تُواصل مصر جُهودها على الخط الفلسطيني - الإسرائيلي، من أجل تثبيت وقف إطلاق النار والتهدئة، وإعادة إعمار قطاع غزة، وإنجاز صفقة تبادل بين الجُنود الإسرائيليين الأسرى لدى حركة «حماس» والأسرى الفلسطينيين في سُجون الاحتلال.
فقد حط صباح أمس (الاثنين) مُوفد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس جهاز المُخابرات العامة المصرية الوزير اللواء عباس كامل، الرحال في قطاع غزة، في أول زيارة له مُنذ توليه هذا المنصب في العام 2018.
وصل الوزير كامل على رأس وفد من المُخابرات المصرية من رام الله، والتقى مسؤولي حركة «حماس» وقادة الفصائل والقوى الوطنية في القطاع. وعُلم أن مصر والسلطة الفلسطينية قد توافقتا على أن تكون عملية إعادة إعمار قطاع غزة من خلالهما بالتنسيق مع الأُمم المُتحدة، مع رفض إنشاء أي هيئة مُستقلة تتولى إدارة تحويل الأموال ومواد البناء المُتعلقة بقطاع غزة.
وتُبدي مصر اهتماماً بأن تتولى شركات المُقاولات المصرية تنفيذ المشاريع الكبرى في غزة، واستيراد مواد البناء إلى القطاع عبر «معبر رفح» البري بإشراف مصري. وتسعى مصر إلى فصل عملية إعادة الإعمار عن صفقة تبادل الأسرى، التي تُحاول سُلطات الاحتلال الإسرائيلي ربطهما ببعضهما البعض، على اعتبار أن الاحتلال ما زال يرفُض الإفراج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين في سُجونه، خاصة أصحاب المحكوميات العالية، أو من يتهمهم الاحتلال بأن أيديهم مُلطخة بدماء إسرائيليين، مُقابل إطلاق «حماس» سراح الأسرى الإسرائيليين لديها.
كما تُركز مصر على أهمية الحوار الفلسطيني، بإنجاز المُصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام.
وكان الوزير كامل قد سلم رئيس دولة فلسطين محمود عباس، خلال لقائه به بمقر المُقاطعة في رام الله، رسالة من الرئيس السيسي، الذي أكد فيها دعمه ومُساندته للشعب الفلسطيني بالفعل قبل القول.
وشدد على «أن القضية الفلسطينية ستبقى على رأس اهتمامات الدولة المصرية، التي تحرص على مُقدرات الشعب الفلسطيني، ودعم قضيته ودعم الرئيس عباس». وأشار الرئيس المصري إلى «أهمية اتخاذ كل ما يلزم من إجراءات لضمان عدم تكرار التصعيد»، مُؤكداً على «دفع الجُهود لإنهاء الانقسام الفلسطيني».
ووصل رئيس المُخابرات المصرية صباح أمس، إلى «فندق المشتل» في غزة، حيث كان في استقباله عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» أحمد حلس ورئيس حركة «حماس» في قطاع غزة يحيى السنوار. وعقد لقاء مُشتركاً مع الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، ظهر فيه مُتوسطاً حلس والسنوار.
كما عقد الوزير كامل لقاءً مع وفد حكومي فلسطيني برئاسة نائب رئيس الوزراء زياد أبو عمرو.
وضم اللقاء إلى جانب أبو عمرو، كلا من: وزيرة الصحة مي الكيلة، وزير الأشغال العامة والإسكان محمد زيارة، وزير الحكم المحلي مجدي الصالح، وزير الزراعة رياض العطاري ووزيرة شؤون المرأة آمال حمد. بحث خلال اللقاء ملف إعادة إعمار قطاع غزة، ومُواصلة الحوار من أجل تحقيق المُصالحة، وتشكيل حكومة وفاق وطني قادرة على إدارة شؤون البلاد والتعامل مع ملف إعادة الإعمار وتحظى بقبول ودعم دوليين.
