لا يكفي ان يتغنى اهل السياسة في لبنان بتحريره من العدو الاسرائيلي، فيما البلد كله محتل من عدو اكبر اسمه الفساد والمحاصصة والطائفية والمذهبية والمصالح الفئوية والشخصية الضيقة.
لا يكفي ان يحتفل اهل السياسة في لبنان بعيد التحرير الذي حققته المقاومة والشعب والجيش بالتكافل والتضامن، فيما يدفعون عن سابق وتصميم الشعب اللبناني الى اتون الفتنة ويكافئونه بالجوع والهجرة والضياع الاجتماعي والامني.
عيد المقاومة والتحرير، عيد لمن استحقه بالدم والتضحية والفداء، وليس لشلة سياسية لا توفر فرصة لتدمير البلد وسرقة مقدراته وتقاسم ثرواته وتهجير ابنائه.
عيد المقاومة والتحرير براء من رؤساء ونواب ووزراء لا يقيمون اعتبارا لاوجاع شعبهم، لا يقدمون اية تضحية بلا مقابل ولا يحافظون على جيشهم... فقط في بلد مثل لبنان نسمع ان «اللحم» حذف من وجبات طعام جيشه.
من يظن لوهلة، ان مقاومة اثبتت بان «العين تقاوم المخرز»، قد تقف متفرجة على المهزلة التي يمارسها كل اهل السياسة بحق لبنان واللبنانيين من اعلى الهرم نزولا الى اصغر موظف في الدولة، هو مخطئ ومخطئ جدا وعليه ان يعيد حساباته.
من يظن لوهلة، ان مقاومة حققت انتصار ايار ستبقى تتفرج على «مسرحية» تصفية الحسابات الشخصية بين رئيس الجمهورية ومن خلفه جبران باسيل والرئيس المكلف سعد الحريري من دون ان تحرك ساكنا، هو مخطئ ومخطئ جدا وعليه ان يعيد حساباته.
صحيح ان دحر العدو الاسرائيلي قد يكون اسهل من مقاومة هذا الكم من الاستهتار بمصير بلد حرر بالدماء ولم ينكسر، ولكن لبنان يستحق التضحية، ومقاومة كالتي كسرت العدو الاسرائيلي ودحرته لن تسمح بارتهان لبنان وتدميره اقتصاديا وسياسيا، ولن تقبل بتهاون المعنيين وعدم تاليف الحكومة في لحظة حساسة ومصيرية كالتي نعيشها.
ثمة قائل من اهل المقاومة ان امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله قد يفجر المفاجاة اليوم في ذكرى عيد المقاومة والتحرير ويقدم مبادرة انقاذية لمساعدة عون والحريري على تأليف الحكومة قبل فوات الاوان.
والقائل ذاته يشير الى ان ما حصل في مجلس النواب عمّق الهوة اكثر بين عون والحريري، فيما كنا في غنى عن هذه «الهمروجة» التي حصلت، اذ لم يكن هناك من داع لرسالة الرئيس طالما ان موقف المجلس النيابي معروف مسبقا، في حين ان تصعيد الحريري جاء ايضا خارج السياق ولم يكن ضروريا ولم يقدم او يؤخر، ويضيف «حل الازمة يحتاج الى التوافق وليس الى التصعيد».
ويؤكد القيادي ان مشكلة عون لم تعد فقط مع الحريري بل مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، بعد ان تحولت جلسة حشر الحريري اذا صح التعبير لسحب التكليف منه او الضغط عليه للتاليف وفقا لشروط بعبدا الى جلسة اعادة تعويمه بثقة برلمانية جديدة، واصفا ما حصل في مجلس النواب «بالانفجار... ونحن الان نحاول قدر الامكان لملمة اثاره».
وفي هذا السياق، ينقل عن مقربين من عون والوطني الحر قولهم ان «بري طعمانا الضرب»، ومن الان وصاعدا يجب التعامل مع بري والحريري «كشخص واحد» ونحن حاليا ندرس كل الخيارات المتاحة للرد.