اشار رئيس مجمع الكنائس الشرقية الكاردينال ليوناردو ساندري خلال ترؤسه الذبيحة الإلهية لاحتفال الرهبانية الأنطونية المارونية في دير مار اشعيا - روما برتبة إبراز النذور المؤبدة للأخوين كريستوفر المعلوف ونبيل عدوان ورتبة تجديد النذور للأخوين سعيد يزبك وجوزف الفغالي، الى انه "في هذا اليوم الذي نحتفل فيه بذكرى حلول الروح القدس على الرسل المجتمعين مع العذراء مريم في العلية، قررت رهبانيتكم الاحتفال بإبراز النذور الرهبانية لأربعة من أفرادها. إنه لامتياز خاص أن تعلنوا النذور الرهبانية التي تلزمكم بحرية، اتباع المسيح بالفقر والطاعة والعفة ويشهد على ذلك تدفق روح المحبة. يعلن القديس بولس في رسالته إلى أهل غلاطية :"في الواقع هناك مقاومة تمنعكم من فعل ما تريدون حتى إنكم تعملون ما لا تريدون. ولكن إذا كان الروح يقودكم، فلستم في حكم الشريعة". هذا هو الروح الذي تلقيتموه في المعمودية والتثبيت، لذلك أصبح باستطاعتكم مواجهة المعارك لتعيشوا التزامكم وفقا لتعاليم الإنجيل، ووفقا لقوانين رهبنتكم التي ترسم لكم درب القداسة. إذا كان هذا الدرب متاحا لجميع الناس، فإن نذوركم الرهبانية هي الطريق الأسمى لتحقيق ذلك. هل الوصول إلى القداسة أمر صعب؟ بالطبع لا، إذا نظرنا إلى القديسين الذين تضعهم الكنيسة كمثال لنا، إنهم عرفوا كيف يستخدمون مواهبهم الخاصة وينمونها من أجل الخير الأعظم للمؤمنين الذين لمسوا من خلالهم معنى العون والمساعدة والراحة. إنهم قدوة لنا وهم يعلموننا. وهكذا نلاحظ أنه إذا كانت القداسة هي المكافأة الأسمى لجميع الصالحين الذين عرفوا كيف يجيبون على نداءات الروح القدس ويسمحوا له بأن يحول طاقاتهم، قدراتهم وذكائهم".
أضاف: "إن القداسة متنوعة في نظر الناس أما في نظر الله فهي فريدة لأنه من خلالها نشارك في حياة الثالوث الاقدس. لا شيء يمكن أن يثبط عزيمتنا لنصل إليها لأن الروح القدس يشاركنا بمواهبه، كما أنه يساعدنا، يدعمنا ويشجعنا، إنه يوفر لنا الراحة في هذه الحياة المليئة بالدموع ويذكرنا بأنه حضر لنا مسكنا بالقرب منه".
وتوجه ساندري الى الحاضرين بالقول: "أقول لكم بصفة الصداقة التي تربطني بكم ابناء الرهبانية الانطونية، كما هي الحال مع الرهبانيات اللبنانية الأخرى. إبراز نذوركم الرهبانية في الرهبنة الأنطونية ستكون له بصمة العنصرة، لذا أدعوكم لأن تعيشوا رمزية هذا الاحتفال بالملء لتكون نعمه علينا جميعا. لذا، أطلب منكم أولا، ابقوا في العلية: عليكم دائما، في حياتكم اليومية كأشخاص مكرسين، أن تكونوا مع مريم في الصلاة، ومع إخوتكم أيضا وهذا يعني أنكم لن تفقدوا ارتباطكم وصلاتكم أبدا وستبقون متيقظين للعلامات والأوقات التي يمنحكم الروح القدس من خلالها قوته وقدرته. وفي صلاتكم اليومية مع العذراء مريم، ستواجهون كل الصعاب والآلام والأفراح والأحزان. لذا أدعوكم كأبناء جدد يعلنون نذورهم في الحياة الرهبانية الانطونية المارونية أن تبقوا في العلية.
ثانيا، أدعوكم لمغادرة العلية، كأشخاص مكرسين: لقد امتلأتم من الروح القدس، لكي تعلنوا وتشهدوا لارتباطكم بيسوع سيدكم ومعلمكم. فبإعلانكم للحياة الجديدة والمستقبلية من خلال نذوركم، الطاعة والعفة والفقر حيث يدعوكم المسيح من خلالها لتشهدوا له في رعيتكم، ومدرستكم جامعتكم، وفي رسالتكم. ولن تكونون وحدكم أبدا، لأنكم ممتلئين من الروح القدس، والعذراء مريم ترافقكم دائما. وستكونون أغنياء روحيا بحياتكم الجماعية مع إخوتكم الذين يدعمونكم ويرافقونكم، وستكون الأخوة الجميلة هي ثروتكم وقوتكم، وحياتكم الجماعية ستكون علامة الحب ودعما أخويا يوما بعد يوم. أخرجوا، بقوة الروح القدس التي تلقيتموها في العلية، اذهبوا لمقابلة أولئك الذين ينتظرونكم كرسل جدد. لا تفقدوا أبدا فرح يوم نذوركم، وتذكروا أن تعيشوا دائما بقوة الروح لتتمموا دعوتكم في خدمة المؤمنين، وأتجرأ على القول في خدمة لبنان".
