اعتبر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطري الراعي، خلال حوار مع طلاب اليسوعية، أنه " حينما مارس لبنان الحياد كان يعيش ببحبوحة وكان هناك إنفتاح على كل الدول وكنا نستقبل رؤساء جمهوريات وملوك وبدأنا نتراجع إلى الوراء مع الدخول في الأحلاف والحروب الإقليمية واليوم أُخرِج من حياده وأدخِل الصراع وأصبح ورقة للتفاوض بين الدول".
وتابع الراعي: "نحن بحاجة إلى السيادة الداخلية ولا يمكن تطبيق ذلك إلّا عبر دولة القانون والعدالة وعبر الجيش والقوى الأمنية وعلى الصعيد الخارجي عبر عدم التدخل بشؤون الدول وحماية أنفسنا من أي إعتداء خارجي". الفاتيكان يعمل بطريقة أخرى ويذهب على خط ساخن بالنسبة لقضية لبنان، وأنا أجزم أن تأجيل زيارة البابا للبنان مرتبطة بعدم تشكيل حكومة، وأنا أعتقد أن هذا السبب الأساسي لعدم حضوره.
ولفت الراعي ردا على سؤال الى أنني "لا أعرف ما معنى مؤتمر تأسيسي وما هي أهدافه، وعندما يكون مجهولا نكون ضده لأننا لا نعرف مضمونه وأهدافه، أما المؤتمر الدولي الذي نطالب فيه فهو معروف المضمون والأهداف".
وتابع: "لبنان قائم بالميثاق على العيش معا مسلمين ومسيحيين على تنوع طوائفنا ومذاهبنا، والمثالثة تلغي التوازن، ولا طير بثلاثة أجنحة، وهو خطر لأنه يضرب الميثاق الوطني، ما نريده هو العيش مسلمين ومسيحيين بالمشاركة والمساواة بين الحكم والإدارة، التي اتفق عليها بالطائف وأصبحت بالدستور".
وشدد على أنه "نحن نعيش بعالم عربي وإسلامي وأنظمة دينية، وقرآن للتشريع، والسلطات بيد أبناء هذا الدين، ولك في لبنان لا شيئ من هذا، بقوة الميثاق يوجد حياة المساواة بين المسيحيين والمسيحيين بالإحترام المتبادل، والمثالثة هي بداية هدم الكيان اللبناني".
وأضاف: "أصبح هناك الكثير من التشويه للصورة اللبنانية، وبعض الممارسات السياسية شوهته، ونقول أن لبنان يجب أن يستعيد صورته الحقيقية، لبنان بخطر بسبب الممارسة السياسية الخاطئة وبسبب ارتباطات وولاءات بدول أخرى واستيراد عادات وتقاليد وأنظمة وممارسات غير طبيعتنا اللبنانية، وكيان لبنان مهدد، أي هويته وتعدديته وديمقراطيته، المساواة بين المسلمين والمسيحيين، حرية التعبير والمعتقد والممارسة، يفقد كل ذلك لبنان شيء فشيء".
وأكمل البطريرك: "ما معنى أن يكون رئيس الجمهورية الأول مسيحيا؟ ومن يقرر الاول مسيحيا؟ الرئيس القوي الذي يجب أن ننتخبه يجب أن يكون "الأول لبنانياً" ويكون إنسانا متجردا لا مصلحة خاصة له وصاحب أخلاقية ورؤية وليس له أي إرتباط بأحد ويجب أن يحافظ على الدستور ومؤسسات الدولة ووحدة الشعب اللبناني، و الدول تلعب دوراً باختيار الرئيس اللبناني لكنّها لا تبحث عن الرئيس القوي بدينه وطائفته إنما القوي بشخصيّته".
وعن الوضع الإقتصادي، لفت البطريك الى أن "الحل يكمن في الإستقرار وفي إستعادة ثقة اللبنانيين في الداخل والخارج وثقة الدول، وللأسف، المسؤولون غير معنيين ولا يريدون للدولة أن "تمشي" ولا يمكن لها أن تسير دون حكومة".
ولفت الراعي الى أننا "باركنا الثورة ونريدها أن تستمر وهي نجحت في انها خلقت تيارا عاما يسعى إلى الأفضل ولم تعد تقبل بالواقع والممارسة وهذا مهم، كما نحجت في انها جمعت مكونات المجتمع اللبناني بمسلميه ومسيحييه وأضاءت شعلة رجاء بالتغيير وبتعميق الانتماء الوطني للبنان الجامع، لكن قطع الطريق دائما هو قصاص للمواطن الذي يذهب الى عمله وأو للمريض الذي يذهب الى المستشفى، قد تكون مرة لكن دون تكرار، مما يعني أن الطريقة يجب أن تتغير".
ولفت الى أنه "مع الغاء الطائفية السياسية يتطلب آلية ودراسة وصارت مثل "بعبع" رغم أنها موجودة في الدستور، ونحن لا نخاف منها لأن تطبيقها مقترن بمجلس الشيوخ وغيرها، ونحن نريدها لكن هم لا يريدون أن يقوموا بها، وأخذنا قرارا في البطريركية أننا مع الزواج المدني، بشرط أن يكون على كل اللبنانيين، ولا قانون اختياري بالعالم، ربما لأن فئة من اللبنانيين تريد ذلك، والمشكلة هي عند الإخوة المسلمين الذين لا يقبون إطلاقا بالزواج المدني".
وتابع: "لست زعيمًا سياسيًا ولا أسعى لذلك، فدور البطريرك هو السهر على الكنيسة رعويًا واجتماعيًا وكنسيًا وله دور وطني وليس سياسيًا بحكم التاريخ الذي لعبه البطاركة".