اشار البطريرك الماروني بشارة الراعي الى ان "المسؤولين في هذه الأيام العصيبة يحاولون انقاذ أنفسهم ومصالحهم لا إنقاذ الوطن. ويتصرفون وكأنه لا يوجد شعب، ولا دولة، ولا نظام، ولا مؤسسات، ولا اقتصاد، ولا صناعة، ولا تجارة، ولا فقر، ولا جوع، ولا بطالة، ولا هجرة. يتصارعون في ما بينهم كأن السياسة هي تنظيم الاتفاق والخلاف في ما بينهم، لا تنظيم حياة المجتمع، وإدارة شؤون المواطنين، والحفاظ على المؤسسات الدستورية، وتوفير الأمن والاستقرار والتعليم والضمانات والعزة والكرامة. لا يعنيهم الشعب الذي ما عاد يحتمل الذل والقهر والعذاب، لا أمام المصارف والصرافين، ولا أمام محطات الوقود والأفران، ولا أمام الصيدليات والمستشفيات، ولا أمام شركات السفر التي فرض عليها أن تسعر، خلافا للقانون، بطاقات السفر بالدولار نقدا".
وخلال القداس الالهي في الذكرى الثامنة على تكريس لبنان لقلب مريم الطاهر من بازيليك حاريصا، اعتبر الراعي "ما عاد هذا الشعب يحتمل السكوت على جريمة تفجير مرفأ بيروت وقد مضت عشرة أشهر على حدوثها. ومع هذا كله، برزت بارقة أمل صغيرة في اليومين الماضيين بتجاوب المصارف مع قرار المصرف المركزي ببدء تسديد قليل من أموال المودعين تدريجا. أمام هذا الواقع نتساءل: هل وراء الأسباب الواهية لعدم تأليف الحكومة، نية عدم إجراء انتخابات نيابية في أيار المقبل، ثم رئاسية في تشرين الأول، وربما نية إسقاط لبنان بعد مئة سنة من تكوينه دولة مستقلة، ظنا منهم أنهم أحرار في إعادة تأسيسه من جديد، متناسين أنه أعرق وطن، وأبهى أمة، وأجمل دولة عرفها الشرق الأوسط والعالم العربي؟ لكننا، لن نؤخذ بالواقع المضطرب والقوة العابرة. فنحن شعب لا يموت ولو أصبنا في الصميم. ولذا، لن نسمح لهذا المخطط أن يكتمل. لن نسمح بسقوط أمتنا العظيمة. لن نسمح بتغيير نظام لبنان الديمقراطي. لن نسمح بتزوير هوية لبنان. لن نسمح بتشويه حياة اللبنانيين الحضارية. لن نسمح بالقضاء على الحضارة اللبنانية. لن نسمح باستمرار توريط لبنان في صراعات المنطقة. فعندما لم يتم احترام: لا شعار لا شرق ولا غرب، ولا التحييد، ولا حتى النأي بالنفس، طرحنا إعلان نظام الحياد الناشط بكل أبعاده الدستورية. وعندما بات الإنقاذ الداخلي مستحيلا، طالبنا بمؤتمر دولي خاص بلبنان برعاية منظمة الأمم المتحدة".
ولفت الراعي الى انه "في حالتنا الإنسانية البائسة نتوجه إلى منظمة الأمم المتحدة كي تتدخل لإنتشال لبنان من الإنهيار والإفلاس. ونناشد منظمة الصحة العالمية أن تضع يدها على الواقع الصحي في لبنان وتستجيب لحاجاته من دواء ومواد طبية. وفيما نقدر للدول الصديقة، مساعدتها الجيش الذي يشكل صمام الأمان للبنان، خصوصا في الأزمنة العصيبة، نتمنى على هذه الدول الالتفات نحو الشعب أيضا ليبقى صامدا إلى جانب جيشه. أما في الداخل فلا بد من تنظيم الشعب مناطقيا. ومن أن جميع المؤسسات العامة والخاصة تنتظم في ورشة عمل لإنقاذ المجتمع. إننا نكل إلى قلب مريم العذراء الطاهر، سيدة لبنان، وطننا وبلدان الشرق الأوسط، مع كل ما نحمل من آمال وأمان، راجين أن ترفعها إلى العرش الإلهي، ونحن نرفع نشيد المجد والتسبيح للثالوث القدوس، الآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".