وتابع: "اليوم في هذا الحفل الأخوي لعيد العنصرة، يتواجد لبنان هنا، إنه حاضر بكل الآلام التي يعانيها، يعاني وباء الكورونا التي يعاني منها العالم بأجمعه أيضا. ولكن يتواجد لبنان معنا بآلامه الفردية، المعاناة الصحية، الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها. لذلك نريد أن نطلب اليوم هنا، قوة العنصرة لأجل لبناننا العزيز لكي لا يبقى مجرد علامة استفهام وتساؤل، إنما كي يصبح رسالة مليئة بقوة الروح القدس، رسالة سلام، تضامن، عدالة وحرية. وبخاصة وقبل كل شيء عدم البحث عن رغباتنا ومصالحنا الشخصية إنما البحث عن الخير الذي هو "لبنان لنا جميعا". لذلك في هذه المناسبة بالاحتفال بالنذور الرهبانية الموقتة والمؤبدة لإخوتنا الأنطونيين نضع عائلاتنا وكل لبنان على مذبح الرب، لكي يستعيد العافية التي وهبها إياها الله بقوة الروح القدس ودوره في نشر الرسالة في الشرق الأوسط وفي العالم".
وختم: "أيها الإخوة الأعزاء، بخاصة الإخوة الذين يبرزون نذورهم الرهبانية في هذه اللحظة المباركة، أعهد بكم إلى الاثنتي عشرة شعلة من شعلات الروح القدس التي تمنحكم السلام في حياتكم السامية، وتعطيكم القوة في أعمالكم، والمثابرة في المكافحة من أجل العيش بأمانة في التزامكم الروحي والرهباني، والبقاء دائما في العلية والخروج أيضا لإعلان فرح الروح. ليحل تدفق الروح القدس على جميع الحاضرين، المخلصين، الموجودين معكن اليوم يشاركونكم فرحكم، وأحيي بحرارة جميع الأخوة والأخوات الأعزاء".
بعد القداس واثناء اللقاء الاحتفالي، اشار وكيل عام الرهبانية الانطونية لدى الكرسي الرسولي رئيس الدير الأب ماجد مارون في كلمة له، الى انه "اليوم عيد العنصرة، عيد اتمام وعد المسيح القائم لتلاميذه، الوعد بإرسال الروح المعزي، البارقليط، شعلة الرجاء. في هذه المناسبة تبتهج رهبانيتنا الانطونية وتصلي مع اثنين من ابنائها، الاخ كريستوفر معلوف والاخ نبيل عدوان، ابان لحظه اعلانهما "النعم" بتكرسهما لمدى الحياة لله. ان حضوركم جميعا احبارا واصدقاء هي علامة لبركتكم ولعاطفتكم المحبة للرهبانية الانطونية جمعاء وبشكل خاص لجماعتنا الرهبانية في المدينة الخالدة". وقال: "في الكنيسة كل زمن ووقت فرح يرافقه زمن "افخارستيا" اي وقفة شكران للروح. اليوم صباحا تكلم قداسة البابا فرنسيس في عظته عن اهمية الروح والرجاء حيث قال: "ان كنت تعاني من ظلام الوحدة، وتحس بداخلك بصخرة تخنق فيك روح الرجاء، وبجروح تؤلمك، ولا تجد منفذا للخروج، شرع ابواب ذاتك للروح. أشكر الرب مع اخوي كريستوفر ونبيل على عطية "النعم" وعطية الاهل والعائلة، وعلى عطية كل الذين تابعوا مسيرتهم الانسانية والروحية والكنسية والاكاديمية، وعطية الاصدقاء وكل العطايا".
أضاف: "ونحن نتكلم عن العنصرة والروح القدس، شعلة الرجاء، يخطر على اذهاننا وضمائرنا وثيقة مهمة للبنان، عنيت بها الارشاد الرسولي "رجاء جديد للبنان" للبابا القديس يوحنا بولس الثاني، وخصوصا ووطننا وموطن قلوبنا لبنان يمر بأصعب الازمات والتحديات الاقتصادية والسياسية الصحية والاجتماعية، واجب علينا ان نتذكر الرجاء وان نذكر بالرجاء، وان نتابع مسيرة الرجاء الجديد. فالإرشاد الرسولي كان لكنيسة لبنان وللرهبانية الانطونية التي هي جزء لا يتجزأ من هذه الكنيسة، مواسم نهضة وازدهار. ونحن على عتبة التحضير ليوبيل 25 سنة لإصدار الوثيقة نرفع آيات الشكر والتعظيم لله على نعمة الزمن وعلى نعمة الروح القدس. فالرهبانية الانطونية كما اخواتها الرهبانيات والجمعيات والمؤسسات في قلب الكنيسة المارونية لبوا هذا النداء للرجاء، فقد كان الرجاء حافزا لعدة مبادرات منذ اللحظة الاولى لإصداره:
- على المستوى الروحي والرهباني: قمنا بتجديد وتحديث وطبع كل كتب صلوات الفرض لكل السنة الطقسية باللغة السريانية واللغة العربية.
اثنان من اخوتنا الرهبان اختارا حياة النسك والمحبسة بعد انقطاع طويل لهذا النمط من العيش الديري".
وختم: "على مستوى الرسالة الرعوية، قمنا ودائما ببركة الكرسي الرسولي وبركة البطاركة واساقفتنا بترميم وتوسيع عدد من اديارنا وكنائسنا وبنوع خاص في المناطق التي عانت من الحرب والتهجير. على مستوى الرسالة التربوية والاكاديمية، ارادت الرهبانية توسيع نطاق حضور الجامعة والمدارس على مساحة أرض الوطن وخصوصا في المحافظات التي تختبر نعمة العيش المشترك مع إخوتنا في بلد الرسالة".