تمتاز العقارات الوقفية بمواقع رائعة ولها قيمة مادية وتاريخيّة كبيرة، لكنها وعلى مرّ السنين كانت عرضة للانتهاكات. عندما تقصد دير مار يوسف الحرف في درعون تجد أن هذه العقارات هي من الأجمل وليست في حالة خراب أو غلال، كما علّل الولي على الارض فكتور انطين في الطلب الذي تقدّم به أمام المحكمة الابتدائية العقارية عام 1989، خالصاً الى طلب الحلّ والتصفية "لأنّ عقارات الوقف في حالة خراب"...
الوقف الخيري والذرّي
تشرح المصادر الفارق بين الوقف الخيري والوقف الذري، لافتة الى أن "صفة الوقف تتحدّد برغبة الواقف فهو الذي أنشأه خيرياً أم ذرياً"، مشدّدة على أن "الوقف الخيري غير جائز تصفيته ولا حلّه إطلاقاً فيبقى خيرياً الى الأبد وله طابع الخير العام إما للعائلة ككلّ، وإما للبلدة أو المنطقة، بينما الوقف الذري يكون لذرية الواقف، وهؤلاء يستطيعون البيع على أجيال طويلة الأمد"، خالصة الى التأكيد أن "الوقف الخيري يجوز حلّه وتصفيته بحدود ضيّقة إذا كان قد أصبح بحالة خراب أو انعدام غلال".
تؤكّد المصادر أن خراب عقارات الوقف شرط أساس لإنهاء الوقف على ما نصّت عليه المادتين 32 و33 من قانون محكمة الاوقاف المذكور، فالمادة 32 اشترطت أن تكون العقارات قد تخرّبت ولا يُمكن بناء المتخرّب أو استبداله، أما المادة 33 اشترطت لإنهاء الوقف "إذا أصبح ما يأخذه المستحقون من الغلّة ضئيلاً"، وتذهب المصادر أبعد من ذلك لتؤكد أن "عقارات الوقف موضوع الحلّ والتصفية والبيع هي عقارات جيّدة جداً وتتمتّع بمنظر رائع وفي حال أُحسِنَت إدارتها فإنها ستدرّ أرباحاً طائلة".
تخمين الاراضي
إلا أن محكمة الأوقاف الذريّة طلبت تخمين هذه الأرض، واشارت المصادر لـ"النشرة" الى ان الخبيرين جوزيف صبيح ومعه الخبير نعمة الله الخليل وضعا تقريرا مفصلاً حول واقع عقارات دير مار يوسف الحرف ومساحاتها وقيمتها، وقد جاء التخمين أدنى من القيمة الحقيقية لها.
"النشرة" حصلت على تقرير الخبيرين، وقد ربطا مهمتهما بالإطلاع على الاوراق والاستماع الى الفرقاء، الكشف على العقارات، تحديد ثمن المتر المربع، وأخذ رأي المستحقين بشأن اقتراح قسمة العقارات أو توزيعها على ضوء الاتفاقية الجارية بينهم بتاريخ 26/04/2013.
اتعاب المحاماة!
وعندما تصل الى النقطة الثالثة من التقرير التي تحمل "أتعاب محاماة" يصيبك الذهول إذ بحسب المتعارف عليه قانوناً فإنّ محامي أي جهة يمارس وظيفته عادةً يتقاضى أتعابه مبالغ ماليّة ثمن الوظيفة التي يقوم بها وتحدّد سلفاً، ولكن لم نسمع يوماً أن محامي يتقاضى ثمن أتعابه عقارات وهذا ما حصل فعلاً في قضية دير مار يوسف الحرف.
إذ يحدّد في التقرير أنّ "بدل أتعاب المحاماة ما نسبته 6% من كامل عقارات الوقف يوزّع مناصفة فيما بين محامي الفريق الأول الاستاذ جوزيف كرم (3%) ومحامي الفريق الثاني الاستاذ جوزيف صفير (3%) وتحسم من هذه الأتعاب مصاريف وأتعاب وبدل نقل وإنتقال المحكمة الخاصة بالأوقاف الذرية والخبير". هنا تسأل المصادر على أي "أساس حدّد 6% من كامل الاراضي؟، وهل يعقل أن محاميا يتابع موضوع الارض يتقاضى ثمن أتعابه حصّة من الاراضي التي يقوم بحلّ الخلاف فيها إضافة الى أن 6% من الاراضي يعني أنه أصبح شريكاً فيها"!.
البيع بحجة الركود الاقتصادي!
تصل المصادر الى النقطة السادسة من التقرير وتحديداً الى تخمين العقارات العائدة لدير مار يوسف الحرف، لافتة الى أنه "تمّ تخمين العقارات على اساس مراجعة جميع المعطيات الخاصة بكل عقار على حدى، وبعد السؤال في الدوائر العقارية ومالكي العقارات المجاورة أو اهل الخبرة في البلديات اضافة الى الاخذ بعين الاعتبار الركود الاقتصادي الحالي"، وتسأل المصادر "هل يعقل أن يتمّ تخمين عقارا استناداً الى الركود الاقتصادي أولاً"؟.
إذا، الاراضي خُمّنت وأخذ بعين الاعتبار الركود الاقتصادي وعوضا عن الحفاظ على الاراضي التي يفترض أنها تتبع للوقف يتم بيعها والتفريط بها!.