تتوالى إخفاقات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ما يُشكل انكساراً سياسياً يُمهد للاطاحة به من الحياة السياسية، وليس فقط رئاسة الحكومة الإسرائيلية التي يتولاها بشكل مُتواصل مُنذ العام 2009، بعدما كان قد سبق أن تولاها بين العامين 1996-1999، بل مُواجهة الدعاوى القضائية ضده، وهو خارجها، ما قد يقود به إلى السجن بين 3-10 سنوات.
فقد توصل رئيس «يش عتيد» يائير لبيد، قبل أيام من انتهاء مُهلة التفويض الممنوحة له تشكيل الحكومة، مع رئيس «يميننا» نفتالي بينيت وغالبية الكُتل في «الكنيست» الـ24، إلى توافُق على تشكيل «حكومة تغيير» تحظى بأغلبية 61 صوتاً، على أن تكون بالتناوب، فيتسلم رئاستها في الفترة الأولى بينيت حتى أيلول/سبتمبر 2023، ثم لبيد من ذلك التاريخ حتى تشرين الثاني/نوفمبر 2025.
بعد فشل نتنياهو بإخلاء أهالي الشيخ جراح في القدس المُحتلة اضطر لإجلاء مُستوطنيه إلى الملاجئ خلال عدوان «حارس الأسوار» الذي جوبه بـ«سيف القدس».
ورط نتنياهو الجميع إثر اخفاقه بتأليف حكومة خلال مُهلة 28 يوماً الممنوحة له من رئيس الكيان الإسرائيلي رؤوفين ريفلين لتشكيلها لعدم تمكنه من تأمين 61 صوتاً من أصوات الـ«كنيست»، على الرغم من الإغراءات والعروضات التنازلات التي سارع إلى تقديمها، ولم يستثنِ منها أحداً!
أدت جشاعة نتنياهو برئاسة الحكومة إلى جُمود سياسي، هو الأول الذي يشهده الكيان الإسرائيلي، ما أدى إلى إجراء 4 جولات انتخابية لـ«الكنيست» خلال أقل من عامين، في ظاهرة غريبة عن الحياة السياسية في الكيان الإسرائيلي.
هذا على الرغم من الإغداقات التي استفاد منها نتنياهو من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، التي أمعنت بالسرقة والقرصنة والبلطجية بمنح الكيان الإسرائيلي مزيداً من الهبات في إطار «صفقة القرن»، التي ثُبُت عدم جدواها، في ظل حرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة، فكانت وحدة الموقف الفلسطيني شاملة ولافتة في الأراضي المُحتلة مُنذ العام 1948، والضفة الغربية وقطاع غزة، وحيث تواجد اللاجئين في الشتات، الذين أجمعوا على قلب رجل واحد دفاعاً عن الأقصى والقدس.
عقد لبيد وبينيت الاجتماع الأول مُنذ العدوان على غزة، وذلك بعد تقدم لبيد بالمُفاوضات مع رؤساء الأحزاب في «كُتلة التغيير» التي كان مُنسقاً تفاهماتها بينه وبين بينيت.
توافقت 7 أحزاب إسرائيلية، من اليمين المُتطرف والوسط واليسار، على أن معركتها هي مع نتنياهو، وتصر على تغيير حكمه، على الرغم من أن التوافق بين هذه الأحزاب المُتباينة الطروحات، يجعل من امكانية استقالة الحكومة وارداً في أي لحظة، والتوجه إلى انتخابات جديدة، لكن لا يكون فيها نتنياهو رئيساً للحكومة!
هذا التوافُق يعني تمكن بينيت ولبيد من تشكيل حكومة تحظى بأغلبية 61 صوتاً، مدعومة من «يش عتيد» برئاسة لبيد 17 صوتاً، «أزرق - أبيض» برئاسة بيني غانتس 8 أصوات، «إسرائيل بيتنا» برئاسة أفيغدور ليبرمان 7 أصوات، «يميننا» برئاسة بينيت 7 أصوات، «العمل» برئاسة ميراف ميخائيلي 7 أصوات، «ميرتس» برئاسة نيتسانهو روفيتس 6 أصوات و«أمل جديد» برئاسة جدعون ساعر 6 أصوات.
