على عكس ما توقعه البعض وعلى عكس ما كتبه البعض الآخر، ليست مطروحة داخل تكتل "لبنان القوي" مسألة الإستقالة من مجلس النواب. ما هو مطروح جدياً وما هو قيد الدرس على طاولة التكتل في هذه الأيام، هو العمل على تحقيق خرق في جدار الأزمة التي وصل التكتل الى قناعة تقول أوساطه بأن كل أبواب الفرج فيها باتت مقفلة. مصادر تكتل "لبنان القوي" تكشف لـ"النشرة" أن ما يدرس هو كيفية الوصول الى تقصير ولاية مجلس النواب عبر إجراء إنتخابات نيابية مبكرة، قد تحمل مفتاح حلّ الأزمة لا سيما بعدما سقطت المبادرة الفرنسية، وبعدما باءت بالفشل كل المحاولات مع رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، وبعدما وصل مجلس النواب في جلسته الأخيرة الى ما وصل اليه لناحية تفسير رسالة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حول التأخير الحاصل في عملية تشكيل الحكومة، وما وصفه الرئيس عون بـ"أسر التأليف من قبل رئيس الحكومة المكلف".
تقصير ولاية مجلس النواب واردة وممكنة، وإقتراح القانون المخصص لهذه الغاية مقدّم من نواب القوّات اللبنانيّة وبصفة المعجل مكرر منذ الصيف الماضي وتحديداً منذ ما بعد إنفجار الرابع من آب 2020، وبحسب الإقتراح المذكور الذي قدم في السابع عشر من آب 2020، تقصّر إستثنائياً ولمرة واحدة فقط، ولاية مجلس النواب، لتنتهي في التاسع من أيار الجاري". وبما أنّ الإقتراح المذكور لم يقر سابقاً، أرسل تكتل الجمهورية القويّة رسالة الى رئيس مجلس النواب نبيه بري يذكره فيها بضرورة إدراج هذا الإقتراح على جدول أعمال أول جلسة تشريعيّة، وقد إنطلق تكتل القوّات بحسب أوساطه من سببين موجبين لهذه الرسالة، السبب الأول، لتزامن الإنتخابات البلدية المقبلة في العام 2022 مع إستحقاق الإنتخابات النّيابية، وحفاظاً على الديمقراطية وإجراء الإستحقاقين، ولأنّ المجلس النيابي يجب أن يتحمّل مسؤوليته في هذا الفراغ المستفحل، ولأنّ الأزمة لم تعد قابلة للحل إلا من خلال تغيير كبير على صعيد السلطة. أما السبب الثاني فيعود الى الإنهيار المالي والإقتصادي والمؤسساتي الحاصل، من منع المودعين من الحصول على اموالهم المحجوزة في المصارف الى إنهيار سعر صرف الليرة مقابل الدولار الأميركي وصولاً الى الأزمات الإجتماعية والإقتصادية، التي لم يعد المواطن قادراً على تحملها. كل ذلك يتطلّب إجراء إنتخابات مبكرة وتشكيل حكومة جديدة تبدأ بتنفيذ إصلاحات إستثنائيّة، وتتمكن من إجراء الإنتخابات البلدية المقبلة.
الأفكار التي يدرسها تكتل لبنان القوي حيال تقصير ولاية مجلس النواب، لم يناقشها بعد مع أحد من الأفرقاء السياسيين، وقبل أن تتبلور صورة الصيغة التي سيتبنّاها، لن يفاتح التكتل أياً من الأفرقاء السياسيين بالإنتخابات المبكرة، خصوصاً أن قيادته تعرف تماماً أن حزب الله وحركة أمل، لا يريدانها في هذه المرحلة، ولا يفكران إلا بكيفية التوصل الى تشكيل حكومة يرأسها سعد الحريري.
الأكيد أن ما يدرسه تكتل لبنان القوي على طاولته غير منسق مع القوّات اللبنانية، والأكيد الأكيد أيضاً أن ما تعمل عليه القوات لتقصير ولاية المجلس النيابي لم تناقشه مع التيار بعد في الآونة الأخيرة، ولكن ما هو محسوم بالنسبة للفريقين هو الإتفاق التام على عدم إجراء أي تعديل او تغيير على صيغة القانون الإنتخابي الحالي منعاً للعودة الى قوانين المحادل التي فرضتها سوريا وحلفاؤها في الداخل يوم كانت تتحكم بمفاصل القرار في لبنان.