بعد انتهاء جلسة مجلس النواب، التي ناقشت الرسالة التي كان قد توجه بها رئيس الجمهورية ميشال عون حول أزمة التأليف، ظنّ رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري أنه نجح في تجاوز هذا "القطوع"، لا سيما بعد أن ذهب إلى رفع سقف مواقفه في الردّ الذي قدّمه على تلك الرسالة، في حين أنّ المجلس لم يخرج بأي قرار حاسم حول ما يمكن القيام به من أجل معالجة هذه الأزمة، لكن من الناحية العملية كان الحريري أبرز الخاسرين.
من حيث المبدأ، بعد إنتهاء جلسة السبت الماضي بات رئيس الحكومة المكلّف بين حدّين: الأوّل هو غياب الغطاء الخارجي الداعم له، نظراً إلى أنه لم ينجح في تأمين الضوء الأخضر السعودي الذي يحتاج إليه، بدليل المواقف التي كان قد عبّر عنها رئيس "الحزب التقدمي الإشتراكي" النائب السابق وليد جنبلاط، أما الثاني فهو الدعوات التي صدرت عن بعض حلفاء رئيس الحكومة المكلّف، لناحية ضرورة الحوار مع رئيس الجمهورية للإتفاق على التشكيلة الحكومية، بالإضافة إلى تلك التي صدرت عن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي.
في هذا السياق، ترى مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، أنّ النتيجة الأساسيّة التي خرجت بها الجلسة هي تأكيد شراكة رئيس الجمهورية في عملية التأليف، الأمر الذي لم يكن يسلّم به رئيس الحكومة المكلف، الذي كان يعتقد بأنه يستطيع أن يقدم التشكيلة التي يريدها، بينما دور عون هو التوقيع عليها فقط وإحالتها إلى المجلس النيابي، وبالتالي بات عليه التعامل مع هذا الواقع الجديد في المرحلة المقبلة، في حال كان راغباً النجاح في مهمته.
بالمقابل، تشير هذه المصادر إلى أنّ النتيجة الثانية، التي كان مسلماً بها مسبقاً من قبل فريق رئيس الجمهورية أو "التيار الوطني الحر"، تكمن بعدم القدرة على سحب التكليف من الحريري إلا بإستقالة المجلس النيابي، خصوصاً أن المجلس كان من الواضح أنّه لا يريد الذهاب إلى أي تعديلات دستورية في هذه المرحلة، الأمر الذي لم يعد مستبعداً من قائمة خيارات تكتل "لبنان القوي" في حال إستمرار الواقع على ما هو عليه اليوم.
وبالتالي، تعتبر المصادر نفسها أن المطلوب من رئيس الحكومة المكلف، الذي إختار السفر إلى الخارج بعد إنتهاء الجلسة، أن يلبي دعوة رئيس "الإشتراكي" إلى إعتماد الواقعية السياسية في التعامل مع الأزمة، أي البحث عن كيفية الذهاب إلى تسوية مع رئيس الجمهورية تنهي هذا الملف، خصوصاً أن كلمة رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، في المجلس النيابي، فتحت الباب أمام ذلك، من خلال تشديده على أن الهدف من الرسالة ليس دفع الحريري إلى الإعتذار.
في هذا الإطار، تلفت أوساط سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن الأيام القليلة المقبلة من المفترض أن تكون حاسمة على هذا الصعيد، حيث أن الحريري سيكون مضطراً إلى التعامل مع الدعوات التي توجه من قبل العديد من الجهات من أجل المبادرة، بالتزامن مع دخول أكثر من شخصية سياسية على خط التأليف، أبرزها قد يكون رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي أصدر مجموعة من الرسائل التحذيرية في الأيام الماضية.
وترى هذه الأوساط أن رئيس الحكومة المكلف سيكون مضطراً، بعد عودته إلى البلاد، على تقديم تشكيلة حكومية مُحدثة تفتح الباب أمام جولة جديدة من المشاورات مع رئيس الجمهورية، لكنها توضح أن الوصول إلى الحلول يتوقف بشكل أساسي حول قراره الشخصي بشأن الفيتو السعودي على توليه رئاسة الحكومة في الوقت الراهن، وتسأل: "هل سيتجاوز هذه المعضلة أم سيستمر في لعبة المراوحة"؟.
في المحصّلة، تعتبر الأوساط نفسها أنّ مفتاح الحل هو بيد الحريري، الذي يملك زمام المبادرة التي من المفترض أن يتعامل معها عون بإيجابية، نظراً إلى أنه المكلف بتقديم تشكيلة جديدة يمكن أن تحظى بموافقة رئيس الجمهورية أو تكون قابلة للنقاش.