ومدعومة بـ5 أصوات من «القائمة العربية المُشتركة» برئاسة أيمن عودة، بعدما كان العضو السادس من «التجمع الوطني الديمُقراطي» سامي أبو شحادة امتنع عن تسمية لبيد.
هذا التكُتل يحظى بدعم 63 صوتاً، وحتى لو لم تُعلن «القائمة المُوحدة» (الجبهة الإسلامية) برئاسة منصور عباس 4 أصوات انضمامها إلى الحكومة، فإنه باستطاعتها نيل ثقة «الكنيست».
هذا علماً بأن العلاقة بين لبيد وعباس جيدة، وتُرجمت خلال انتخابات تشكيل اللجنة المُنظمة لـ«الكنيست» بتصويت «القائمة المُوحدة» مع مقترح «يش عتيد».
يبقى حتى الآن مع نتنياهو 52 صوتاً يُمثلون «الليكود» الذي يرأسه 30، «شاس» برئاسة أرييه درعي 9، «يهوديت هتوراه» برئاسة موشيه غافني 7 و«الصهيونية الدينية» برئاسة بتسلئيل سموتريتش 6، وعلى الرغم من إغراءات نتنياهو لأعضاء في «يميننا» بما يضمن من مواقع هامة في الحكومة أو على قائمة «الليكود» لخوض الانتخابات المُقبلة، فإنه لن يتمكن من تأمين أغلبية 61 صوتاً، حيث يتوقف عداد أصواته على 59 صوتاً.
كما فشل نتنياهو باستمالة ساعر إليه، والاستفادة من أصوات «أمل جديد» الـ6، بعدما عرض دورة ثلاثية للتناوب على رئاسة الحكومة، على أن يكون ساعر الأول بالتناوب لمدة 15 شهراً وبنيت سنة ونصف السنة ونتنياهو سنتان.
لكن هذا الطرح رفض.
يعتبر بينيت أن «مُعسكر اليمين أو جُزءً منه على الأقل سينضم إلينا عندما تهدأ العاصفة».
وعلق نتنياهو على توافُق لبيد وبينيت، بالقول: «إنها عملية احتيال لا يُمكن تصورها».
وسينتخب «الكنيست» رئيساً للكيان الإسرائيلي يوم بعد غد (الأربعاء)، حيث يتنافس على الرئاسة رئيس الوكالة اليهودية يتسحاق هرتسوغ، والحائزة على «جائزة إسرائيل» الرائدة في مجال التربية والتعليم مريام بيرتس.
ويتولى الرئيس الجديد منصبه في شهر تموز/يوليو المُقبل، لولاية مُدتها 7 سنوات.
هذا، وفي إطار مساعي مصر للتهدئة وإعادة إعمار قطاع غزة، التقى رئيس جهاز المُخابرات العامة المصرية الوزير اللواء عباس كامل والوفد المُرافق له، أمس (الأحد) مسؤولين فلسطينيين وإسرائيليين.
فقد التقى رئيس دولة فلسطين محمود عباس، بمقر الرئاسة في مدينة رام الله.
وتم استعراض آخر المستجدات المتعلقة بالتهدئة الشاملة، بما يشمل القدس والضفة وغزة، وإعادة إعمار قطاع غزة، وملف الحوار الوطني الفلسطيني، والأفق السياسي الذي يعتبر مدخلاً للاستقرار والأمن والسلام في المنطقة.
وكان كامل قد التقى قبل ذلك، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مقر إقامة الأخير في القدس.
وأثار نتنياهو مطلب «إسرائيل» بضرورة عقد صفقة تبادل أسرى.
وانتقل اللواء كامل إلى قطاع غزة، حيث يستعرض خلال لقائه مسؤولي «حماس» والفصائل الفلسطينية في القطاع، ملف التهدئة وإعمار غزة، وسلسلة من المشروعات التي ستساهم في انعاش اقتصاد غزة.
تزامناً كان وزير الخارجية المصري سامح شكري يلتقي وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكنازي، في أول زيارة رسمية لمسؤول إسرائيلي منذ 13 عاماً.