن من الكتل النيابية لأنّ الوضع لم يعد يطاق، ويجب تغيير كلّ "الطّقم الحاكم" وتعديل قانون الإنتخابات الحالي لأنّه أقرب إلى العنصريّة السّياسيّة والمذهبيّة منه إلى الدّيمقراطيّة التّعدّديّة، وأنا مع أن ينتج الحراك في لبنان حكما جديدا بكلّ معنى الكلمة، بل مع تأليف حكومة إنتقاليّة تملك صلاحيّة إصدار مراسيم اشتراعية والوصول إلى إدخال الاصلاحات في البنية السّياسيّة".
وفي الختام، تطرّق نجار إلى مسألة إحالة قانون استقلاليّة القضاء إلى لجنة الإدارة والعدل بعد انجازه في اللّجنة الفرعيّة، معتبرًا بأنّ "العلّة ليست في القوانين، وأنا شخصيّا أخشى كثيرا من مبدأ انتخاب القضاة من قبل القضاة، لأنّ ذلك سيُجهز نهائيّا على صدقيّة القضاء، وأعتقد بأنّه يكفي أن يتمّ رفع سلطة مجلس الوزراء عن القضاء، لكي تتحقّق استقلاليّته، ولكن هذا يفترض أنّ له قيادات ومقامات وتراث ومسار وسلوك معيّن، ولا بدّ من إعادة النّظر في كيفيّة اختيار القضاة من قبل مجلس الوزارء، أمّا الباقي فهو مسألة ثقافة ورجالات"، مذكّرًا بأنّه "خلال الفترة الّتي تولّيت فيه وزارة العدل أنجزنا التشكيلات القضائية بأفضل طريقة ولم يستطع أحد الإعتراض عليها".