من سيء الى أسوأ، هي العبارة الأكثر تعبيراً عن وضع الكهرباء في لبنان خصوصاً بعد وقف المجلس الدستوري تنفيذ قانون سلفة الخزينة التي أعطاها مجلس النواب لمؤسسة كهرباء لبنان بقيمة 200 مليون دولار. قرار المجلس الدستوري المعروف سلفاً أنه لن يصدر كون المجلس فقد نصابه بعد وفاة عضو ثالث من اعضائه، وكونه لن يتمكن من إصدار قرار بحضور سبعة أعضاء فقط من أصل عشرة، الأمر الذي سيعيد قانون السلفة نافذاً لم يصدر بعد ولكن في إنتظار قرار اللاقرار هذا، تتفرج مؤسسة كهرباء لبنان على الإنهيار التدريجي الحاصل وما بيدها حيلة في ظل عدم توافر الأموال لشراء بواخر الفيول، معتمدةً سياسة ترشيد الإنتاج في معامل الطاقة كي تؤجل قدر الإمكان شبح العتمة وفي هذا السياق تكشف مصادر المؤسسة لـ"النشرة" أنها تشغل المعامل بقدرة إنتاج تصل الى 965 ميغاواط ما يعطي عملياً 7 أو 8 ساعات تغذية كهربائية في أكثرية المناطق، وتصل هذه التغذية في منطقة بيروت الإدارية الى 12 ساعة يومياً عملاً بقرار صادر عن مجلس الوزراء يميزها عن غيرها من المناطق ويعطيها بين 20 و21 ساعة تغذية يومياً (قبل الأزمة والإنهيار المالي). وعن الجدول الزمني الذي سبق أن وزعته مؤسسة كهرباء لبنان للبدء بإطفاء المعامل بسبب نفاذ مادتي الفيول أويل والغاز أويل من خزانات معامل الإنتاج، تكشف المصادر المتابعة للملف أن المعمل الأول الذي قد تلجأ المؤسسة الى إطفاء محركاته هو معمل الزوق القديم والذي من المتوقع ان يتوقف عن العمل بشكل كلي في أوائل شهر حزيران المقبل، وفي حال حُلّت مسألة سلفة الخزينة وقال المجلس الدستوري كلمته لناحية عدم إصدار أي قرار بسبب فقدان النصاب، يستمر معمل الزوق بالعمل.
وكما قلنا في البداية نعود ونكرر أن وضع الكهرباء هو من سيء الى أسوأ، ومن المتوقع ألا يتحسن بشكل لافت في الأشهر القليلة المقبلة، لماذا، لأن حل مسألة سلفة الخزينة لن يدفع مؤسسة كهرباء لبنان الى رفع قدرة المعامل التشغيليّة الى أكثر من 100 ميغاواط إضافية، أي من 965 ميغاواط تنتج حالياً من دون الباخرتين التركيتين (تنتجان 300 ميغاواط وقد أوقفتهما شركة كارادينيز عن العمل بعد قرار قضائي بالحجز) الى 1050 أو 1060 ميغاواط كل ذلك بهدف الحفاظ قدر الإمكان على ساعات التغذية التي تعطى راهناً ولأن سلفة الـ200 مليون دولار لا يمكن أن تخدم لأكثر من النصف الثاني من تموز، وإذا رفعت المؤسسة قدرة المعامل التشغيلية الى ما يزيد عن 1050 ميغاواط فهذا يعني عملياً أن اموال السلفة لن تكفي لشراء الفيول حتى منتصف تموز وأن ساعات التغذية ستنخفض شيئاً فشيئاً وصولاً الى دخول نفق العتمة الشاملة عندما يتم إطفاء كل المعامل وعندما ستنكشف الحقيقة المُرّة امام اللبنانيين، ألا وهي حقيقة عدم قدرة المولدات الكهربائية الخاصة على تعبئة فراغ مؤسسة كهرباء لبنان.