فتحت رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون إلى المجلس النيابي، المتعلقة بالأزمة التي ترافق عملية تأليف الحكومة، الباب أمام طرح مجموعة من السيناريوهات حول مصير عملية التأليف، لا يقود أيّا منها، من حيث المبدأ، إلى معالجة الأزمة، بحسب المواقف التي صدرت عن بعض القوى السياسية، خصوصاً رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري المعني الأول بها.
من الناحية الدستورية، لم يكن أمام رئيس المجلس النيابي نبيه بري، المتحالف مع الحريري، إلا التجاوب مع رسالة رئيس الجمهورية، من خلال عرضها على المجلس النيابي كي يتخذ القرار المناسب، مع ما يعنيه ذلك من تحول الجلسة إلى منازلة سياسية من العيار الثقيل، بسبب الخلافات حول أسباب العرقلة، لا سيما مع توجه نادي رؤساء الحكومات السابقين إلى التعامل مع الرسالة بوصفها كإستهداف للطائفة السنية.
في هذا السياق، تشير مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يتوجه بها عون إلى نواب الأمة لمعالجة الأزمة الحكومية، فهو سبق له أن ذهب إلى مثل هذه الخطوة قبل يوم واحد من الاستشارات التي قادت إلى تكليف الحريري، لكن عبر رسالة تلفزيونية لا نيابية دعا خلالها النواب إلى التفكير جيداً في خياراتهم، وأكد أنه لن يتخلى عن دوره في عملية التكليف والتأليف.
وتلفت هذه المصادر إلى أنه حينها خذل أعضاء المجلس النيابي رئيس الجمهورية، الذي أظهر رغبة واضحة في عدم تسميتهم الحريري، نظراً إلى أنه لم يستطع التأثير على مواقف الكتل النيابية، سواء تلك التي كانت قد قررت تسمية الأخير، أو تلك التي قررت الذهاب إلى خيارات أخرى، أبرزها كان عدم تسمية أي شخصية أخرى.
بالنسبة إلى المصادر نفسها، السؤال الاساسي الذي يطرح نفسه اليوم يتعلق بإمكانية أن يكرر نواب الأمة الموقف نفسه، خصوصاً أن غالبية الكتل التي سمّت الحريري لاتزال على موقفها، أي "اللقاء الديمقراطي" و"التنمية والتحرير" و"القومي" و"المستقبل"، في حين لا يمكن حسم موقف "الطاشناق" بسبب العلاقة التي تجمعه مع رئيس الجمهورية و"التيار الوطني الحر".
وبعيداً عن السجالات التي من المتوقع أن ترافق جلسة المجلس، من الضروري السؤال عن الخطوة التي ستلي ذلك، لا سيما أنها لا يمكن أن تمر من دون تداعيات على العلاقة بين عون والحريري، وهو ما أكد عليه مضمون رسالة رئيس الجمهورية ورد رئيس الحكومة المكلف على الخطوة.
من وجهة نظر المصادر السياسية المطلعة، ليس هناك ما يوحي بأن المجلس من الممكن أن يذهب إلى سحب التكليف من رئيس الحكومة المكلّف، بالرغم من قناعتها بأنه يملك القدرة على ذلك، نظراً إلى أنّه جاء بناء على تسمية من النواب، وبالتالي من يملك القدرة على التكليف يملك القدرة على سحبه.
وتشير هذه المصادر إلى أن هذا السيناريو هو ما يتمناه رئيس الجمهورية من الكتل النيابية المختلفة، لكنها توضح أنه من الناحية العملية ليس هناك من هو مؤيّد لهذه الفكرة إلا تكتل "لبنان القوي"، بسبب الخلافات التي تعتري علاقة "التيار الوطني الحر" مع باقي القوى السياسية، باستثناء "حزب الله" الذي من المتوقع أن تذهب كتلته النيابية إلى موقف حيادي.
بالنسبة إلى المصادر نفسها، السيناريو الأرجح هو ألاّ تخرج الجلسة بأيّ توصية حاسمة، أي أن تذهب بالقول أن يعمد كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف إلى تكثيف الاتصالات والمشاورات لانجاز التشكيلة الحكومية، لكنها لا تستبعد الذهاب إلى سيناريو آخر يتمثل بمقاطعة كتل نيابية وازنة الجلسة لاجهاض هذه الخطوة.
في المحصلة، المشكلة الحقيقيّة في مكان آخر، وبالتالي من الناحية العمليّة من غير المرجح أن تقود رسالة رئيس الجمهورية إلى المعالجة بل إلى التعقيد، لا سيما أنها ستزيد من الشرخ مع رئيس الحكومة المكلف على المستوى الشخصي، إلا أن الأخطر هو أنها قد تفتح الباب أمام طروحات إدخال تعديلات على الدستور، مع ما يعنيه ذلك من احتمال ارتفاع حدة التوترات السياسية والطائفية.