أشار الوزير السابق موريس صحناوي، في حديث مع الزميل جاد غصن عبر صفحته على يوتيوب، إلى أن حجم القطاع المصرفي في التسعينيات، بالنسبة إلى حجم الإقتصاد اللبناني، لم يكن طبيعياً، لافتاً إلى أن لبنان لم يكن بحاجة إلى هذا العدد والحجم من المصارف، كاشفاً أنه أبلغ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة حينها بأنه من الضروري أن تخرج تلك المصارف إلى الخارج.
وأوضح صحناوي أن سلامة وضع حاجزاً أمام ذلك، وكان على حق بسبب ما حصل مع المصارف التي ذهبت إلى الخارج، حيث اشترط بأن لا تخرج إلا بأموال جديدة ومستقلة عن تلك الموجودة في لبنان، مشيراً إلى أن المصارف كانت تفتح المزيد من الفروع من أجل الحصول على المزيد من الودائع من المواطنين لأنها كانت تمول الدولة، لافتاً إلى أن كمية الودائع لا تميز بين المودع الصغير والكبير، بل كان هناك طلباً في التوظيف في تمويل الدولة.
وأشار صحناوي إلى أن لبنان يتميز بوجود عملتين: الليرة اللبنانية والدولار الأميركي، لافتاً إلى أن هذا الأمر غير معتمد في أي دولة أخرى، موضحاً أنه "حتى المصارف مسموح لها بأن يكون لديها رأسمال بالليرة اللبنانية وبالدولار الأميركي"، لافتاً إلى أن "الدولة إختارت الإستدانة بالدولار لأنها كانت العملة المتوفرة ولا يمكن الذهاب إلى طبع ليرة".
ورداً على سؤال، اعتبر صحناوي أن المصارف كان يجب أن تدرك أن الدولة ليس لديها موارد بالدولار كي تسدد الديون، قائلاً: "أنا أعرف أن رياض سلامة كان يدرك ذلك، لكن لأسباب ما لعب اللعبة حتى النهاية والحق على الجميع"، مضيفاً: "لست محامياً له لكنه كان واعياً لهذا الأمر".
وفيما يتعلق بمرحلة 2001 و2002 والإعداد لمؤتمر باريس 2، أشار صحناوي إلى أن "عجز الدولة كان في مكان بعيد عن المكان الذي وصلنا إليه"، موضحاً أن "الدين بالنسبة إلى حجم الناتج المحلي كان 100%، بينما اليوم أصبح الدين أصبح أكبر من حجم إقتصادنا 170%، وعندما نكون فوق 140% يعني أننا دخلنا في مرحلة الخطر".
وأوضح أن رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري كان لديه حلم بأن يجعل لبنان جنة سياحية ومصرفية، وهذا الأمر يحتاج إلى مساعدات من أجل خلق الثقة، مجدداً التأكيد بأن "سلامة كان واعياً لما يحصل لكن لماذا لم يقم بأي أمر لا أعرف"، موضحاً أنه كان مطلوب من حاكم مصرف لبنان تحضير ورقة باريس 2 وطلب منه المشاركة، لافتاً إلى أن هدفه كان خفض الدين أو زيادة الإنتاج، وزيادة الإنتاج يتطلب خفض الفوائد الأمر الذي كان يتطلب أن يكون لدى مصرف لبنان إحتياطي كبير، مضيفاً: "كان لديه 500 مليون أو مليار دولار، واتفقنا أنه يجب أن يصل إلى 10 مليار دولار"، متابعاً: "وصلنا إلى رقم 8 مليار دولار لكن أصريت على سلامة ضرورة العمل على خفض الفوائد".
في هذا الإطار، أوضح صحناوي أن "لبنان خلق منذ 100 عام مع خلل جيني، حيث وجدنا بدولة طوائف مختلفة والقرار يتخذ من الجانبين وأصبحنا مع 3 جهات وهذا أمر مستحيل"، لافتاً إلى أن "لبنان لم يمت بسبب أمرين: 80% من اللبنانيين يريدون أن يبقى لبنان كما هو ولا يريدون تغييره، كما أن لدينا ثقافة مختلفة عن كل ثقافة المنطقة هي الديمقراطية والليبرالية"، مضيفاً: "هذا الأمر هو الذي سمح للبنانيين بأن ينجحوا في الخارج لأن لديهم تفكير منفتح".
