أوضح مصدر سياسي مواكب للأجواء التي سادت محادثات قائد الجيش العماد جوزيف عون في باريس وتخللتها مفاجأة استقباله من قبل الرئيس إيمانويل ماكرون، بأن الأخير أراد تمرير رسالة واضحة للطبقة الحاكمة والمنظومة السياسية بأن المؤسسة العسكرية لا تشبه جميع هؤلاء وتؤدي مهامها كما يجب، وبالتالي فهي لا تتحمل مسؤولية العراقيل التي تمنع تشكيل حكومة مهمة وتمعن في تعطيل المبادرة الفرنسية لإنقاذ لبنان لأن من دون تشكيلها مدعومة ببرنامج إصلاحي لا يمكنه الحصول على مساعدات دولية تدفع باتجاه انتشاله من الهاوية التي هو فيها الآن.
ولفت المصدر نفسه في حديث لـ"الشرق الاوسط" إلى أن استقبال ماكرون للعماد عون يعني الحفاظ على آخر ما تبقى من معالم الدولة اللبنانية والذي يتمثّل في المؤسسة العسكرية والقوى الأمنية، وهذا يستدعي من باريس بأن تسهم في رفع المعاناة عنها لضمان استمراريتها، مؤكدا انه " توخى من استقباله الحفاظ عليها كقوة احتياط يعتمد عليها لإعادة الروح إلى البلد والانتقال به من التأزُّم إلى الانفراج".
وأوضح المصدر أن "باريس تعاملت مع استقباله من زاوية تجنيب لبنان من أن يشرب الكأس المرة التي شرب منها العراق مع سقوط نظام الرئيس صدام حسين وقرار الحاكم الأميركي بول بريمر حل الجيش العراقي، ما قاد إلى انهيار مؤسسات العراق وقدّم خدمة لإيران أتاحت لها السيطرة عليه من دون أن تنجح في إعادة تجميعه لأنها أصرت على التعامل معه وكأنه محافظة ملحقة بالنفوذ الإيراني".
ورأى المصدر السياسي أن "دعم باريس للمؤسسة العسكرية ما هو إلا خطوة استباقية لمنع لبنان من السقوط في الانهيار الشامل وعلى الطريقة العراقية التي ارتكبها بريمر"، معتبرا ان "دعوة ماكرون لعقد مؤتمر دولي لتمكين لبنان من البقاء على أهبة الاستعداد لإعادة تركيبه بإنتاج سلطة سياسية جديدة، كما سعى وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان في اجتماعه في زيارته الأخيرة بأحزاب المعارضة وبممثلين عن المجتمع المدني ودعوتهم للاستعداد لخوض الانتخابات النيابية المقبلة كممر إلزامي للتغيير".