وشكر الوفد الحكومي، جمهورية مصر العربية على ما قامت به من جهود من أجل تحقيق التهدئة، مُطالباً بتثبيت التهدئة وتوسيعها لتشمل القدس والضفة الغربية، بالإضافة لقطاع غزة. كما رحب الوفد بالجهود التي تبذلها جمهورية مصر العربية لإعادة إعمار قطاع غزة، بالتعاون الوثيق مع السلطة الوطنية الفلسطينية. وأكد أبو عمرو «أن الحكومة الفلسطينية الراهنة، أو أي حكومة مُستقبلية ستكون على أهبة الاستعداد للقيام بمسؤولياتها في تحقيق الوحدة الوطنية وإعادة الإعمار في قطاع غزة على أكمل وجه». وقد وضع الوزير كامل لاحقاً، حجر الأساس لبناء «حي سكني» في قطاع غزة، بإشراف وتمويل مصري، حيث جرى تفقد الموقع المُقرر لإنشاء الحي السكني، والواقع في منطقة «الزهراء» - جنوبي مدينة غزة. وأوضح السنوار أن «المصريين، ناقشوا مع الفصائل الفلسطينية، ملف الإعمار والمنح الدولية لغزة؛ لإعادة الإعمار، حيث يتحدث العالم والمصريون أنهم يُريدون أن يجعلوا قطاع غزة كدبي». وأشار إلى أنه «يُوجد مناخ دولي وبيئة دولية داعمة للفلسطينيين، ويجب أن نستغلها أحسن استغلال».
وبشأن ملف تبادل الأسرى، أكد السنوار «أن المُقاومة الفلسطينية فرضت نفسها على العدو، وستكون هناك صفقة للإفراج عن الأسرى، وهذا الملف شهد حراكات خلال الفترة الماضية، لكن توقف بسبب ما يعيشه الاحتلال من عدم وجود حكومة مُستقرة، ونحن جاهزون لمُفاوضات عاجلة».
وأضاف: «نرفض رفضاً قاطعاً أي اشتراطات بموضوع تبادل الأسرى، ولا علاقة لهذا الموضوع بأي تخفيف او أي إعمار أو كسر حصار لغزة، ولا مانع لدينا أن يسير المساران بشكل مُتوازٍ، لكن أيّ ربط بينهما هو مرفوض رفضًا قاطعاً».
وختم السنوار: «واثقون أننا قادرون على انتزاع حقوقنا، وسجلوا على لساني رقم 1111، وستذكرون هذا الرقم جيداً». وقد جرى تفسير ذلك على أنه إشارة إلى ما يتعلق بصفقة تبادل أسرى مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي، قد تشمل تحرير 1111 أسيراً فلسطينياً من سجون الاحتلال.
وكانت قد جرت صفقة تبادل للأسرى، بوساطة مصرية، حملت اسم «وفاء الأحرار»، أفرجت خلالها حركة «حماس» عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، بعد أكثر من 5 سنوات لاحتجازه، مُقابل افراج سلطات الاحتلال عن 1027 أسيراً فلسطينياً، على دفعتين بتاريخ 18 تشرين الأول/أكتوبر و18 كانون الأول/ديسمبر 2011، بينهم السنوار. إلى ذلك، لوحظ أن قوات (G.I.S) تشرف على الترتيبات الأمنية للوزير كامل، وهي تُمثل جهاز المُخابرات العامة المصرية، وتسميتها تضم الأحرف الأولى من General Intelligence Security. تتخصص هذه القوات في مُكافحة الإرهاب، ويتم استخدامها في العمليات الكبرى التي تهدف لتأمين وصول شخصيات رسمية، أو مطلوبين للأمن المصري بجرائم إرهابية.
وكان الظهور الأول لهذه القوات قد برز خلال العام 2019، أثناء القبض على المطلوب للقاهرة - آنذاك - هشام عشماوي، الذي سلمته قوات «الجيش الوطني الليبي» التي يقودها المُشير خليفة حفتر. هذا، وبتوجيهات من الرئيس السيسي، وصلت 52 شاحنة مُحملة بالمُساعدات الإنسانية هدية من شعب مصر لسكان قطاع غزة.
في غضون ذلك، يُواصل رئيس حزب «يش عتيد» يائير لبيد ورئيس حزب «يميننا» نفتالي بينيت وضع اللمسات الأخيرة للإعلان عن «حكومة التغيير»، في ضوء تذليل بعض العقبات التي تعترض توزيع الحقائب، حيث يتوقع أن يتم ذلك قبل انتهاء مُهلة التفويض الممنوحة للبيد مُنتصف ليل غد (الأربعاء).
وجرت اتصالات من قبل الائتلاف، مع «القائمة العربية المُوحدة» (الجبهة الإسلامية) برئاسة منصور عباس، بهدف كسب أصواتها الـ4 لدعم الحكومة.
وكانت «القائمة العربية المُشتركة» برئاسة أيمن عودة، قد أعلنت عن تأييد 5 أعضاء فيها للحكومة، باستثناء النائب عن «التجمُع الوطني الديمُقراطي» سامي أبو شحادة، الذي سيُعارضها.
من جهته، يُبدي نتنياهو جُهوداً مُضنية في اللحظات الأخيرة لمنع بينيت ولبيد من تشكيل حكومة، بمُواصلة ضُغوط على نواب «يميننا» لتغيير موقفهم.