وأشار صحناوي إلى أن "هاذين الأمرين يموتان في الوقت الحالي ويجب العمل على إعادة تقويتهما، وبالتالي البحث عن كيفية معالجة المشكلة منذ وجود دولة لبنان"، لافتاً إلى أن "الحريق لا يزال حتى الآن إقتصادي مالي وليس هناك من يعمل على إخماده"، موضحاً أن "هناك مشكلة أخرى يعاني منها لبنان تكمن بأنه موجود في منطقة مشتعلة، وبالتالي يجب أن يتم إخماد البركان في المنطقة لكن هذا الأمر ليس بيدنا".
ولفت صحناوي إلى أن الكثيريين يراهنون على أن "الحل في المنطقة سيكون له تداعيات في لبنان، لكن يجب أن نبدأ بالتفكير كيف نكون حاضرين عندما تحل المشكلة في الخارج كي نخرج من الأزمة بأقل قدر ممكن من الخسائر"، مؤكداً أن "الدولة التي صورتها مجموعة طوائف لا يمكن أن تركب في أي مكان وليس فقط في لبنان"، ومعتبراً أنه "يجب أن نتجه إلى دولة مدنية وبحال أظهرنا لمن يريدون مساعدتنا أن هذا هو الإتجاه سيتحدثون معنا أكثر"، قائلاً: "الدولة الطائفية لا تسطيع أن تعيش لأن أي دولة تحترم نفسها تضمن التساوي بين المواطنين، بينما الدولة المدنية تضمن وحدة القرار والمساواة بين المواطنين".
وأشار صحناوي إلى أنه "بحال لم نقم بذلك ذاهبون إلى لا مركزية، واللامركزية برأسهم قد تكون فيدرالية أو كونفيدرالية، حسب تطور ما يحصل في المنطقة وبالتالي تفتيت لبنان"، معتبراً أنه "بحال تفتت لبنان نكون قد ذهبنا إلى الموت، لأن الدول الطائفية لن تكون قادرة على العيش لأنه لن يكون لها مكونات البقاء"، مشدداً على أن "المطلوب دولة مركزية قوية ومدنية".
وأوضح صحناوي أن "الوزير السابق شربل نحاس في الحركة التي لديه (حركة مواطنون ومواطنات) لديها رؤية جيدة، تقوم على إدخال الفيروس المدني إلى مجلس النواب كي يكبر، وبالتالي أي حكومة قد تشكل الآن لربح الوقت لا بأس بها، لكن يجب أن يكون لديها صلاحيات إستثنائية من أجل أخذ 3 قرارات: الأول شطب القيد الطائفي، الثاني منح الحق لمن يريد إعادة تسجيل ذلك، الثالث هو منح الحق لمن يريد أن يترشح للإنتخابات النيابية على أساس مدني لا طائفي"، مضيفاً: "من خلال إدخال هذا الفيروس نكون قد أظهرنا للخارج أننا أدركنا أنه لا يمكن أن نبقى في دولة لا يتساوى فيها المواطنون، وبأن القرار لا يمكن أن يبقى طائفياً".
ودعا صحناوي كل من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري و"حزب الله" ورئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية إلى تشجيع أن يكون من مهمة الحكومة الجديدة النقاط الثالث المذكورة في الأعلى، لافتاً إلى أنه "بعد ذلك نكون في طور تحضير أنفسنا للمستقبل ولا تكون الحكومة لربح الوقت فقط"، لافتاً إلى أن هناك من يرى أن من مصلحة الزعماء السياسيين تأييد هذا الطرح لأن الهيكل يسقط عليهم، مشدداً على أن المطلوب أفعال لا مواقف في هذا المجال، وبالتالي يجب أن يعوا أن هذا هو الحل الأفضل بالنسبة لهم.
وتوجه صحناوي إلى المسؤولين واللبنانيين بالقول: "فكروا لبنانياً لأن بهذه الطريقة تصبح أهمية الطائفة أقل، وإذا قالوا أنهم يفعلون ذلك عليهم أن يبرهنوا ذلك، لأنه بهذه الحالة تصبح ثقته بهم أكبر".